.: لمن تنادي......؟.
توغل ذلك السؤال المخيف بأعماق اعماقه وتحرك الخوف ليوقف ضخ الدم من قلبه تماماً
حتى لا يصل الى عقله الذى سيطر عليه الخوف كاملاً في تلك اللحظه
فصرخ بصوت عالً كأن الموت يلاحقه ..: لا...لا...وانتفض للخلف مذعوراً وهو يصرخ ويصيح
.: ساعدونى....ساعدوني. ...
بدأت المياه تتجمع بعينيه بغزاره لتسيل الدموع منها كالامطار
أطفأت الانوار لتصبح الغرفه مظلمه كاحله و الاصوات المرعبه تأتي من كل أركانها
أصوات صرخات نساء و أصوات عذاب ,أصوت موتى ..
وصور تتكرر بعقله لأشباح وخيالات ودماء و أعضاء بشريه مبتوره
بدء يصرخ من الهلع الذي يكاد يفجر رأسه واضعاً يديه على أذانه ليمنع الصوت من التوغل
بداخل رأسه
ولكن لا جدوى فالاصوات قد تمركزت بداخل عقله ليكررها من تلقاء نفسه
سقط على الارض صريعاً منهاراً من الصراخ ,غشلق صوته وأختفى وهو ينتفض من الهلع
والفزع
يصرخ كالمجنون الذي فقد عقله
...لا..لا....يكفي. ...يكفي.....سأموت هكذا...يكفي. ....
أصبح جسده تحت تصرف الخوف وروحه تنهار وعقله يحترق
حرك قدمه ليقف في منتصف الغرفه وعيناه ثابته على النافذه
ثم تحرك مسرعاً عليها وألقى نفسه للخارج ...........
أجل ألقى بنفسه للنجاه بحياته من ذلك الخوف لم يكن ليدرى هل سينجو ام لا ولكنها طريقه
للهرب ..
أصتدم جسده بالزجاج ليتفتت الزجاج الى قطع متناثره تتطاير حوله وهو يسقط الى الارض بقوه
الارتفاع عالً جداً ,فقد وعيه وهو في الهواء يسقط من الطابق الثالث الى الارض
أصتدم جسده بالارض كأنها قنبله تفجرت فى الانحاء
سقط صريعاً أمام أمرأه تعبر الطرق صرخت المرأه كأنها رأت الموت ثم سقطت مغشياً عليها
بجانبه
تجمعت الناس مسرعاً اليه يتحركون في عجل كأنهم وجدوا كنزاً يسرعون اليه
ليجدوه سائل فى دمائه من كل جانب
أستعاد وعيه من صدمه السقوط ..لا يدرك شئً من حوله
حمله الناس على أكتافهم وتحركوا به مسرعين الى أقرب مستشفى ...يقول (ابراهيم)
.: كانت الناس تحملني ويسرعون بي وانا سائل في دمائي فوق أكتافهم
علمت حينها ان الموت يقترب مني فما هي الا دقائق او ثوان وسأفارق الحياه
ذهبوا بي لأقرب مستشفى فلم يقبلوني لأن حالتي كانت يرثى بها
فما كانت ستقبلني مستشفى ما لاموت بداخلها ..
بكيت على حالي حينها وبدأت اتشبث في الحياه ودعوت ربي مناجياً له
.:ربي لا أريد الموت ...أريد الحياه ولو لساعه واحده أتوب فيها
ربي لا تأخذ روحي وانا عاصي هكذا ....
كان هذا هو كل همي في تلك اللحظه ..ألا اموت وانا عاصي
فالانسان لا يقدر قيمه شئ الا حين يفقده أو يشعر أنه يفقده
لقد رأيت الموت بعيني في تلك الليله ...خوفي هو من ساقني الى ذلك...
ولكن بطريقه ما أستجاب الله لي....
وأعادني لتكفير ما صنعته يدي
.................................................. ... ...........................
تتفتح عيناه ببطء شديد مثل الزهره التي تتفتح حديثاً حتى يكتمل جمالها
بدء ينظر حوله والدنيا تدور فوق رأسه نظر الى نفسه فهو ملثم من كل جانب ومن كل أتجاه
وكل شئ فى جسده مجبس ومضمد بالشاش
.: أين أنا ..؟. ما الذي حدث ..؟.
