موقع المسجد[عدل]

أن المحلة التي دفن فيها الشيخ عبد القادر الكيلاني كانت تسمى باب الأزج لكن اسمها تغير إلى باب الشيخ نسبةً إلى الشيخ عبد القادر (وتؤكد الدراسات التاريخية الحديثة انه مولود في قرية جيلان العراق قرب المدائن لا جيلان الطبرستان وهو ماتعتمده الاسرة الكيلانية ببغداد ).تعد الحضرة صرحاً معمارياً مهماً في بغداد، وقد سميت الساحة القريبة منه باسمه ساحة الجيلاني. تعتبر الحضرة القادرية أحد المراكز الرئيسية للتصوف في بغداد والعراق. يقصدها الزوار من أرجاء العراق والهند وباكستان من مملكة ماليزيا إلى مملكة المغرب وغيرها من الدول. تضم الحضرة القادرية مسجداً وضريحاً ومكتبة تسمى المكتبة القادرية.ويؤكدالباحث جمال الدين فالح الكيلاني ان الحضرة من أهم معالم بغداد التاريخية والحضارية.
تاريخ الحضره[عدل]

وللحضرة تاريخ طويل في تاريخ بغداد السياسي والثقافي والاجتماعي بل والعسكري حيث كانت الحضرة في العهد العثماني مقراً للعديد من الانتفاضات ضد الولاة الظالمين حيث يتجمع الناس في الحضرة ويخرجون منها وهذا مشهور، ومؤلفات الدكتور عماد عبدالسلام رؤوف والدكتور علي الوردي مليئة بهذه التفاصيل، وتولى الخطابة بالحضرة العديد من الأعلام الكبار كان من أشهرهم مفتي العراق الشيخ عبد الكريم محمد المدرس وتلميذه الشيخ عفيف الدين الجيلاني وحالياً الشيخ محمود العيساوي.
يحكي هذا الجامع الكبير، ذو القباب العالية، والمآذن الشامخة، والفناءات الواسعة، قصة إنسان من أصل شريف نبيل، قصد بغداد ليدرس فيها العلم، فكان أن استقر طالباً في مدرسة شهيرة من مدارسها في القرن السادس للهجرة، هي مدرسة القاضي أبي سعد المخرمي، وكانت هذه المدرسة تقع، يومها، في وسط محلة كبيرة، من محلات بغداد، عُرفت بمحلة باب الأزج، والأزج هو الممر الذي يبنى طولاً، فإذا بالطالب يصبح أستاذاً جليلاً، يقصده الطلبة من كل صوب، فيطير صيته في الآفاق، ويضوع خبره فينتشر بين الناس، وينال ،لخلقه العالي، وزهده، ووافر علمه، وروحانيته الأخاذة، بتقدير الجميع، فلا يدفن إلاّ في إحدى حجرات هذه المدرسة، وإذا بالمدرسة العلمية تصبح مسجداً جامعاً، يؤمه الناس للصلاة فيه، وإذا بالجامع يصبح مركزاً لمجموعة من المؤسسات النافعة، منها زاوية لإطعام الطعام للفقراء والمحتاجين، وحجرات لإيواء المنقطعين، وخزانة كتب تضم كل تالد وثمين من الكتب الخطية المهمة، ومقبرة تضم أجداث أعلام الناس، هذا فضلاً عن مدرسة تلحق بالجامع، يتحلَّق فيها الطلبة الوافدون من أقطار المشرق والمغرب، يأخذون العلم على يد هذا العالم، ويسلكون طريقهم إلى الله من خلال تأثرهم بذاك الشيخ الصالح، فلا ترى الناس فيه إلاّ بين راكع وساجد وقارئ ودارس ومتأمل، إنه جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني في محلة باب الشيخ ببغداد

نبذه عن الشيخ عبد القادر[عدل]

