ديوان شعر الأمام علي
عليه السلام
قريح القلب من وجع الذنوب
نَحِيْلُ الجِسْمِ يَشْهَقُ بالنَّحِيْبِ
أضر بجسمه سهر الليالي
فصار الجسم منه كالقضيب
وَغَيَّرَ لَوْنَه خَوْفٌ شَدِيْدٌ
لما يَلْقَاهُ مِنْ طُولِ الكُرُوبِ
يُنادي بالتَّضَرُّعِ يا إلهي
أَقِلْني عَثْرتي واسْتُر عُيوبي
فزعت إلى الخلائقِ مستغيثاً
فلم أرَ في الخلائق من مجيب
و أنت تجيب من يدعوك ربي
وَتَكْشِفُ ضُرَّ عَبْدِكَ يا حَبيبي
و دائي باطن ولديك طب
وهَلْ لي مِثْلُ طبِّكَ يا طبيبي
دعْ ذكرهنَّ فما لهن وفاءُ
ريح الصبا وعهودهنَّ سواءُ
يَكْسِرْنَ قَلْبَكَ ثُمَّ لاَ يَجْبُرْنَهُ
و قلوبهنَّ من الوفاء خلاءُ
هي حالان شدة ورخاءِ
و سجالان نعمة وبلاءِ
و الفتى الحاذق الاديب اذا ما
خَانَهُ الدَّهْرُ لَمْ يَخُنْهُ عَزَاْءُ
إن ألمت ملمة بي فإني
في الملمات صخرة صماءِ
عَالِمٌ بِالبَلاَءِ عِلْما بأن لَيْسَ
يَدُومُ النَّعِيمُ والبَلْوَاْءُ
إذَا عَقَدَ القَضَاءُ عَلَيْكَ أَمْرا
فليس يحله إلا القضاءِ
فَمَا لَكَ قَدْ أَقَمْتَ بِدَارِ ذُلٍّ
وأرض لله واسعة فضاءِ
تَبَلَّغْ باليَسِيْرِ فَكُلُّ شَيْىء ٍ
من الدنيا يكون له انتهاء
نَصَرْنَا رَسُوْلَ اللِه لَمَّا تَدَابَرْوا
وثاب المسلمون ذوو الحجى
ضربنا غواة الناس عنه تكرماً
ولما يروا قصد السبيل ولا الهدى
ولمَّا أَتَانا بالهُدَى كان كُلُّنا
على طاعة الرحمنِ والحق والتقى
فإن كنت بالشوري ملكت أمورهم
فكيف بهذا والمشيرون غيَّبُ
وَإِنْ كُنْتَ بِالْقُرْبَى حَجَجْتَ خَصِيْمَهُم
فَغَيْرُكَ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ وَأَقْرَبُ
تغيرتِ المودة ُ والاخاءُ
و قلَّ الصدقُ وانقطعَ الرجاءُ
و أسلمني الزمانُ إلى صديقٍ
كثيرِ الغدرِ ليس له رعاءُ
وَرُبَّ أَخٍ وَفَيْتُ لهُ وَفِيٍّ
و لكن لا يدومُ له وفاءُ
أَخِلاَّءٌ إذا استَغْنَيْتُ عَنْهُمْ
وأَعداءٌ إذا نَزَلَ البَلاَءُ
يديمونَ المودة ما رأوني
و يبقى الودُّ ما بقيَ اللقاءُ
و ان غنيت عن أحد قلاني
وَعَاقَبَنِي بمِا فيهِ اكتِفَاءُ
سَيُغْنِيْنِي الَّذي أَغْنَاهُ عَنِّي
فَلاَ فَقْرٌ يَدُومُ وَلاَ ثَرَاءُ
وَكُلُّ مَوَدَّة ٍ للِه تَصْفُو
وَلاَ يَصْفُو مَعَ الفِسْقِ الإِخَاءُ
و كل جراحة فلها دواءٌ
وَسُوْءُ الخُلْقِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءُ
ولَيْسَ بِدَائِمٍ أَبَدا نعِيْمٌ
كَذَاكَ البُؤْسُ لَيْسَ لهُ بَقَاءُ
اذا نكرتُ عهداً من حميمٍ
ففي نفسي التكرُّم والحَيَاءُ
إذَا مَا رَأْسُ أَهْلِ البَيْتِ
