![]()
شبكة الاعلام العراقي 19/06/2014 06:30
بطولات العراقيين لا تنتهي عند حد معين، فمثلما اثبتت نساء في الانبار مواقف تأريخية ضد التنظيمات الارهابية وتصدت لهم، كما فعلت عشائر اصيلة في مناطق عدة بانتفاضات متكررة ضد ابشع واقذر مجاميع ارهابية، "انتخت" عشائر بلد الاصيلة وتمكنت من اخلاء جريح من وزارة الداخلية اصيب في عملية ارهابية استهدفت رتلاً امنياً.
حادث الاسحاقي
بعدما داهم الخطر مدن الموصل وتكريت وبيجي وحاول الارهابيون التمدد على مدن سامراء وبلد والدجيل والضلوعية، حشد المسؤولون من مختلف مؤسساتهم هممهم وهمم الرجال فذهبوا الى سامراء المقدسة للتطوع بالدفاع عن الارض والمقدسات، وكان من بين الوفود الرسمية التي ذهبت الى سامراء وفد يضم مسؤولين امنيين من وزارة الداخلية والوقف الشيعي ممثلاً بنائب رئيس الوقف الشيخ سامي المسعودي، وخلال وصول الرتل المؤلف من مجموعة سيارات الى منطقة الاسحاقي التي تتوسط قضاءي بلد وسامراء تعرض الرتل الى كمين واطلاق نار كثيف من قبل مجموعة من ارهابيي تنظيم "داعش" واصيبت السيارة الاخيرة بتفجير عبوة انقلبت على اثرها واستشهد عنصرا امن بينما طار الثالث في الهواء وسقط بين مجموعة ادغال وحشائش اخفته عن عيون الارهابيين، لكنه اصيب باطلاقة في الرقبة كسرت على اثرها.
قذارة «داعش»
من طبيعة تدريبات عناصر افواج الحماية الابتعاد عن محل الخطر بالشخصية المهمة، وهذا ما نفذته العناصر المكلفة بحماية الرتل، بعد اشتباكها بالارهابيين واطلاق النار بكثافة كبيرة من اسلحة الاحاديات المضادة للطائرات المنصوبة على بعض السيارات وسلاح الرشاش (البكته) والبنادق الالية (الكلاشنكوف) لتأمين الرتل، ظناً منهم ان العناصر الثلاثة استشهدوا في الحادث بعد مشاهدتهم لاستهداف السيارة وانقلابها، فابتعدوا كثيراً فما كان من الارجاس الانجاس، الا ان يقفوا على جثتي الشهيدين ورغم تأكدهم من انهما قضيا نحبهما، الا انهم امطروا جثتيهما بوابل من الرصاص حتى افرغوا 30 اطلاقة في جسد كل منهما لما تحتويه صدورهم من حقد وغل على جميع ابناء الشعب العراقي، ولم يكتفوا بهذا بل قاموا بسكب مادة البنزين على الجثتين واحراقهما وهي عملية لا يفعلها، الا اراذل الخلق وتحرمها جميع الديانات، وكيف لا وهم يتمتعون ويتلذذون بدماء الناس.
جريح بطل
كل ما جرى كان العنصر الامني الثالث "حيدر" يسمع ويرى بعينيه ويعتصر الماً على زملائه، لكنه تمسك برباطة جأش ولم يستسلم وقرر ان يفعل اي شيء للخلاص من هؤلاء الاوباش القتلة، بعد ان اخفته قصبات واحراش عن اعين الغادرين، فتصرف بذكاء عندما حول جهاز هاتفه على الصامت حتى لا ينكشف امره كونهم منتشرين على بعد امتار منه، وقام بالاتصال باحد ضباط الرتل ليخبره باصابته طالباً نجدته، فعلم عناصر الرتل بحاله وحاولوا انقاذه عندما استدار الرتل عائداً الى مكان الحادث متخذاً من كتفي الشارع سبيلاً للاختباء، الا انهم عجزوا عن انقاذه لان الارهابيين منتشرون في المكان ويمكن ان يصبح الرتل هدفاً سهلاً لهم، فابلغوه بالامر وابلغوا مقر الفوج في بغداد بهذا الامر، واستمر بالاتصال بضباط الفوج قائلا:"(سيدي اني جريح بمنطقة بعد بلد وبين الزرع متخف واصابتني رصاصة برقبتي وانكسرت رقبتي وانزف.. ارجوكم ساعدوني)، قيادات الفوج رفعت الامر الى قيادات الوزارة التي باشرت فورا بالاتصال بقيادات العمليات فارسلت طائرات مروحية الى المكان الذي وصفه عنصر الامن الجريح.
