«داعش» يقطع كهرباء الرقة: رمضان للعبادة لا للترفيه!
يستطيع من يتابع نشاط تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، (داعش) أن يعرف طبيعة «الدولة» التي يسعى إلى تشكيلها عن طريق متابعة نشاطه في محافظة الرقة، الخاضعة بشكل كلي لإدارته، والتي يطلق عليها اسم «ولاية الرقة».
وعمل التنظيم منذ سيطرته على المحافظة، مطلع العام الحالي، على تطبيق «نظامه الخاص» بشكل متتال ومتصاعد، راسماً ملامح «دولته الإسلامية»، سواء بقوانينها، أو مؤسساتها، أو هيكليتها التنظيمية، القائمة على مبدأ «الوالي» وهو الآمر الناهي في قضايا «ولايته»، مدعوماً بـ«هيئة شرعية» تعمل، وبشكل مستمر، على إصدار الفتاوى التي تتحول بشكل «أوتوماتيكي» إلى «قوانين»، يعاقب من يخترقها أو يخالفها بعقوبات تتراوح بين الجلد، والسجن، وصولاً إلى الصلب في الساحات العامة.
آخر «القوانين» التي أصدرها «داعش» في «ولايته» يتعلق بالتيار الكهربائي، حيث عمم منشورات موجهة للمواطنين تفيد بأنه سيعمد إلى قطع التيار الكهربائي عن الرقة بشكل كامل طيلة رمضان، الذي يحط رحاله بعد أقل من أسبوعين، مشدداً على أن هذا الإجراء سيتم لأن «شهر رمضان هو شهر عبادة، وليس شهر ترفيه»، مستشهداً بأنه «في زمن الرسول الكريم محمد وصحبه لم يكن هناك كهرباء».
مصدر متابع لنشاط «داعش» في الرقة أشار، خلال حديثه إلى «السفير»، إلى أن التنظيم «جاد في سعيه لقطع التيار الكهربائي»، موضحاً أنه ومنذ اليوم الأول لدخوله الرقة أصدر مئات المنشورات والتعميمات على المواطنين، وعمل في وقت لاحق على تنفيذها ومعاقبة كل من خالفها.
المصدر الذي ذكّر بأن التنظيم أقام في الرقة مؤسسة خاصة لمتابعة المواطنين وملاحقة كل من يخالف «قوانينه» فيها (هيئة شبيهة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، أوضح أن السبب الحقيقي وراء اتخاذ «داعش» قراراً بقطع التيار الكهربائي يعود إلى اجتماع عقدته «الهيئة الشرعية» قبل أيام للاستعداد لشهر رمضان، وبحث «معوقات شهر الصيام»، حيث تقاطعت الآراء حول «انتشار المسلسلات في رمضان، الأمر الذي يفسد الشهر الفضيل»، ليتم لاحقاً بحث سبل «محاربة هذه الظاهرة»، خصوصاً أنها تقترن هذا العام «بظاهرة أخرى، وهي مباريات كأس العالم التي ستلهي الناس عن العبادة».
وبعد مناقشة سبل «مكافحة هذه الظاهرة» استقرت آراء «شرعيي الهيئة» على اتخاذ قرار بقطع التيار الكهربائي عن المدينة، وإصدار منشورات تفيد بأن قطع الكهرباء هو «قرار»، يهدف إلى منع المواطنين من تشغيل «المولدات»، وتنشيط حركة الدوريات بين أحياء المدينة للتأكد من عدم قيام أي مواطن «بتشغيل المولد»، الأمر الذي يعني منع تشغيل التلفزيونات وضمان «تفرغ المواطنين للعبادة في الشهر الفضيل»، على حد تعبير المصدر، الذي بيّن أن «المولدات ستعمل فقط في مرافق التنظيم وبعض المستشفيات والمخابز».
وعن سبب اتخاذ «داعش» هذا القرار بشكل خاص في الرقة، من دون بقية المناطق التي يسيطر عليها، أشار المصدر إلى أن التنظيم لا يعمل على فرض «قوانينه» بشكل مباشر فور سيطرته على أية منطقة، حيث يتبع أسلوب «التدرج» من جهة، وتنفيذ عدة عقوبات بشكل علني من جهة أخرى لضمان انصياع المواطنين لهذه «القوانين». وقال «الرقة خاضعة منذ نحو ستة أشهر بشكل كامل لسلطة داعش، من دون أية منغصات، باستثناء الغارات الجوية التي تشنها الطائرات السورية بشكل متواتر، الأمر الذي سهل له الطريق لتطبيق كل قراراته وفتاوى شرعيه ..