جامع الخلفاء هو مسجد يقع في بغداد عاصمة العراق بناه الخليفة علي المكتفي بالله لكي يكون المسجد الجامع لصلاة الجمعة في شرقي القصر الحسني، وكان يعرف بجامع القصر، ثم أطلق عليه اسم جامع الخليفة، وسمي بجامع الخلفاء في الفترة الأخيرة، وهو من معالم بغداد التأريخية، وتم بناءه في عام(289-295هـ، 902-908م)، وذكره الرحالة ابن بطوطة عند زيارته لبغداد علم 727هـ، 1327م. وهو يقع في محلة سوق الغزل قرب الشورجة، ومنارة جامع الخلفاء، من المآذن التأريخية والمتميزة بعمارتها، وهي الأثر المعماري الوحيد الباقي من دار الخلافة العباسية ومساجدها، وقد بنيت هذه المنارة قبل أكثر من سبعة قرون، وهي من الآجر فقط، وتبدو النقوش المحيطة بالسطح الدائري بأشكالها المعينية البسيطة، كما لو كانت قد صففت لتبرز من خلال الظلال المتباينة في الخط الآجري. وكانت تعتبر أعلى منارة يمكن رؤيةبغداد من على مأذنتها، وكان ارتفاعها خمسة وثلاثون مترا، وهي تعبر عن جلال بناء قصور الخلافة العباسية ولقد سقطت المنارة وهدم الجامع عام 670هـ، 1271م، وأعيد بنائهما في 678هـ، 1279م.
وسميت بمنارة سوق الغزل لأن الجامع قد قطعت أرضه وأنشيء في أحد جوانبه الشرقية سوق للغزل، ثم سقطت وأعيد بنائها من قبل الوالي العثماني سليمان الكبير (1193هـ - 1217هـ) ،(1779م -1802م)، وشيد كذلك جامعا في غرب المنارة، ويعرف بجامع سوق الغزل بقي قائما حتى عام 1957م، حيث تم هدمه لأجل فتحشارع الجمهورية، الذي يمر في سوق الشورجة.
وقد شيد الوالي سليمان باشا في جامع سوق الغزل مدرسة علمية يدرس فيها العلوم العقلية والنقلية وقد تصدر للتدريس فيها علماء بغداد وأعيانهم ومنهم الشيخ يحيى الوتري والشيخ عبد الله الموصلي، ثم أبنه محمد افندي الموصلي، ثم زالت معالمها وتم تهديمها عند بناء وفتح شارع الجمهورية.
وجامع القصر أو جامع الخليفة كان يعتبر أحد الجوامع الثلاثة الكبيرة في بغداد (الأثنان الآخران هما جامع المنصور وجامع الرصافة)، وكانت تقام فيه وفي غيره صلاة الجمعة خلال القرون الأربعة الأخيرة من الخلافة العباسية، وكان الجامع الرسمي للدولة العباسية ففيه تقرأ عهود القضاة ويصلى على جنائز الأعيان والعلماء، وتعقد فيه حلقات العلم للفقهاء والمحدثين والمناظرين، وفي رحبته كانت تبين مظاهر الحياة الأجتماعية والتجارية لأهل بغداد، وقد ذكر العلامة محمود شكري الآلوسي في كتابه (تاريخ مساجد بغداد وآثارها)، أن هذا الجامع أنشيء على عهد الخليفة العباسي المهدي في سنة 159هـ، وهذا خلاف الواقع المخطط لبغداد والتأريخ، لأن المهدي إنما أنشأ الجامع المعروف بجامع الرصافة وهو يقع في جنوب مقبرة أبي حنيفة النعمان (مقبرة الخيزران)، ثم إنه لم يكن العمران قد وصل في عهد المهدي إلى هذه المنطقة التي أنشيء فيها جامع القصر.
كما ويوجد حول الجامع سياج من حديد يعد اية من ايات الفن والابداع في هذا المجال حيث طلب الشيخ جلال الدين الحنفي من شيخ الحدادين في بغداد وهو الحاج المرحوم عبد الأمير الحداد (1914 - 2003) بتشييد سياج يليق بهذا الجامع، فأتم شيخ الحدادين هذا السياج سنة 1964 وكان بالخط الديواني مع العلم ان عبدالامير الحداد كان لا يعرف القراءة والكتابة. ويستطيع زائر هذا الجامع ان يرى بأم عينه مدى ابداع هذا الحداد في تطويع الحديد لجعله على هذا الشكل الرائع الذي لا يوجد له مثيل في جامع من جوامع العالم الإسلامي.