جذب عينيه ذلك الضوء الابيض عن يمينه فنظر اليه فأذا بأحدهم يرتدي جلباب ناصع البياض
يقترب منه
حرك عينيه لأعلى لينظر لوجهه ...فإذ باللحيه البيضاء المشذبه و الوجه الابيض الذي تعلوه
أبتسامه مشرقه
كأنها الشمس في سمائها
ردد براحه وأبتهاج عندما رأه .: الشيخ (محمد)
تحرك اليه الشيخ ليمسك يده ويطبطب عليها .: لا تتحرك فأنت ...لا أدري كيف أقولها ولكن
لايوجد شئ في جسدك سليم
أنها معجزه أنك مازلت حياً ..سبحان الخالق العظيم ...
تحدث بتثاقل وخفوت شديد يكاد صوته لا يسمع .: أبق معي فإن وجهك يشعرنى بالراحه يا
شيخ
أجابه الشيخ بأبتسامه شفافه بيضاء كالنجوم عندما تتلألأء في السماء
.: لا تقلق سأبقى معك حتى تسئم مني.....
.:بارك الله فيك يا شيخ ...بارك الله فيك ...
أتاه الصوت الانوثى العذب ليوقظه
.: (أبراهيم)...(أبراهيم)....
فنظر حوله فوجد أمه بجانبه تمسك بيده اليمنى تتسائل في فزع وقلق
.: من هو الشيخ (محمد)..؟.
نظر حوله في تعجب وعيناه تبحث عنه في الغرفه كلها .: أين ذهب .؟...أين ذهب..؟.
أنتاب وجهها القلق وهي تضع يدها اليمنى فوق رأسها لتعدل طرحتها السوداء
.: من هو الذي ذهب يا بني..؟. لم يكن هناك أحد غيري هنا ....!!!
بدء ينتابه حاله من الذعر
.: لا..لا..أنتي تكذبين..لقد كان هنا ..لقد رأيته الان قبل أن تأتي....
.: يا بني انا هنا منذ البارحه ولم يات أحد لزيارتك بعد....
.: لا .لا..أنتي تكذبين ...أنتي غير حقيقيه ..أين ذهب الشيخ ..؟.
أين ذهب الشيخ .؟...
تحركت الام مسرعه الى الخارج لتحضر الطبيب ودموعها تتساقط حزناً على ما أصاب ولدها ..
أتى الطبيب مسرعاً وأعطاه حقنه مهدئه ليذهب في نوم عميق .....
نظر الطبيب الى الام التى تبكي على حال ولدها .: لو سمحت يا أماه ..أريدك في بضع كلمات
في الخارج....
حركت الأم رأسها دليل على الموافق وهي تمسح دموع عينيها ثم تحركت خلفه للخارج
قال الطبيب .: في حقيقه الامر هناك شئ أريد أخبارك به منذ البارحه
.: تفضل يا بني...ماذا هناك..؟.
.: أنها معجزه أن أبنك مازال حياً حتى الان ولكن ...
إن أبنك يعاني من مرض منذ مده وهو يدعى في الطب (الهلوسه)
.: ماذا .؟.
.: انه يتخيل أشياء و أشخاص لا وجود لهم من الحقيقه أنما هم من نسج خياله وأوهامه
الشخصيه
تغيرت ملامح الام قلقا ﻻ وفزعاً.: مهلاً...مهلاً.. ما الذي يعنيه ذلك .؟.
.: انه يرى أشياء و أشخاص لا وجود لهم ...ويعيش معهم كأنهم هم الحقيقه
ويقوم العقل بتجاهل الاشخاص الحقيقيون ويتعايش مع نسخ خياله
لقد أثبتت كل الفحوصات و الاشعه بوجود ذلك المرض عند أبنك منذ تسعه أشهر
قبل كسر ذراعه اليمنى ..
وقد أجمع الناس الذين أحضروه البارحه أنه ألقى بنفسه من النافذه في الطابق الثالث
.: أجل ..أجل ..لقد كان ذاهب لمقابله شخص يدعى (عمرو) هناك ...
.: ذلك هو الامر سيدتي. . أن أبنك هو من أستئجر تلك الغرفه لمده ثلاثه أيام
ولا وجود لشخص يدعى (عمرو)....
وقفت الام في ذهول تام مصدومه بما سمعت
.: يا الهي..............
..............................
نهايه الفصل الثاني