2014/06/19

بغداد (المستقبل)/ فرات الزاهد

الأزمةُ التي تهدد العراق اليوم، في وحدة أراضيه ونسيجه المجتمعي، ينبغي الا تطرح من منظور طائفي، وان نبتعد جميعاً عن التجييش لها على أساس “المعتقد” الذي دفع ببعضهم الى القتال في سوريا، كما نرى من الضروري أن لانسمح لدخول متطوعين من الخارج، ولاسيما أن ممثل المرجعية، في بريطانيا، مرتضى کشميري، قد أوضح قائلا: أن “المرجع السيستاني خاطب (بشأن الجهاد الكفائي) فقط ابناء الشعب العراقي القاطنين في البلد وليس المسلمين الشيعة او العراقيين في خارجه”.
ثم أن العراقيين لايحتاجون الى من يقاتل نيابة عنهم، تحت أي مسمى، فهم أقدر للحفاظ على مقدساتهم، وقد دافعوا جميعاً عن وطنهم في معارك حاسمة، من دون الحاجة الى الإستعانة بقوى خارجية، خصوصاً أن النيات التي يحملها أولئك المتطوعون من الخارج ستفرض حالة من الإنقسام الطائفي، ناهيك عن إيجاد ساحة جديدة مضافة الى الساحة السورية، للصراع الإقليمي.
وكان زعيم حزب الله اللبناني، حسن نصرالله، قد قال: “إن في لبنان آلاف المستعدين للشهادة، نحن مستعدون أن نقدم شهداء في العراق خمس مرات على ما قدمناه في سوريا فداء للمقدسات لأنهم أهم بكثير”.
وفي الإتجاه نفسه، بدأت إيران بفتح مراكز التسجيل للمتطوعين للقتال في العراق، تحت شعار الدفاع عن المراقد في كربلاء والنجف وبغداد وسامراء.
وبالترافق مع عملية التصعيد، التي أعطت شكلاً مغايراً لطبيعة المواجهة، إكتسى الشارع بمظاهر عسكرة بعناوين طائفية.
وقد أدرك، المرجع آية الله محمد اليعقوبي، هذا التوجه، عاداً “سياسة التجييش الطائفي المتبعة حاليا إنما تحقق مآرب الساعين لتمزيق العراق”، محذراً من أن “حالة الاحتراب وتجييش كل فئة لشارعها لا يخدم أحدا من هذا البلد وهو يحقق مآرب أعداء العراق والطامعين فيه والساعين لتمزيقه وإضعافه”.
وفي هذا الصدد، يرى الخبير السترتيجي، علي الزهير، أن عملية التوازن لايمكن أن تتحقق، الا من خلال إعادة العمل بنظام التجنيد الإلزامي، معرباً عن إستغرابه من تأجيل هذا الموضوع الذي طرح مراراً في أوقات سابقة، بدعوى عدم وجود الإمكانيات الإدارية والمعسكرات لإستيعاب المجندين، فيما أتخذ قرار التطويع في ليلة وضحاها، عاداً عدم التهيؤ المسبق لمثل هذه الظروف تقصير وإهمال من المؤسسة العسكرية.
وعرج الزهير، الى الأخطاء التي سجلت على الأجهزة الأمنية، والتي كانت في مقدمتها، رفض الحضور لجلسات مجلس النواب، وإيجاد حاجز كونكريتي بينها وبين ممثلي الشعب، واصفاً حالة الرفض، بنوع من التمرد، التي لولاها لتم تدارك الكثير مما وصل به الحال اليوم.
وأشار الى أن أية إنتكاسة، لايمكن أن تبرر بوجود متآمرين، وخونة، ولابد من البحث عن الأسباب التي مكنت الإرهابيين من تحقيق بعض أهدافهم على الأرض، من بينها، المنظومة التي تقود المؤسسة العسكرية، وتحديد قياداتها على أساس الكفاءة والمهنية والولاء للوطن.
وقال الزهير: أن فكرة الجيش الرديف، تتفق مع الدستور، لكن على أن يجري تنظيمها بقانون، وبنظام داخلي يحدد المهمات والواجبات المنوطة بها، حتى لاتحصل تجاوزات على المواطنين، إضافة الى ضرورة شمول جميع المكونات به، حتى لا يمثل لوناً واحداً، ويصبح اشبه بميليشيا مسلحة، تفتقد لمقومات القوة النظامية.