نواقيس الخطر بعد تمكن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) من فرض سيطرته على مدن عراقية بأكملها خلال أيام وإعلان تقدمه للهجوم على بغداد. ودفعت التطورات السريعة الميدانية في العراق إلى التساؤل حول تأثير هذه الأحداث على العراق والموازين السياسية في البلاد بين السنة والشيعة. وما هو تأثير هذه التطورات على القوى الإقليمية المعنية بالأزمة العراقية. فما هو هذا التنظيم وكيف نشأ ومن يقوده وما هي الجهات الممولة له؟
ما هو "داعش" وكيف نشأ؟
يعد "داعش" تنظيما جهاديا يضم عناصر من جنسيات مختلفة، تأسس في بداية الاحتلال الأمريكي للعراق باسم "جماعة التوحيد والجهاد"، وأعلن ولاءه للقاعدة وزعيمها وقتها أسامة بن لادن عام 2004. وتألف التنظيم بعدها من فصائل مسلحة صغيرة داخل العراق بزعامة الاردني أبو مصعب الزرقاوي(قتل فيما بعد في العراق)، الذي غير اسم مجموعته لاحقا ليصبح "تنظيم قيادة الجهاد في بلاد الرافدين" أو ما عرف في وسائل الإعلام، بتنظيم "القاعدة في العراق". واندمج هذا التنظيم في يناير/ كانون الثاني 2006، مع مجموعات صغيرة أخرى ليشكل معها "مجلس شورى المجاهدين"، وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2006 أعلن هذا التنظيم تأسيس "الدولة الإسلامية في العراق" التي اعربت عن سعيها لبسط نفوذها على المناطق السنية في محافظات بغداد والأنبار وديالى وصلاح الدين ونينوى ومناطق من بابل. وبعد وصول التنظيم الى سورية عام 2013، وشروعه بقتال القوات الحكومية السورية، عاد ليغير اسمه مرة أخرى ليُصبح "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وبات يقاتل كذلك مسلحي المعارضة (حلفاء الأمس)، ومنهم "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم القاعدة. من هو زعيم داعش؟
برز اسم زعيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أبو بكر البغدادي مجددا، بعد سيطرة مسلحين تابعين للتنظيم على مدن وبلدات عراقية الأسبوع الماضي. ويعتقد بأنه من مواليد مدينة سامراء العراقية عام 1971. ورصدت وزارة الخارجية الأمريكية عام 2013، جائزة قدرها 10 ملايين دولار، لمن يساعد في قتل أو اعتقال البغدادي، وهي ثاني أعلى جائزة ترصدها الوزارة لرأس إرهابي بعد زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. ويشاع بأنه كان يعتنق أفكارا متطرفة قبيل الغزو الأمريكي، فيما تقول نظريات بأنه تأثر بهذه الأفكار أثناء اعتقاله لمدة 4 سنوات في معسكر "بوكا" الأمريكي جنوب العراق. وبعد أعوام من قتاله بصفوف جماعات القاعدة، تولى البغدادي قيادة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" وتحول التنظيم إلى "داعش" بإدخال كلمة "بلاد الشام" إلى اسمه. "داعش" يفرض سلطته وقوانينه المتشددة على مناطق في سورية
بعد نجاح تنظيم "داعش" في السيطرة على مناطق في شرق وشمال شرق سورية قام بفرض سلطته وقوانينه المتشددة هناك منذ حوالي 3 أشهر. وذكر نشطاء أن تنظيم "داعش" ينشر في هذه المناطق السورية بين 20 و25 الف مقاتل سوري وأجنبي يهيمنون على مناطق تمتد حتى مدن الحسكة والرقة ودير الزور. وعلى الفور نشر التنظيم في كافة المدن منشورات تتضمن القوانين والأحكام الشرعية التي يجب على الجميع الالتزام بها ومنها فرمانات تمنع التدخين أو تفرض التقيد بلباس معين وتحرم ألبسة وقصات شعر سواء للمرأة أو الرجل أو غيره من القضايا المجتمعية. وقام داعش بهدم تمثال “أسد شيران” مقابل الباب الخلفي لحديقة الرشيد وسط مدينة الرقة التي دخلها بمارس عام 2013، وهو تمثال يعود تاريخه إلى العهد الآشوري ( 744-727 ق.م ) كان موضوعا مع أسد آخر عند الباب الخلفي. وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها داعش بتحطيم آثار ومزارات بحجة مخالفتها لشريعة الإسلام. وقام داعش مؤخراً بتحطيم العديد من الآثار والمزارات بحجة أنها أوثان تخالف شريعة الإسلام. "داعش" يسيطر على مناطق واسعة في العراق
ويرى العديد من المحللين أن انهيار وحدات الجيش العراقي في مدينة الموصل، حيث تخلى الجنود والضباط عن أسلحتهم وعتادهم لمجرد انتشار الشائعات بأن مسلحي "داعش" يقتربون من المدينة، كان مُدهشا، لكنه لم يكن مفاجئا. فحسب المحللين فإن معظم وحدات هذا الجيش الذي يناهز تعداده، مع قوى الأمن الأخرى، قرابة المليون، أقرب إلى الميليشيات منها إلى الجيش النظامي. فعناصره إما جاءت إليه من ميليشيات تشكلت قبل ومع بداية الغزو الأمريكي، أو من شبان عاطلين عن العمل مهتمين بالحصول على راتب ثابت. وفي العراق بدأت "دولة داعش" تتشكل مع انهيار القوات العراقية في محافظة نينوى وجنوبها في محافظة صلاح الدين، وقد تتواصل خلال الأيام المقبلة لتوصل خط سيطرتها الى محافظة الأنبار، حيث تسيطر فصائل من مسلحي التنظيم على مدينة الفلوجة منذ 3 أشهر. ويحذر المراقبون من هذا التطور الذي سيفرض واقعا جديدا يشوبه التشدد في المناطق السنية ليزيد من حدة التناحر الطائفي بين الشيعة والسنة نظرا لمواقف قادة "داعش" المتطرفة ضد الشيعة وتهديدهم بقتلهم وتهديم مزاراتهم ومقدساتهم. المصدر: RT + وكالات