اسم سامراء في التاريخ واللغة
يعود أصل اسم (سامراء) في أصله إلى سائر الأسماء الآرامية بالعراق التي كانت تنتهي بحرف الألف المقصور مثل (كربلا) (بعقوبا) وفي مراحل تاريخية لاحقة من تاريخ اللغة العربية التي ورثت تلك التسميات لبعض مدنها في أرض الرافدين أضيفت علامة الهمزة إلى مفردتي (سامرا) و(كربلا) فأصبحتا (سامراء وكربلاء) في حين استبدل حرف الألف بحرف التاء من اسم مدينة بعقوبا فأضحى يكتب (بعقوبة) ومعلوم أن مدينة سامراء في معظم تاريخ الدولة العباسية كانت باهرة في مشاهدها وعامرة في بناءها حتى كان قد أُطلق عليها زمنذاك بـ(سّره مَنْ رأى) قبل أن تُدمج حروف تلك التسمية بصيغة (سامراء).
ويعود اكتشاف مدينة سامراء إلى عصور قديمة فقد ذكرها المؤرخ الروماني أميانس مرقلينس (320 – 390م) بصيغة (سومرا sumera) ونوه عنها المؤرخ اليوناني زوسيمس بصورة سوما saoma وفي التدوينات الآشورية جاء ذكر اسمها بصيغة (سرمارتا suurmrta) في حين ورد اسم سامراء في مصنفات الأخوة السريان على كونه (شومرا) وتم كل ذلك قبل أن يأمر الخليفة العباسية المعتصم بالله ببناءها مجدداً.
ديار سامراء القديمة
كانت كما هو معلوم أن الديارات تُقام على ضفاف الأنهار لتسهيل أسباب العيش من جهة بالنسبة للمجتمعات الزراعية قديماً ولإمكانية استغلال الأنهار لتجارة نقل البضائع من مدينة لأخرى.
سامراء في أيام خلافة المعتصم
بعد وفاة المأمون بن هارون الرشيد تولى أمر الخلافة العباسية أخوه أبو أسحق محمد الملقب بالمعتصم سنة (218هـ 833م) وكان الأخير قد أكثر من شراء الأتراك حتى وصل عددهم زهاء (70) ألف مملوك.. وكان هؤلاء الأتراك إذا امتطوا الدواب ركضوا بها فيصدمون الناس بصورة عشوائية حتى سأمهم العراقيون الذين شجعوا الغوغاء على قتل بعضهم فتذهب دمائهم هدراً فثقل ذلك على نفسية الخليفة المعتصم فقرر بعد نقل الأتراك لعدة أماكن خارج بغداد واستقرت به الرغبة لاختيار موقع مدينة سامراء التي لم يكن فيها سوى دير للنصارى لما سأل الرهبان فيه عن اسم الموضع الذي هم فيه فقال له بعض الرهبان: (نجد في كتبنا القديمة أن هذا الموضع يسمى سُرَّ من رأى وأنه كان في مدينة سام بن نوح وأنه سيعمر بعد دهور على يد ملك... فقال: أنا والله أبنيها وأنزلها وينزلها ولدي) وهكذا أمر المعتصم ببناء القصور والدور وجلب للمدينة الجديدة أصناف الشجر المثمر من جميع البلدان فغرست البساتين في كل مكان. ولم تمضي زهاء ثلاث سنوات حتى أصبحت سامراء من المدن المهمة في عهد بني العباس وكان من ضمن العمران فيها أن شيد المعتصم ثكنات عسكرية لسكن (250) ألف جندي واصطبلات تستوعب (160) ألف حصان.
وتفيد بعض المعلومات التاريخية أن المعتصم لما وقع اختياره برغبة شديدة على موقع سامراء أمر بأن يستقل الأتراك من مماليكه في أماكن خاصة من المدينة وأمر أن لا يختلطوا بعناصر قد تفسد طاعتهم له وتوفى المعتصم سنة 227هـ وتولى الخلافة ولده هارون الواثق الذي توفى سنة 232هـ فارتقى الخلافة المتوكل بن المعتصم وكان هذا قد أمر سنة 236هـ بهدم قبر الإمام الحسين بن علي (ع) في كربلاء وهدم ما يحيطه من منازل وأبنية ومنع الناس من زيارته مما يعتبر أن الكفرة موجودون في كل زمن سواء كانوا في مناصب عُليا أو كانوا بين الناس العاديين إذ أن تعريض رموز أضرحة المسلمين يقوم بها من يدعوا الإسلام زوراً وبهتاناً.
وفي عصر الخليفة المعتز كثرت الاضطرابات في سامراء سنة 253هـ وصادف أن استشهد الإمام علي الهادي (ع) أحد أحفاد الإمام علي بن أبي طالب (ع) بسامراء وكان ذلك في 27جمادي الآخر سنة 254هـ فبعث المعتز بأخيه ابن أحمد المتوكل فصلى عليه في الشارع المعروف باسم شارع أبي أحمد وهو من شوارع سامراء الرئيسية آنذاك فلما كثر عدد الناس المشاركون في تشييع الإمام الهادي (ع) وكثر بكاؤهم الشديد على مفارقة الإمام (ع) أصدر المعتز أمراً برد النعش إلى دار الإمام (ع) فدفن فيه الذي يُعد من ناحية الموقع الجغرافي المكان المقدس لمرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما صلاة وسلام الله).
[1] هذه المادة الانترنيتية مُعدة بتصرف من كتاب (موسوعة العتبات المقدسة – قسم سامراء) لمؤلفه جعفر الخليلي والكتاب من منشورات مؤسسة الأعلمي (بيروت – لبنان) ط2 1407هـ 1987م.