اللواء الأديب ..
بقلم: معمر حبار
مقدمة الطفل القارئ للغزوات: يقرأ صاحب الأسطر السيرة النبوية منذ الصغر، ولمختلف الكتاب، ومن زوايا مختلفة.
وفيما يتذكر جيدا، قراءته لكتب اللواء الركن محمود شيت خطاب، والتي تطرق فيها للسيرة النبوية والفتوحات الإسلامية من الناحية العسكرية.
وللأمانة العلمية، كان الوحيد يومها، الذي تطرّق للسيرة من هذه الزاوية. وقد تفرّد اللّواء في إعطاء صورة عن الغزوات التي خاضها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مختلف الغزوات، وكذا المعارك التي قادة الفتح ، فيما بعد لفتح العالم.
وبعد مرور من العقود على قراءة كتب اللواء الركن، يعترف الطفل، أن التحليل العسكري المنثور عبر كتبه، كان أعلى بكثير من مستوى الطفل، ولم يستطع استيعابه يومها.
وما تجدر الإشارة إليه، أن التحليل العسكري للسيرة النبوية، مفقود جدا عبر المكتبات. والذين تطرقوا إلى السيرة النبوية والفتوحات الإسلامية من الناحية العسكرية، تنقصهم الرؤية العسكرية، واللغة الكافية والبسيطة، التي ينقل عبرها هذا العلم.
وطيلة 48 سنة، تابعت مرة واحدة عبر الرائي الجزائري، في بداية التسعينات من القرن الماضي فيما أتذكر، ضابطا جزائريا، يشرح إحدى الغزوات النبوية، مستعينا يومها بالصور والخرائط. وقد أحسن القائد في استعمال اللغة البسيطة، والابتعاد عن المصطلحات العسكرية المعقدة، وامتاز بالسلاسة في اللغة، والارتجال الحسن. وساهم بلغته وبساطته في تقريب السيرة النبوية للإنسان العادي.
ومازال المتتبع، يتساءل بمرارة، لماذا لم تتكرر مثل هذه الحصص، عبر وسائل الإعلام المختلفة؟.
مع قصص اللواء : المتصفح لقصة: " تدابير القدر"، للواء الركن محمود شيت خطاب، الطبعة الأولى، 1425 هـ - 2004، بيروت، لبنان، من 111 صفحة، يقف على الملاحظات التالية ..
القصص الواردة عبر الكتاب، كلّها قصص واقعية، عاشها الكاتب، لذلك استطاع أن يعبّر عنها بصدق.
إحتوى الكتاب على 08 قصص قصيرة، يمكن قراءتها في نفس اليوم، لأنها بسيطة سهلة.
هذه الواقعية في المعالجة، ميّزت القصص بكونها، تختلف عن القصص الأدبية المعروفة في الساحة الأدبية، من حيث ابتعادها عن استعمال الرموز، والخطاب غير المباشر. فقصصه كلها مباشرة، ومعروف بطلها من البداية.
القارئ للقصص الثمانية كلها، لايلاحظ إطلاقا أنها لعسكري تمرّس في الميدان العسكري، وكتب عن السيرة النبوية والفتوحات الإسلامية والتاريخ الإسلامي من الناحية العسكرية، وأتقن هذا الفن أيّما إتقان. بل يقرأ لأديب، رقيق، سمح، كلّه حكمة، وصفاء، وحرقة على الوضع الذي رسمه في تلك الفترة.
القصص تتحدث عن فترة الأربعينات، لكن محتواها لم يتغيّر مع مرور الزمن، ومازالت وستظل صالحة، لأنها واقعية، ويعيشها المرء يوميا مع مختلف الجهات والأشكال.
جمال القصة في نهايتها العادلة، التي تغرس الأمل في القارئ، وبأن للكون رب يأخذ الحقوق في الدنيا قبل الآخرة.
حسن الأدب من حسن القيادة: الغرض من هذا العرض، أن الإبداع يتجاوز الوظيفة الأصلية. وأن جمال المرء في مايخطّه من أسطر. والأدب يزيد المرء رفعة. والمؤسسة العسكرية، كغيرها من المؤسسات، يرفعها الحبر، ويزيّنها الأسطر. والأحرف وسام، توضع فوق السطور. والقائد العسكري الناجح في تسيير المعارك، هو نفسه الناجح في التعبير عنها وعن حياته العسكرية، بمثل هذا الأدب الراقي، وهذه القصص الهادفة، التي نقلها اللواء الأديب محمود شيت خطاب.
اللواء الأديب محمود شيت خطاب، عراقي المولد، وقصصه عن عراقنا الحبيب، تعطي صورة راقية عن الجندي العراقي في تلك الفترة. ويجيب عن سؤال، لماذا الجيش العراقي قوي، ولماذا سعى الغرب لتحطيمه، مما اضطره إلى التقهقر والرجوع؟.