جامع الحيدرخانة جامع من جوامع بغداد القديمة وهو مشهور يقع في شارع الرشيد، بناه حيدر باشا الجلبي بن محمد جلبي الشاه بندر المنسوب اليه والذي دفن فيه وعائلته فيما بعد ومن بعده أعاد بناءه وتوسيعه الوزير داود باشا والي بغداد عام 1234هـ/1819م، في عهد الدولة العثمانية، وفرغ من تعميره وبناءه عام 1242هـ/1827م، وشيد فيه مدرسة تدرس فيها العلوم العقلية والنقلية وسماها المدرسة الداودية، وعين فيها المدرسين من أفاضلعلماء عصره، وتصدر للتدريس فيها العلامة الشيخ عيسى البندنيجي، والشيخ محمود شكري الألوسي، وآخر من درس فيها الشيخ عبد المحسن الطائي، ثم ولده كمال الدين الطائي، وكانت حافلة بطلاب العلم والأدباء والفضلاء من أهل بغداد. وفيها مكتبة حَوَت مجموعات قيمة من كتب أعلام الأمة ومشايخها.
ثم تم تعميره على عهد السلطان العثماني محمود خان بن عبد الحميد وكان ذلك عام 1242هـ، وفي عام 1311هـ، أعيد تعميره مرة أخرى بأمر من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني. ولقد أنشأ داود باشا للجامع سقاية ذات شباك يطل على سوق الحيدر خانة يرتوي منها العطاشى. والجامع من أجمل وأتقن جوامع بغداد من الناحية الهندسية، وهو مربع البناء متناسب الزوايا والأرجاء، فرشه وأزاره من الرخام وأبوابه الثلاثة فخمة ومهيبة، ويحوي مصلى للصيف وآخر للشتاء، فمصلى الشتاء يعلو ذراعين عن الأرض وتعلوه قبة شامخة بالكاشي الملون حولها قبتان صغيرتان ومنارة عالية. أما مصلاه الصيفي فإنّ فيئه وقاية للمصلين من الشمس، وفي الجامع حجرات لسكن القائمين على شؤونه وللمؤذن وطلاب العلم.
وفي عام 1920م، أجتمع في هذا المسجد أعيان بغداد وأنطلقت منه بداية أحداث ثورة العشرين. ولقد أتخذ الملا عثمان الموصلي من الجامع مكاناً له، ولبث خطبه، وتحريك الناس نحو الثورة، حيث جعل من ساحة الجامع موقعا لتجمع يومي للناس.
وأقيمت في الجامع الاحتفالات الدينية والأدبية والمحلة المحيطة به أخذت أسمها منه فعرفت بمحلة الحيدر خانة وقد سكنها أشراف بغداد وأنجبت العلماء والأدباء.