وَلَّى بَدَا لَهُمُ مِنَ النَّاسِ الجَفَاءُ
أَلَمْ تَرَ قومي إِذْ دَعَاهُمْ
أَخُوْهُمُ أجابوا وإن أغضب على القوم يغضبوا
هم حفظوا غيبي كما كنت حافظاً
لقومي اخرى مثلها اذا تغيبوا
بنو الحرب لم تقعد بهم امهاتهم
و آباؤهم آباء ُ صدقٍ فأنجبوا
لعمرك ما الإنسان إلا بدينه
فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب
فقد رفع الاسلامُ سلمانَ فارسٍ
وَقَدْ وَضَعَ الشِّرْكُ الشَّرِيْفَ أَبَا لَهَبْ
إذا اشتملتْ على اليأس القلوبُ
وَضَاْقَ بِمَا بِهِ الصَّدْرُ الرَّحِيْبُ
وأوطنت المكارهُ واستقرت
وَأَرْسَتْ فِي أَمَاكِنِهَا الخُطُوْبُ
و لم ترَ لانكشاف الضرِّ وجهاً
و لا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاكَ على قنوطٍ منك غوثُ
يمنُّ به اللطيفُ المستجيبُ
و كلُّ الحادثاتِ اذا تناهتْ
فَمَوْصُولٌ بِهَا فَرَجٌ قَرْيَبُ
إِنِّي أَقُوْلُ لِنَفْسِيُ وَهْيَ ضَيِّقة ٌ
و قدْ أناخَ عليها الدهر بالعجبِ صبراً
على شدة الأيام إنَّ لها عُقْبَى
وَمَا الصَّبْرُ إلاَّ عِنْدَ ذِي الحَسَبِ
سيفتح الله عن قرب بنافعة ٍفَرْضٌ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَتُوُبوا
لَكِنَّ تَرْكَ الذُنُوبِ أَوْجَبْ
و الدهرُ في صرفهِ عجيبٌ
وَغَفْلَة ُ النَّاسِ فِيْهِ أَعْجَبْ
وَالصَّبْرُ في النَّائِبَاتِ صَعْبٌ
لَكِنَّ فَوْتَ الثَّوَابِ أَصْعَبْ
و كل ما يرتجى قريب
و الموت من كل ذاك أقرب
أنا ابن ذي الحوضين عبد المطلب
وَهَاشِمُ المُطْعِمُ فِي الْعَامِ السَغَبْ
أَوْفِي بِمِيْعَادِي وَأَحْمِي عَنْ حَسَبْ
أَبَا لَهَبٍ تَبَّتْ يَدَاكَ أَبَا لَهَبْ
وَتَبَّتْ يَدَاهَا تِلْكَ حَمَّالَة ُ الحَطَبْ
خذلت نبياً خير من وطئ
الحصى فَكُنْتَ كَمَنْ بَاعَ السَّلاَمَة َ بِالْعَطَبْ
و لحقت أبا جهل فأصبحت
تابعاً لَهُ وَكَذَاكَ الرَّأْسُ يَتْبَعُهُ الذَّنَبْ
فَأَصْبَحَ ذَاكَ الأَمْرُ عَارا يُهيلُهُ
عَلَيْكَ حَجِيجُ الْبَيْتِ فِي مَوْسِمِ العَرَبْ
ولو كان من بعض الأعادي محمد
لَحَامَيْتَ عَنْهُ بِالرِّمَاحِ وَبِالقُضُبْ
و لم يسلموه أويضرعْ حولهُ
رجال بلاءٍ بالحروب ذوو حسب
ذهبَ الوفاء ذهابَ أمس الذاهب
و الناسُ بين مخاتلٍ ومواربِ
يفشون بينهم المودة والصفا
و قلوبهم محشوة ٌ بعقاربِ
لا تطلبنَ معيشة ً بمذلة ٍ
وَارْبَأْ بِنَفْسِكَ عَنْ دَنِيِّ المَطْلَبِ
وَإذا افْتَقَرْتَ فَدَاوِ فَقْرَكَ بِالْغِنَى
عن كل ذي دنس كجلد الأجرب
فليرجعنَّ إليك رزقك كله
لَوْ كَاْنَ أَبْعَدَ مِنْ مَقَامِ الكَوْكَبِ
