كان تاجرا كبيرا وكانت تجارته بين العراق وسوريا يبيع الحبوب في سوريه ويستورد الصابون والاقمشه .
وكان رجلا مستقيما قوي التدين يزكي ماله ويتصدق على الفقراء مما اعطاه الله من خير وكان يقضي حاجات الناس لا يكاد يرد سائلا وكان يقول(زكاة المال من المال وزكاة الجاه قضاء الحاجات)
وكان يزور المرضى ويتفقدهم كل يوم تقريبا وكان يصلي اوقات الصلاه في مسجد صغير قرب دراه وكان يسال على جيرانه وابناء منطقته باستمرار
وكان له ولد واحد وابنة واحده . بلغا عمر الشباب . وفي يوم من الايام سال ولده الوحيد ان يسافر الى سوريا بتجارته قائلا له (لقد كبرت يا ولدي فلا اقوى على السفر وقد اصبحت رجلا والحمد لله فسافر على بركة الله مع قافلة الحبوب الى حلب فبع ما معك واشتر بها صابونا وقماشا ثم عد الينا واوصيك بتقوى الله واطلب منك ان تحافظ على شرف اختك )
وكان ذلك قبل الحرب العالميه الاولى يومها لم يكن القطارات والسيارات موجوده
سافر الشاب بتجارة ابيه من مرحله الى مرحله يسهر على ادارة القافله ويحرص على حماية ماله ويقوم على شؤون رجاله وفي حلب الشهباء باع حبوبه واشترى بثمنها من صابونها وقماشها الفاخر ثم تجهز للعوده ادراجه الى الموصل الحدباء .
وفي يوم من الايام فبيل عودته من حلب راى شابه جميله تخطر بغلاله من اللاذ في طريق مقفر بعد غروب الشمس فراودته نفسه الاماره بالسوء على تقبيلها وسرعان ما اختطف منها قبله ثم هرب على وجهه وهربت الفتاة .
وما كاد يستقر به المقام في مستقره الا واخذ يؤنب نفسه وندم على فعلته ولات ساعة مندم
وكتم امره عن اصحابه ولم يبح بسره لاحد وبعد ايام عاد الى بلده وكان والده الشيخ في غرفته يطل منها على حوش الدار حين طرق الباب السقاء فهرعت ابنته الى الباب تفتحه له وحمل السقاء قربته وصبها في الحب واخت الفتى تنتظره على الباب لتغلقه بعد مغادرة السقاء الدار وعاد السقاء بقربته الفارغه فلما مر بالفتاة قبلها ثم هرب لا يلوي على شيء
ولمح ابوها من نافذه ما حدث فردد من صميم قلبه (لا حول ولا قوة الا بالله) ولم يقل الاب شيئا ولم تقل الشابه شئيا
وعاد السقاء في اليوم الثاني الى دار الرجل كالمعتاد وكان مطأطي الراس خجلا وفتحت له الفتاة الباب ولكنه لم يعد الى فعلته مره اخرى
لقد كان هذا السقاء يزود الدار منذ سنين كما كان يزود دور المحله كلها بالماء ولم يكن في يوم من الايام موضع ريبه ولم يحدث له ان ينظر الى محارم الناس نظرة سوء وكان في العقد الخامس من عمره وقد ولى عنه عهد الشباب وما قد يصحبه من تهور وطيش وغرور.
قدم الفتى الموصل موفور الصحه وافر المال ولم يفرح والده بالصحه ولا بالمال لم يسال ولده اول ما ساله ماذا فعلت منذ غادرت الموصل الى ان عدت اليها ؟ وابتداء الفتى يسرد قصة تجارته فقاطعه ابوه متسائلا (هل قبلت فتاة ومتى واين) فسقط في يد الشاب ثم انكر واحمر وجه الفتى وتلعثم واطرق براسه الى الارض في صمت مطبق كأنه صخره من صخور الجبال لا يتحرك ولا يريم وكان الصمت فتره قصيره من عمر الزمن ولكنه كان كانه الدهر.
واخيرا قال ابوه لقد اوصيتك ان تصون عرض اختك في سفرك ولكنك لم تفعل
وقص عليه قصة اخته وكيف قبلها الشقاء فلابد ان تلك القبله وفاء لدين عليك
وانهار الفتى واعترف بالحقيقه...
وقال له ابوه مشفقا عليه وعلى اخته وعلى نفسه اني لا علم انني لم اكشف ذيلي في حرام وكنت اصون عرضي حين كنت اصون اعراض الناس ولا اذكر ان لي خيانه في عرض او سقطة من فاحشه . ارجو الا لكون مدينا لله بشيء من ذلك وحين قبل السقاء اختك تيقنت انك قبلت فتاة ما فادت اختك عنك دينك لقد كانت دقه بدقه وان زدت زاد السقاء .
تحيتي..