ولد الشيخ عبد القادر سنة 470 هـ أو 471هـ، من أسرة تتفرع من الدوحة النبوية الشريفة، وتلقى العلم، ثم قصد بغداد، فدخلها شاباً سنة 488، فاشتغل بالقرآن حتى أتقنه، وقرأ الفقه على كبار علماء بغداد، كما أخذ التصوف، والأدب، ثم لازم الانقطاع والخلوة والرياضة والمجاهدة، والتحق بمدرسة القاضي المخرمي، وتتلمذ عليه، وفي سنة 520هـ .جلس للوعظ والتدريس، ثم درس في مدرسة أستاذه، ولما ضاقت المدرسة بكثرة طلابه، قاموا بتوسيعها، وأعانه الناس على ذلك، وفي الواقع فإن توسعة هذه المدرسة كانت مشروعاً شعبياً حقيقياً، شارك فيه الفقراء بسواعدهم، والأغنياء بأموالهم، بل عمل فيها الفقهاء بأيديهم، وأضيفت إليها مساحة من الأرض كانت تشغلها البيوت وغيرها تبلغ ضعف مساحتها الأولى، فدرس فيها قرابة الأربعين عاماً، ووعظ فيها، وتاب بسبب مواعظه خلق كثير، واجتمع عنده من العلماء والفقهاء والصلحاء جماعة كثيرة، ينتفعون بكلامه، وصحبته، وقصد إليه طلبة العلم من الآفاق.وصنف عدة مصنفات، منها كتاب (الغنية لطالبي طريق الحق) و(فتوح الغيب) وغيرهما. وكانت وفاته ليلة السبت ثامن ربيع الأول من سنة 561، ودفن برواق مدرسته ليلاً، وقد بلغ تسعين عاماً. أشاد به علماء عصره، فقال المؤرخ البغدادي الثقة ابن النجار(كان من الأولياء المجتهدين، والمشايخ المرجوع إليهم في أمور الدين، وأحد أئمة الإسلام العالمين العاملين، صاحب النفس الطاهرة، والكرامات الظاهرة) وقال ابن السمعاني في ترجمته (فقيه صالح ديّن كثير الذكر، دائم الفكر، سريع الدمعة، كتبت عنه، وكان يسكن بباب الأزج في المدرسة التي بنوا له).
وقال ابن الجوزي "كانت هذه المدرسة لطيفة بباب الأزج، ففوضت إلى عبد القادر، فتكلم على الناس بلسان الوعظ، وظهر له صيت بالزهد، وكان له سمت وصمت". تولى التدريس بالمدرسة بعد وفاة الشيخ عبد القادر ولده أبو محمد عبد الوهاب سيف الدين، وكان يعرف بابن القدوة الزاهد، المتوفى سنة 593 هـ ثم تلاه في التدريس ابنه عبد السلام بن عبد الوهاب، الملقب بالركن، المتوفى سنة 616هـ ، وقد دفن في مقبرة الحلبة، وهي التي ستعرف فيما بعد بمقبرة الشيخ عبد القادر،
التحول من مدرسه إلى جامع إلى حضره[عدل]

وتوالى المدرسون الكبار في التدريس بهذه المدرسة، حتى أصبحت مقصداً لكل طالب علم، وذاع صيتها في الآفاق، وعلى الرغم من هول ما جرى ببغداد في أثناء الاحتلال المغولي لها سنة 656هـ/1258م، فقد استطاعت هذه المدرسة المباركة أن تستأنف نشاطها العلمي والروحي بعد مدة يسيرة، وبقيت أسرة الشيخ تتولى شؤونها من تدريس ونظارة جيلاً بعد جيل، وكان لها الجاه والحرمة عند الخاص والعام.ومع مرور الوقت تحولت المدرسة لأن تكون جامعاً كبيراً يؤمه الناس للصلاة، وانقطع خبر المدرسة، ثم عاد مرة أخرى، حينما ألحقت بالجامع مدرسة جديدة، أنشئت في ساحته، في الثلث الأول من القرن الثاني عشر للهجرة (الثامن عشر للميلاد)، كما ألحقت به زاوية كان يقدم فيها الطعام للفقراء، وأجنحة لها رواقات مكشوفة لإيواء الذين يقصدون المكان من النواحي البعيدة لأغراض العبادة والخلوة.
وجامع الشيخ عبد القادر الكيلاني اليوم يعد واحداً من أكبر الجوامع في العراق، كما يعد تحفة تراثية تزين جيد بغداد عبر تاريخها الطويل، لما ينطوي عليه من آثار عصور خلت، وما يضوع في جنباته من عَبَق الماضي المجيد.وإذا ما قصدنا زيارة الجامع اليوم، فإننا سنختار الدخول إليه من هذه الباب الكبيرة العالية، وهي الباب الجنوبية له، ولا يعرف تاريخ إنشاء هذه الباب، ومن الراجح أن يكون في أواخر القرن الثالث عشر للهجرة (التاسع عشر للميلاد)، وذلك لوجود بيتين للشيخ عبد القادر ثبتت بقاشاني فوق عتبة الباب العليا، مؤرخة في سنة 1291هـ/1874م.فإذا ما دلفنا من الباب إلى فنائه، واجهتنا مئذنة ضخمة عالية، تعرف بالمئذنة الكبيرة، وبالمئذنة البيضاء، وطراز هذه المئذنة يدل على أن تشييدها جرى في العصر العباسي، أو ما بعده بقليل، فالضخامة المفرطة في بدنها، والرشاقة البادية على نصفها الأعلى الذي يعلو شرفتها، يشير إلى ذلك التقدير الزمني، وثمة نص تحت شرفة المئذنة كشف عنه في بعض التعميرات المتأخره، تشير إلى تاريخ سنة 904هـ، وربما كان هذا تاريخ تعمير المئذنة، لا تاريخ إنشائها أول مرة.