فإن تسألني كيف أنت
فإنني صبورٌ على ريب الزمان
صعيب حَرِيْصٌ على أنْ لا يُرى
بي كآبة ٌ فيشمتَ عادٍ أو يُساءَ حَبيبُ
يُغطي عيوب المرء كثرة ُ ماله
يُصَدَّقُ فِي مَا قَاْلَ وَهْوَ كَذُوْبُ
وَيُزْرِي بِعَقْل المَرْءِ قِلَّة ُ مَالِهِ
يحمقه الأقوام وهو لبيبُ
غَاْلَبْتُ كُلَّ شَدِيْدَة ٍ فَغَلَبْتُهَا
وَالْفَقْرُ غَاْلَبنِيْ فَأَصْبَحَ غَالبِي
إن أبدهِ يصفح وإن لم أبده
يَقْتُلْ فَقُبِّحَ وَجْهُهُ مِنْ صَاْحِبِ
فلو كانت الدنيا تنال بفطنة
و فضل وعقل نلت أعلى المراتب
وَلَكِنَّمَا الأَرْزَاقُ حَظٌّ وَقِسْمَة ٌ
بِفَضْلِ مَلِيْكٍ لاْ بِحِيْلَة ِ طَاْلِبِ
ليس البليّة ُ في أيامنا عجباً
بل السلامة فيها أعجب العجب
لَيْسَ الجَمَال بأَثْوابٍ تُزَيِّنُنَا
إن الجمال جمال العلم والأدب
ليس اليتيم الذي قد مات والده
إِنَّ اليَتيمَ يَتيمُ العِلْمِ والأَدَب
كن ابن من شئت واكتسب أدباً
يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ
فليس يغني الحسيب نسبته
بلا لسانٍ له ولا أدب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا
ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي
أَيُّها الفَاجِرُ جَهْلاً بِالنَّسَبْ
إنما الناس لأم ولأب
هل تراهم خلقوا من فضة
أم حديد أم نحاس أم ذهب
بل تراهم خلقوا من طينة
هَلْ سِوَى لَحْمٍ وعَظْمٍ وَعَصَبْ؟
إنما الفخر لعقلٍ ثابتٍ
وَحَيَاءٍ وَعَفَافٍ وَأَدَبْ
سَلِيْمُ العِرْضِ مَنْ حَذِرَ الجَوَابا
وَمَنْ دَارَى الرِّجَالَ فَقَدْ أَصَابا
ومن هاب الرجال تهيبوه
و من يهن الرجالَ فلن يهابا
إلبس أخاك على عيوبه
و استر وغط على ذنوبه
واصبر على ظلم السفيه
وللزَّمانِ عَلَى خُطُوبهْ
ودع الجواب تفضلاً
و كلِ الظلومَ إلى حسيبه
عِلْمِي غَزِيْرٌ وَأَخْلاَقِي مُهَذَّبَة ٌ
و من تهذب يروي عن مهذبه
لَوْ رُمْتُ أَلفَ عَدُوٍ كنْتُ وَاجِدَهُم
و لو طلبتُ صديقاً ما ظفرت به
إذا رمت أن تعلى فزر متواتراً
وإن شِئْتَ أنَّ تَزْدَادَ حُبًّا فزرْ غِبّا
منادمة الإنسان تحسن مرة
و ان اكثروا أدمانها أفسدوا الحبا
شَيْئانِ لَوْ بَكَتِ الدِّمَاءَ عَلَيْهِما
عينايَ حتى تأذنا بذهابِ
لم تبلغ المعشار من حقيهما
فقد الشباب وفرقة الأحباب
مالي وقفت على القبور مسلماً
قَبْرَ الحَبِيْبِ فَلَمْ يَرُدَّ جَوَابِي
أحبيبُ ما لك لا تردُّ جوابنا
أنسيتَ بعدي خلة الأحبابِ
قَالَ الحَبِيْبُ: وَكَيْفَ لِي بِجَوَابِكم
و انا رهين جنادل وتراب
أكل الترابُ محاسني فنسيتكم
