عن” المجاميع” والموت الأحمق..
طوني حداد
على مسرح جحيم “الربيع العربي” ثمة بطل تراجيدي واحد..
هو الناس..
الفقراء منهم..السذّج منهم..
المجاميع الفائضة عن الحاجة..
المجاميع القطيعيّة التي يسهلّ استثارة الغرائز” البهيمية” فيها..وثمّة من يفعل وبمكر..
هم الخبر العاجل ..
وقود “الميديا” الخبيثة الداعرة..
هم الموت المجاني الذي تحوم على جثته الذباب وتنهشه الكلاب ولاوطن ولاقبر ولاعزاء..
هم الخميرة اللازمة لاعادة انتاج الخبز الرديء ذاته..لابل أسوء ..
صفقوا للمجاميع..
عشرون قتيلاً في الساعة..عشرون شهيداً في الساعة..
شهيد أو قتيل.. وجهة نظر باردة تعمل على احصاء الجثث وتوصيفها ..والنتيجة “مجاميع”..
مجاميع فقيرة تأكل بعضها فلاتشبع..فيزداد سعارها الهيستيري للدم..ولاتشبع..
ضحية تقتل ضحيّة ..
مجاميع استجارت من الرمضاء بالنار..وصدّقت بأن سعير النار بردٌ وسلامٌ
لم تصدّق حتى موتها الأحمق..
لم تجدْ حتى حفنة سكّر ترشّه على هذا الموت العمومي لتعزّي نفسها..
لاعزاء..لاعزاء..!
المجاميع هي “كومبارس” مسرحية اللعنة المُستدامة منذ قابيل وهابيل..
يموت “الكومبارس” ليحيا البطل..
يموت “الكومبارس” معتقداً بسذاجة قاتلة ومفجعة بأنه البطل..
البطل التراجيدي على المسرح الدموي اللعين..!
أفتح للمرة الألف ديوان العراقي الجميل ” عدنان الصائغ” -العراق الذي وقوده الآن أيضاً “المجاميع”-.. وأقرأ وللمرة الألف قصيدة “سذاجة”:
“كلما سقطَ دكتاتور
من عرشِ التاريخِ، المرصّعِ بدموعنا
التهبتْ كفاي بالتصفيق
لكنني حالما أعود الى البيتِ
وأضغطُ على زرِ التلفزيون
يندلقُ دكتاتورٌ آخر
من أفواهِ الجماهيرِ الملتهبةِ بالصفيرِ والهتافات
.. غارقاً في الضحكِ
من سذاجتي..
التهبتْ عيناي بالدموع”..!