شر يتطايرعزم حاكم إحدى البلدان على إرسال قاضٍ إلى إحدى المناطق، إلاّ أنَّ والي تلك المنطقة سرعان ما قام بقتله، وحتى يتبين للحاكم السبب في ذلك، قام بإرسال قاضٍ آخر، ولكن الوالي ألحقه بالقاضي الذي سبقه، الأمر الذي أدّى ببعض القضاة إلى الامتناع عن التوجه إلى ممارسة القضاء في تلك المنطقة. غير أن أحدهم تبرّع بقبول المنصب لقاء أجرٍ باهظ جداً، مدّعياً أنه سيعمل على الكشف عن أسباب مقتل القاضيين اللذين سبقاه، ليكسب ثقة الحاكم، ولكي يضمن لنفسه بعد ذلك منصباً أرفع وأجراً أعلى. وحين توجه إلى تلك المنطقة أخذ بمسامرة الوالي ومجالسته، ليعرف منه أسباب قتله القاضيين السابقين بصورة مباشرة، ولما اطمأن إليه الوالي بعدما أخذ بمجامع عقله وقلبه، قال له: "أنا لم أقتل القاضي الأول إلا بعد أن رأيت في المنام ذات مرة أنه عدو لدود لي، وحينما استيقظت مرعوباً أمرت بقتله فوراً، أما القاضي الثاني فرأيت فيه رؤياً وكأنه حل مكاني والياً، ففزعت والشر يتطاير من عيني، فألحقته بصاحبه". فلما سمع القاضي الثالث تلك الإفادة لم يجد بدّاً حينها إلا الهروب والعودة إلى الحاكم، مؤكداً له بأنه يعجزعن أن يأمن جانبه من أن يقتله ويلحقه بالقاضيين الآخرين بسبب رؤيا يراها في حقه في المستقبل.