نبذه عن حياة سيدنا ابو بكرالصديق رضي الله عنه
اسمه كاملاً رضي الله عنه
هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بنمرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن النضر بن مالك . ويلتقي نسبه معالرسول صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب . ويكنى بأبي بكر ويعرف بالصديق . وأمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية .
.................................................. .
صفات أبي بكر رضي الله عنه الخِلقية والخُلُقية
صفاته الخِلقية : وصفت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أباها فقالت : ( رجل أبيض ، نحيف ، خفيف العارضين ، أجنأ - يعني في ظهره انحناء بسيط - لايستملك إزاره يسترخي عن حقويه ( كشحيه ) ، معروق الوجه ، غائر العينين ،ناتئ الجبهة أي بارزها ، عاري الأشاجع اي الاصابع )
صفاته الخُلُقية : عُرف في الجاهلية بحميد الأخلاق وطيب المعاشرة وإمتناعهعن شرب الخمر ، وكان أنسب قريش لقريش ، وكان رجلاً تاجراً ناجحاً ، انتهتإليه الأشناق في الجاهلية .
وعندما جاء الإسلام اشتهر بسابقته في الدخول فيه ، فقد كان صديقاً أواهاً ،شديد الحياء ، كثير الورع ، حازماً في رحمة ، شهد له الرسول صلى الله عليهوسلم أنه وزن إيمان أبي بكر بإيمان الامه فرجح إيمان ابي بكر رضي الله عنه .
.................................................. ........
أسماء زوجاته رضي الله عنه
قتيلة بنت عبد العزى من بني عامر وانجبت له عبد الله - أسماء ذات النطاقين وهي زوجة الزبير بن العوام احد العشرة المبشرين بالجنه
أم رومان بنت عامر وانجبت له عبد الرحمن - عائشه أم المؤمنين رضي الله عنها وهي زوجه النبي صلى الله عليه وسلم
أسماء بنت عميس وانجبت له محمد
حبيبة بنت خارجة ابن الحارث وانجبت له أم كلثوم ولدت بعد وفاة ابيها وتزوجها طلحة بن عبيد الله احد العشرة المبشرين بالجنه
.................................................. ..
أبي بكرالصديق في الجاهلية
مولده : ولد عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب التيمي القرشي الملقب بالعتيق والمكنى بأبي بكرالصديق في السنه الحاديه والخمسين قبل الهجره النبويه المباركه .
وهو بذلك اصغر سناً من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وبضعة أشهر .
من وجهاء قريش : انتهى الشرف في قريش قبل ظهور الإسلام إلى عشرة رهط من عشرة أبطن ، وكان أبو بكرالصديق رضي الله عنه من بني تيم قد انتهت إليه الاشناق وهي الديات والمغارم ،فكان إذا حمل شيئاْ فسأل فيه قريشاً صدقوه ، وأمضوا حمالة من نهض معه ، وإناحتملها غيرة خذلوه .
نسابة لقريش : كان أبو بكرالصديق رضي الله عنه نسابة قريش ، قال ابن هشام : كان ابو بكرالصديق رضي الله عنه أنسب قريش لقريش ، وأعلم قريش بها ، وبما كان فيها من خيروشر ، وكان رجلاً تاركاً ذا خلق معروف ، وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه ،لغير واحد من الأمر : لعلمه وتجارته وحسن مجالسته .
تاجراً ناجحاً : كعادة معظم رجالات قريش في البراعه في فن التجارة برزالصديق رضي الله عنه في هذا الجانب ، حيث ارتحل بتجارته الى بصرى الشام ، وأرضاليمن ، وكان معه ابو طالب في قافلته الى الشام ، وكان رأسماله جيداً ،كريماً ، فكان ينفق من ماله في كرمه .