و حجبت عن أهلي وعن أربابي
فَعَلَيْكُمُ مِنِّي السَّلاَمُ تَقَطَّعَتْ مني
ومنكم خلة الأحباب
هذا لكم من الغلام الغالبي
مِنْ ضَرْبِ صِدْقٍ وَقَضَاءِ الوَاجِبِ
وَفَالِقِ الهَامَاتِ وَالْمنَاكِبِ
أَحْمِي بِهِ قَمَاقِمَ الكَتَائِبِ
أبى الله إلا أن صفين دارنا
وَدَارُكُمُ مَا لاحَ فِي الأُفْقِ كَوْكَبُ
إلى أَنْ تَمُوتُواأَوْ نَمُوتَ وَمَا لَنا
و ما لكم من حومة الحرب مهرب
فِيْها لِمِثْلِكَ رَاحَاتٌ مِنَ التَّعَبِ
إذا جَادَتِ الدُّنيا عَلَيْكَ فَجُدْ بها
على الناس طراً إنها تتقلب
فَلاَ الجُودُ يُفْنِيْهَا إذا هِيَ أَقْبَلَتْ
ولا البُخْلُ يُبْقِيْها إذا هِيَ تَذْهَبُ
عَجِبْتُ لجَازِعٍ باكٍ مُصابِ
بأهل أو حميم ذي اكتئاب
يشق الجيب يدعو الويل جهلاً
كأنَّ المَوْت بالشيء العُجابِ
وَسَلوى الله فيهِ الخَلْقُ حتّى
نبيّ الله مِنْهُ لم يُحابِ
له ملك ينادي كل يوم
لدوا للموت وابنوا للخراب
حبيبٌ باتَ يأْسِرُني الحبيبُ
وَمَا لِسِوَاهُ في قَلْبِي نَصِيْبُ
حَبِيْبٌ غَاْبَ عَنْ عَيْنِي وَجِسْمِي
وَعَنْ قَلْبِي حَبِيْبِي لا يَغِيْبُ
لَوْ صِيْغَ مِنْ فِضَّة ٍ نَفْسٌ عَلَى قَدَرٍ
لعاد من فضله لما صفا ذهباً
ما لفتى حسب إلا إذا كملت
أخلاقه وحوى الآداب والحسبا
فاطلبْ فَدَيْتُكَ عِلْما وَاكْتَسِبْ أَدبا
تَظْفَرْ يَدَاكَ بِه واسْتَعْجِلِ الطَّلبا
للَّهِ دَرُّ فَتًى أنسابُهُ كَرَمٌ
يا حبذا كرمٌ أضحى له نسبا
هل المُروءة ُ إِلاَّ مَا تَقُوْمُ بِهِ
مِنَ الذِّمامِ وحِفْظِ الجَارِ إنْ عَتَبا
من لم يؤدبه دين المصطفى أدباً
مَحْضا تَحَيَّرَ في الأَحْوالِ واضطَرَبا
حقيق بالتواضع من يموت
و يكفي المرء من دنياه قوت
فما للمرء يصبح ذا همومٍ
وحِرْصٌ لَيْسَ تُدْرِكُهُ النُّعُوْتُ
فيا هذا سترحل عن قريبٍ
إلى قوم كلامهم سكوت
قَدْ كُنْتَ مَيْتا فَصِرْتَ حيّا
وَعَنْ قَلِيْلٍ تَصِيْرُ مَيْتا
بنيت بدار الفناء بيتاً
فَابْنِ بِدارِ البَقَاءِ بَيْتا
صبرتُ عن الملذات لما تولت
وأَلْزَمْتُ نَفْسِي صَبْرَها فَاسْتَمَرَّتِ
وَمَا المَرْءُ إِلاَّ حَيْثُ يَجْعَلُ نَفْسَهْ
فإن طمعت تاقت وإلا تسلت
إِنَّ القَليلَ مِنَ الكلامِ بأَهْلِهِ
حسنٌ وإن كثيرة ممقوتُ
ما زلّ ذو صمتٍ وما من
مكثرٍ إلا يزل وما يعابُ صموتُ
إنْ شُبِّة النُّطقُ المُبِينَ بفِضَّة ٍ
فالصمت درٌ زانه ياقوتُ
إنَّما الدُّنيا فَنَاءٌ
ليس للدنيا ثبوت
إِنّما الدُّنيا كَبَيْتٍ
نسجتهُ العنكبوت
وَلَقَدْ يَكْفِيكَ مِنْهَا
أيها الطالب قوت
و لعمري عن قليلٍ
