Quran interpretation
بسم الله الرحمن الرحيم
((وَقَالُوا۟ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعۡدُودَةً قُلۡ أَتَّخَذۡتُمۡ عِندَ اللّهِ عَهۡدًا فَلَن يُخۡلِفَ اللّهُ عَهۡدَهُ أَمۡ تَقُولُونَ عَلَىٰ اللّهِ مَا لاَ تَعۡلَمُونَ 80 بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةًۭ وَأَحَٰطَتْ بِهِۦ خَطِيٓـَٔتُهُۥ فَأُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ ))
صدق الله العظيم
سورة البقرة
رقم الآية 80-81
معنى وأحاطت به خطيئته وما هي الايام التي يقصدها اليهود بالمعدودة
(وَقَالُواْ ) أي قال علماء اليهود (لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً ) يعني لا يكون عذابنا في النار إلاّ أياماً قلائل ، وهي سبعة أيام ، على عدد الأيام التي عبدوا فيها العجل ، لأنّ موسى وعدهم ثلاثين يوماً ، ولَمّا لم يعد انتظروا ثلاثة أيام أخرى ثمّ صنعوا العجل وعبدوه سبعة أيام ورجع موسى عند انتهاء الأربعين ، وقالوا أيضاً أنّ عمر الدنيا سبعة آلاف سنة وقد جعل الله لكلّ ألفٍ منها يوماً من تلك الأيام السبعة (قُلْ ) يا محمّد لهؤلاء اليهود (أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا ) بأن لا يعذّبكم إلاّ سبعة أيام ، فإن كان ما تزعمون (فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ )يعني إنّ الله تعالى إذا عاهد أحداً فلا يخلف ما وعد به ولكنّ الله لم يعاهدكم بذلك بل دعوى تدّعونَها وأمانيّ تبدونَها (أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) من الحقائق بل هي ظنون وأماني .
(بَلَى ) تمسّهم النار ويعذّبون فيها كلّ عل مقدار خطيئته ، وليس الأمر على ما زعموا أنّهم يتعذّبون سبعة أيام (مَن كَسَبَ سَيِّئَةً ) يعني ذنباً (وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ ) يعني واظب عليها ولم يتب إلى الله منها (فَأُوْلَـئِكَ ) المواظبون على الخطايا (أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) أي باقون دائمون ، فالسيّئة هي الصغائر من الذنوب وليست من الكبائر ولا الإشراك والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة النساء {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} ، يعني إن تجتنبوا الكبائر من الذنوب نغفر لكم الصغائر .
فقوله تعالى (مَن كَسَبَ سَيِّئَةً ) يعني من كسب ذنباً من العلماء ، لأنّ الآية خاصة بعلماء اليهود ، وتشمل علماء النصارى والإسلام أيضاً ، والمعنى إنّ العلماء إذا أذنبوا ذنباً وإن كان صغيراً فإنّهم يستحقّون عليه النار لأنّ حكم العالم غير حكم الجاهل ، فالذنب من العالم أعظم من الإشراك الذي يكون من الجاهل ؛ لأنّ الجاهل يلقي نفسه في النار فقط ، والعالم يلقي نفسه ومن يقتدي به .
والذنب العظيم الذي يكون من العالم ليس التهاون والتماهل في الطاعات ولا التعرّض إلى بعض المحرّمات التي تخصّ نفسه ، ولكنّ الذنب العظيم الذي يصدر منه سنّة يسنّها فيعمل بِها قومه ومن يقتدي به ، أو يفتي فتوى أو حكماً لا يرضي الله ، أو يرى قومه وأهل مذهبه قد ساروا على غير طريق الحقّ فلا يرشدهم إلى الصواب بل يطابقهم أو يسكت عن الحقّ لئلاّ يمقتوه ، أو لئلاّ يمنعوا عنه الحقوق فلا يعطوه بعد ذلك من الدراهم كالزكاة أو الخمس أو حقّ الإمام أو مردّ مظالم أو غير ذلك ، فإذا سكت عن الحقّ لأجل الدراهم أو المناصب أو غير ذلك فإنه مسئول عند الله يوم القيامة ، فحينئذٍ يقول الله تعالى للملائكة [كما في سورة الصافات] : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} ، ويقول الله تعالى لذلك العالم : يا هذا إنّي أعطيتك علماً وحكماً لترشد عبادي إلى طريق الحقّ وقد وجدتَ قومك ضالّين عن الطريق فلماذا سكتّ عن الحق ولم ترشدهم ، أشتريتَ الدنيا بالآخرة وأبدلت رضا المخلوق بسخط الخالق ؟ ثمّ يأمر به إلى جهنّم ، وذلك قوله تعالى (بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .
التفسير من كتاب المتشابه من القران لمحمد علي حسن الحلي ،(الطبعة اﻷولى – بيروت – لبنان – 1965)