وبعد اتصالات مستمرة مع الجريح انتهى شحن بطاريته وانقطع الاتصال به، الا ان رحمة الله لم تنقطع فجاء نداءً من احد طياري المروحيات بالقول: "انا الان قريب من مكان الحادث وارى السيارة العسكرية التي استهدفت، لكني ارى رجالا كثر بملابس عسكرية ويحملون السلاح ولا استطيع تمييزهم، هل هم من القوات الامنية ام من الارهابيين، فجاء قرار القيادة ارجع ولا تعالج الموقف حتى لا يقع خطأ لا يحمد عقباه".
نخوة عشائرية
في تلك الاثناء، انتشر خبر عنصر الامن الجريح بين منتسبي مقرات قيادات الوزارة وضباطها، فانبرى احد الضباط من سكنة قضاء بلد ودخل على احد قادة الوزارة، قائلا:"سيدي اسمح لي ان اتصرف بهذا الامر"، فرد المسؤول: "كيف ستتصرف يا سيادة العقيد"، فاجاب الضابط: "سيدي انت تعلم اني من سكنة قضاء بلد واهلي وعمومتي وعشيرتي من هذا القضاء وسأتصل بهم وانا متأكد انهم سيخرجون بنخوة عشائرية ينقذون بها "حيدر" وهم ادرى بتلك المنطقة ويمكن ان يصلوا اليه بسرعة وهو جريح وينزف"، افتخر المسؤول بهذا الضابط وشعر بالزهو ان لديه مقاتلين يقدمون الغالي والنفيس في سبيل ابناء بلدهم فقام من مكتبه امام باقي القيادات وربت على كتفه، قائلاً:"سيادة العقيد توكل على الله الزود الك ولاهلك"، وعلى الفور اتصل الضابط برئيس عشيرته وشرح له الامر واعطاه كل المعلومات المتوفرة، فرد شيخ العشيرة "ابشر انت واخوتك الضباط وكلهم اهل بلد ساعة ويردون ابنكم".
وخلال اقل من نصف ساعة تجمع نحو مئتي مقاتل من العشيرة باسلحتهم المتوسطة والخفيفة ونادى بهم رئيسهم: "اولادي اليوم يومكم والعراق ينتخي بيكم والجريح بالزرع يم الحادث الي سمعتوا صوت انفجاره والارهابيين متواجدين هناك اهجموا على بركة الله وخلصوا ابنكم واخوكم كبل ما يلكوه ويقتلوه".
صولة الغيارى
مئتا مقاتل لم يفكر احد منهم باهله او اطفاله او زوجته او امواله او الخوف من الموت او الاعاقة، ركبوا سياراتهم وتأبطوا اسلحتهم وهزج احدهم: "الموت اعلى الحك موش اعلى وسادة"، فانطلقوا بهمة الغياري وما ان اقتربوا من مكان تواجد الارهابيين حتى بدؤوا باطلاق رصاصاتهم وتمكنوا من قتل اثنين من الارهابيين وجرح عدد اخر ففر الجبناء الذين لم يفكروا للحظة ان نار الحق ستصليهم وانتشر ابناء العشيرة في مكان الحادث وعثر احدهم على (حيدر) بين الادغال مغمى عليه من النزيف، فاحتضنوه وطمأنوه وقاموا بنقله الى مقر الفوج التابع الى الشرطة الاتحادية فتلقى علاجاً اولياً ثم نقل بطائرة مروحية الى بغداد ليدخل احد المستشفيات التخصصية ليتلقى العلاج بعد ان انقذه ابناء العشائر من فكاك الموت.
شبكة الاعلام العراقي