كُلُّ من فيها يموتُ
ألم ترَ أنّ الدهر يومٌ وليلة ٌ
يكرّان من سبت جديد إلى سبت
فقل لجديد الثوب لا بد من بلى ً
و قل لاجتماع الشمل لا بد من شت
أَقُوْلُ لِعَيْنِي إِحْبِسي اللَّحَظَاتِ
ولا تنظري يا عين بالسرقات
فَكَمْ نَظْرَة ٍ قَادَتْ إلى القَلْبِ شَهْوَة ً
فأصبح منها القلب في حسرات
إذَا النَّائبات بَلَغْنَ المَدَى
و كادت تذوب لهنَّ المهجْ
و حلَّ البلاء وبان العزاء
فعند التناهي يكونُ الفرجْ
أَنا أَخُو المُصْطَفَى لاَ شَكَّ في نَسَبي
معه ربيت وسبطاه هما ولدي
جدي وجدُّ رسول الله متحدٌ
و فاطمُ زوجتي لا قول ذي فند
صَدَّقْتُهُ وَجَميعُ النَّاسِ في ظُلَمٍ
مِنَ الضَّلاَلَة ِ والإشْرَاكِ والنَّكَدِ
الْحَمْدُ للِه فَرْدا لاَ شَرِيْكَ
لَهُ البَرُّ بالعَبْدِ وَالْبَاقي بلا أَمَد
يا مؤثر الدنيا على دينه
والتَّائِهَ الحَيْرَانَ عَنْ قَصْدِهِ
أَصْبَحْتَ تَرْجُو الخُلْدَ فيها وَقَدْ
أبرز ناب الموت عن حده
هَيْهَاتَ إِنَّ المَوْتَ ذو أَسْهُمٍ
من يرمه يوماً بها يرده
لا يصلح الواعظ قلبَ امرءٍ
لَمْ يَعْزمِ اللَّهُ على رُشْدِهِ
تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ الْعُلُى
وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَة ٍ
وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصُحْبَة ُ مَاجِد
لاَ يَسْتَوي مَنْ يَعْمر المساجدا
ومن يبيت راكعا وساجدا
يدأب فيها قائماً وقاعداً
ومن يكر هكذا معاندا
و من يرى عن الغبار حائدا
مَضَى أَمْسُكَ الباقي شَهيدا معدَّلا
وأَصْبحْتَ في يَوْمٍ عَلَيكَ شَهِيْدُ
فإن كنت في الأمس اقترفت اساءة
فثنِّ باحسان وأنت حميدُ
و لا ترجُ فعل الخير يوماً إلى غد
لعلَّ غداً يأتي وأنت فقيدُ
و يومك إن عاينته عاد نفعه
إِلَيْكَ وَمَاضي الأَمْسِ ليس يَعُودُ
ذهب الذين عليهم وجدي
وَبَقِيْتُ بَعْدَ فِرَاقِهِمْ وَحْدِي
مَنْ كَانَ بَيْنَكَ في التُّرابَ وَبَيْنَه
شبران فهو بغاية البعد
لو كشفت للمرء أطباق الثرى
لم يعرف المولى من العبد
مَنْ كانَ لا يَطَأُ التُّرابَ بِرِجْلِهِ
يطأ التراب بناعم الحدِّ
ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم
اللَّهُ يَعلَمُ أَنّي لَم أَقُلْ فَنَدا
إني لأفتحُ عيني حين أفتحها
على كثيرٍ ولكن لا أرى أحداً
الموت لا والداً يبقى ولا ولداً
هذا السبيل إلى أن لا ترى أحدا
مات النبيُّ وَلَم يَخلُدْ لأُمَّتِه
لو خلّد الله خلقاً قبله خلدا
للموتِ فينا سهامٌ غير خاطئة
من فاتهُ اليوم سهم لم يفته غدا