وتتصل المئذنة بالجناح المجاور،وهو على يمين الداخل تماماً، بجسر أو قنطرة مبنية بالطابوق على قوس مدبب.وعن يسار الداخل مباشرة، يدلف الزائر إلى رواق فسيح، مغلق، إلاّ من نوافذ ذات شبابيك عالية، تطل على فناء الجامع، وهو يعرف بالرواق الشرقي، وتشير النصوص التاريخية إلى أن بناء هذا الرواق جرى سنة 1085هـ/1674م، وأنه كان يقوم على عمد من جذوع النخيل، ثم أنه جدد سنة 1139هـ/1726م تجديداً شاملاً، فأبدلت الجذوع بأسطوانات كبيرة من الرخام الجيد، وكسيت جدرانه بقطع الآجر المزجج الملون (القاشاني). ثم أضيفت في سنة 1281هـ/ 1864م، كتابة على شريط من الآجر المزجج، على أعلى الرواق، المطل على الفناء، كتابة بخط الثلث، تتضمن نسب الشيخ عبد القادر الكيلاني كاملاً. وفي تجديد متأخر، أجري سنة 1385هـ/1966م أزيلت كسوة الرواق المزججة، وثبتت مكانها كسوة من قطع الرخام الأبيض المؤطر بالأسود، وثبت نص آخر فوق الشريط السابق، وهو من سورة الرعد،بخط الخطاط النابغة هاشم البغدادي .
للمصلى محراب مجدد مزين بقطع من البورسلين وهو الخزف الأوربي، على طراز بالغ الروعة.ولـه منبر عال، عليه قبة مخروطة، مرفوعة على أربعة أعمدة من الرخام ذوات رؤوس وقواعد منقوشة، بلط جميعاً بالرخام، وفوق كل من مدخليه نص كتابي، فعلى الجهة الشمالية من الخارج (لا شرف أعلى من الإسلام)، وعلى الجهة الجنوبية (أشرف العبادة الإخلاص). أما جهات القبة التي تعلو المنبر فمحفورة بأغصان مورقة جميلة.
وإلى جانبي المصلى الرئيس المسمى بجامع الحنفية، رواقان قديمان، يرقيان إلى سنة 982هـ/ 1574م ، وقد تحول الرواقان، في العهود التالية إلى مصليين، عرف أحدهما بجامع الشافعية، بينما عرف الآخر بجامع المالكية. وقد جدد الرواق الأخير نقيب الأشراف آنذاك السيد سلمان القادري الكيلاني سنة 1295هـ/1878م، وجدد مرة أخرى سنة 1359هـ/1940م، وأعيد تجديده على نحو شامل بديع سنة 1391هـ/1978م. أما الرواق الأول، المسمى بجامع المالكية، فقد جرت توسعته سنة 1964، بأن أضيفت إليه المدرسة التي كانت تحاذي شارع الكيلاني، فأصبح واسعاً رحيباً. ويتصل هذا الجناح، بجناح كبير، من طابقين، يطل على الفناء مباشرة، ويقابل الجامع تماماً، وبواسطة هذا السلم الضيق كان العلماء والطلبة يرقون إلى الطابق العلوي، حيث يمكنهم المرور في رواق طويل مكشوف، على هيأة طارمة فسيحة.

مكتبة المدرسة القادرية العامة[عدل]

وتطل على هذا الرواق مرافق الجامع العلمية والثقافية، فهذا الجناح يضم في طابقه العلوي قاعات كبيرة للمطالعين، وخزانة الكتب المسماة مكتبة المدرسة القادرية العامة، وتضم هذه المكتبة عدة آلاف من نفائس المخطوطات في مختلف العلوم الإسلامية، فضلاً عن المطبوعات النادرة، التي تصلها من ديار الشرق والغرب، وكانت هذه المكتبة أصلاً تشغل بعض حجرات الجناح المذكور، ثم أضيفت إليها دار الشوربه خانه، وهي المطبخ المعد لاطعام الفقراء والزائرين، فتضاعفت مساحتها.وفي الجناح الغربي، وهو المتصل بقاعات المكتبة، المدرسة القادرية، وفيها تلقى الدروس في العلوم الإسلامية، ويتخرج الطلبة على كبار العلماء، وتوفر لهذه المدرسة خدمات كثيرة تيسر مهمتها العلمية.

