الحكومة المصرية تعهدت بنزع الملصق تطبيقا لقانون المرور المعمول به في مصر.
"هل صليت على النبي اليوم؟" ملصق انتشر مؤخرا في شوراع العاصمة المصرية. تجده دون جهد على السيارات، والمحال، ومداخل العقارات.
ودعا انتشار الملصق وزارة الداخلية إلى اتخاذ إجراءات فورية لتعقب ناشريه وإزالته تماما، بزعم أنه يزكي "الطائفية"، ويكرس تصنيف المواطنين وفق عقائدهم.
اعتدت أن القي تحية الصباح على جاري العزيز لدى نزولي من مسكني صباحا متوجها إلى عملي، لكني وجدته منهمكا في وضع لافتة على الزجاج الأمامي للسيارة.
دققت النظر فيها فوجدتها تحمل جملة واحدة كتبت بخط واضح ومنمق وتحمل سؤالا موجها مباشرة إلى قارئها، كان هذا السؤال "هل صليت على النبي اليوم؟"، وهي عبارة تسأل قارئها هل نطقت بعبارة "اللهم صل على محمد، نبي الإسلام، اليوم".
بعد رد التحية بادرته بالسؤال: لماذا تضع هذه اللافتة؟
رمقني بنظرة فيها اندهاش وتحد في نفس الوقت، وقال: ولماذا لا أضعها؟ هي حرية شخصية، وهل تضايقك في شيء؟ جاملته مبتسما، وهممت بالانصراف.
وبينما أنا في طريقي وجدت الملصق، وبصيغ شبه واحدة، وقد انتشر بشكل ملحوظ على زجاج السيارات وجدران الشوارع، انتشارا تزامن مع مقطع مصور لأحد كبار شيوخ السلفية يدعو فيه "أبناء التيار الإسلامي للعودة إلى الدعوة إلى الله، وترك الحياة السياسية".
وقال الداعية السلفي محمد حسين يعقوب لأبناء التيار الإسلامي عامة إن عليهم "العودة إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، لأن الدعوة إلى الله هي أمر مكلف به كل مسلم، لكنه ضاع في غمار الجري وراء السياسة وأمور الحكم".
تأتي دعوة يعقوب بعد نحو العام من عزل الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي من قبل الجيش عقب احتجاجات شعبية ضده بعد أقل من عام من وجوده في السلطة.
"ملصق غير سياسي"
ويستنكر على أحمد أن يكون وراء هذه اللافتة أي علاقة بالسياسة، مؤكدا أن الصلاة على نبي الإسلام "تكليف مأمور به كل مسلم"، وهو شيء يوجب الإثابة في الدنيا والآخرة، فالصلاة على النبي محمد، كما يقول، تفرج الهم والكرب والحزن وتجلب الرزق.
يرى البعض أن الملصق ديني يحث الناس على العودة للدعوة.
ويقول مجدي بدران إنه وبعض أصدقائه يتبنون هذه الحملة لنشر لافتة الصلاة على النبي كمظهر إسلامي ليس له أي علاقة بالعمل السياسي، ولا يجوز لأحد أن يعترض على هذا الأمر، لأنه شأن يتعلق بالمسلمين وهو شعيرة دينية.
هكذا قال مجدي بدران، إذن ما هو موقف شركاء الوطن.
الناشط القبطي نجيب جبرائيل قال لبي بي سي إنه تقدم بشكوى رسمية إلى وزير الداخلية محمد إبراهيم للمطالبة بمنع هذه اللافتة، وتعقب من يعلقونها، لأنها - على حد قوله - "تكرس للطائفية والانقسام بين أبناء الوطن الواحد، وهي مرحلة يجب على المصريين أن يتجاوزوها بعد ثورة 30 يونيو".
وأكد جبرائيل أن الكنسية ليست طرفا في الأمر، وأنه لم يرجع إلى الكنسية قبل التقدم بشكواه، لأنها ترفض الانخراط في أي عمل سياسي، على حد قوله، وترعى فقط المسائل الروحية وقضايا التدين والإيمان لدى الأقباط.
ولقيت شكوى جبرائيل استجابة قوية من اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية المصرية الذي أكد في بيان رسمي مصور، بث عبر الصفحة الرسمية للوزارة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وخلال مداخلات هاتفية على الفضائيات المصرية، أن قوات الأمن تقوم حاليا بحملة مكثفة على جميع المحاور المرورية وداخل الأحياء لإزالة هذه اللافتة التي يقول إنها تخالف قانون المرور الذي يحظر وضع ملصقات ولافتات تنتهك الآداب العامة، أو تحمل شعارات دينية أوطائفية.
ويجرم قانون المرور المصري في بنوده وضع هذه الملصقات من خلال النص على غرامة تتراوح بين 100 و500 جنيه وتتضاعف العقوبة عند تكرار المخالفة.
أما سمر الحسيني المديرة التنفيذية لمركز الأندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف فتقول إن الكثير من المواد القانونية لا تطبق على أرض الواقع، خاصة ما يتعلق منها ببعض الأمور الخطيرة التي تتصل بقضايا الحفاظ على النظام والآداب العامة.
وتقول إن الدليل على ذلك هو انتشار الكثير من العبارات البذيئة والخادشة للحياء العام على بعض السيارات الخاصة والميكروباص والتوكتوك، التي تجوب شوراع القاهرة بصورة مستمرة.
غير أن سمر أثنت كثيرا على قرار وزارة الداخلية بتعقب مروجي ملصق "الصلاة على النبي" باعتبار هذا التعقب أمرا في الاتجاه الصحيح، ويمنع تقسيم أبناء الوطن الواحد على أساس ديني.
لكن دكتور مجاهد توفيق الجندي، أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، يرى أن من وراء انتشار الملصق "ربما يرغب هؤلاء الناس .. في لفت الانتباه إلى سيرة الرسول الكريم، خاصة بعد انشغال الناس بالثورات والمطالب الفئوية، وأمور أخرى مثل التحرش بالنساء".
ويقول دكتور الجندي إن الصلاة على النبي شيء عادي، وهو أمر مستحب لكل مسلم، ويجري في دماء المصريين - على حد قوله - وليس من ورائه ضرر، موجها انتقاده إلى وزارة الداخلية التي قال إنها كبرت الأمر كثيرا، وأعطته حجما أكبر من حجمه.
ويقول مراقبون إن الأمر لا يعدو كونه فورة دينية بين المواطنين مع اقتراب شهر رمضان بروحانياته المعروفة.
بينما يقول آخرون إنه ربما يكون محاولة من جانب تيار الإسلام السياسي للعودة إلى الشارع بعد فشل مشروعه السياسي خلال فترة حكم مرسي.
يرى البعض أن وراء الملصق محاولة لعودة الإسلاميين بعد ما منوا به من فشل سياسي.
الملصق انتشر في أماكن كثيرة، وأثار اختلافا بين المصريين.
وضع الملصق على السيارات فيه - كما يقول البعض - مخالفة لقانون المرور في مصر.
المصدر bbc