برج الساعة[عدل]

وثمة شرفة واسعة تتصل بهذا الرواق، وتطل على فناء الجامع مباشرة. فإذا ما وصلنا إلى نهاية حجرات المدرسة، وجدنا سلماً آخر، كالسابق، يمكننا أن ننزل منه إلى فناء الجامع ، وسيواجهنا ـ إن نحن وصلنا أرض هذا الفناء ـ برج عال، من الآجر، المزين بالكتابات على قطع الآجر المزجج، في أعلاه ساعة دقاقة، لها أربعة أوجه.شيد برج الساعة سنة 1317هـ/1899م، أما الساعة نفسها فقد جيء بها من الهند وهي تعمل بالأثقال، حيث تسحب الأثقال إلى الأعلى، لغرض نصبها، ثم تترك لتهبط رويداً، وهي إنكليزية الصنع، ولا تزال تعمل دون توقف.ان أوجه الساعة الأربعة مثبتة في كيان خشبي مكعب فوق البناء، وهو يضم آلتها، أما أجراسها فقد ثبتت فوق ذلك الكيان، تحت قبة خشبية مرفوعة على ثمانية أعمدة، بينها أقواس ثمانية مفصصة تقف على قاعدة مثمنة محاطة بسياج مشبك من الحديد.وتواجهنا، على كتف الباب الغربية، مئذنة رشيقة، بنيت على الطراز البغدادي الأصيل، تقابل المئذنة الشرقية التي تحدثنا عنها من قبل، وهذه المئذنة أحدث من سابقتها، فقد شيدت سنة 1294هـ/1877م، ولهذه المئذنة بابان للصعود إليها، أحدهما في فناء الجامع، والثاني من فوق سطح الباب. وقد جددت هذه المئذنة مؤخراً على نحو زادها متانة وقوة، لكنه لم يفقدها شكلها التراثي التقليدي الجميل.
مقبره عبد القادر[عدل]

وفي فناء الجامع، دكة كبيرة عالية، اتخذت مصلى صيفي له، ومن مرافق الجامع المهمة، مقبرته، وتقع بين مصلاه وبين شارع الملك غازي وينفذ إليها من باب خاص في الجهة الغربية من فناءه ، وتضم هذه المقبرة رفات عدد كبير من العلماء والصالحين، ومنهم رجال كان لهم شأن في تاريخ العراق، منهم رئيس الوزراء الأسبق عبد المحسن السعدون الذي يعد شاهد قبره نموذجاً فريداً بين شواهد القبور، حيث اتخذ على شكل الوصية التي كتبها رئيس الوزراء بخط يده، والتي شرح فيها أسباب انتحاره احتجاجاً على هيمنة بريطانيا يومها على شؤون العراق.وسنختار، عند مغادرتنا فناء هذا الجامع، أن نسلك طريق الباب الغربية، وهذه الباب تقابل الباب الشرقية التي دلفنا منها إلى فناء الجامع أول مرة، ضخامة وارتفاعاً، وقد كتبت في أعلاه كتابات تسجيلية بخطوط بديعة .ومن مرافق الجامع التي اندثرت، سقاية كبيرة للماء، كانت تستمد ماءها من قناة عالية مبنية فوق عقود من الآجر، تبدأ عند شاطئ دجلة، وتمضي مجتازة الدروب، حتى تصب الماء في هذه السقاية. وقد سجل الرحالون وجود هذه السقاية في مطلع القرن الحادي عشر للهجرة (السابع عشر للميلاد). وكانت تعرف بالسقاية البرانية.وهكذا يبدو لنا جامع السيد الشيخ عبد القادر الكيلاني قطعة من ماض زاهر، ازدهرت فيه الحياة الثفافية والروحية في بغداد، في قرون خلت، فقصده العلماء للتدريس في مدرسته العلمية، ووفد إليه الطلبة ينهلون من علومه الإسلامية، وتبارى الفنانون في تزيينه بكل فن جميل، كما اجتهد الخطاطون باتحافه ببدائع خطوطهم الرشيقة، وضمت أرضه رفات الصالحين من أهل هذه المدينة العريقة.