عفته وورعه : حرم أبو بكرالصديق رضي الله عنه على نفسه الخمر في الجاهلية فلم يشربها قط - بفضل الله تعالى - لا في الجاهلية ولا في الاسلام . ولم يسجد لصنم قط أيضاً ، وأخرج ابنعامر بسند صحيح عن أم المؤمنين عائشه رضي الله عنها ، قالت : والله ما قالابو بكر شعراً قط في جاهلية ولا إسلام ، ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر فيالجاهلية .
صديقاً للنبي : كان ابو بكر رضي الله عنه صاحباً للنبي قبل البعثة ، وكانمعه حين ذهب مع عمه إلى الشام . روي ان ابا بكر رضي الله عنه انه قال: خرجت أريد اليمن قبل ان يبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت على شيخ منالازد عالم ، وقد قرأ الكتب وعلم علماً كثيراً ، فلما رآني قال : أحرمي انت؟ قلت نعم : أنا من أهل الحرم ، قال : وقرشي ؟ قلت : نعم أنا من قريش ،قال وتيمي ؟ قلت : نعم انا عبد الله بن عثمان بن تيم بن مرة . فأخبره انهسيكون صاحباً لنبي يبعث في الحرم .
............................................
أبي بكرالصديق في الإسلام
إسلامه : كان ابو بكر رضي الله عنه سريع الإستجابه لدعوة الرسول صلى اللهعليه وسلم ، يروي ابن هشام عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ما دعوتأحداً الى الإسلام إلا كانت فيه عنده كبوة ونظر وتردد ، إلا ما كان من أبيبكرالصديق ابن قحافةما عكم ( ما أحجم ) عنه حين ذكرته له وما تردد فيه ) . وروى ابن سعد عنجماعة من الصحابة انهم قالوا : أول من أسلم من الرجال أبو بكرالصديق رضي الله عنه .
دوره الدعوي : حظيالصديق بمكانة رفيعة ومنزلة عالية في قلوب الناس ، وما عُرف عنه من خلق كريموسيرة عطرة فوظف هذه الخصال الطيبة في مجال الدعوة إلى الله ، فاستجاب لهنفر كثير من قومه في مقدمتهم : الزبير بن العوام ، وعثمان بن عفان ، وطلحةبن عبيد الله ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن ابن عوف ، فانطلق بهمالصديق رضي الله عنه وعنهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وانبأهم بحق الإسلام فآمنوا .
عتقاءالصديق : لقد كان من نتيجة جهر المسلمين بإسلامهم أن تعرض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأذى المشركين وعدوانهم فقام أبو بكرالصديق رضي الله عنه بإعتاق سبعة ممن كانوا يعذبون في سبيل الله ، منهم بلال بنرباح وقد اشتراه بخمس أوسق من الذهب ، وأعتق زنيرة ، أمة عمر بن الخطاب رضيالله عنه قبل أن يسلم ، وأعتق أمة في بني عدي قوم عمر بن الخطاب ، وقدأسلمت ، وأعتق أمة في بني عبد شمس ، وكانت تدعى أم عبيس وأعتقها .
تصديقه للنبي : أكرم الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلمفأسرى به ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى . ثم عُرِج به الىالسماء ليرى من آيات ربه الكبرى مارأى . وفرضت عليه وعلى امته الصلواتالخمس ، ولما أصبح أخبر قريشاً بذلك فلم يصدقوه . وكان ابو بكر رضي اللهعنه ، كلما آخبر النبي صلى الله عليه وسلم بشئ حول الاسراء والمعراج قال له : صدقت ، فسمي لذلكالصديق .
خروجه للحبشة : خرج أبو بكرالصديق رضي الله مهاجراً إلى الحبشة - مضحياً بمكانته في قومه وتجارته ومصالحه فيسبيل الله - حتى اذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة ، فقال : اين تريد ياابا بكر ؟ قال ابو بكر : أخرجني قومي فأريد ان أسيح في الارض فأعبد ربي ،قال ابن الدغنة : فإن مثلك يا ابا بكر لا يَخرَجُ ولا يُخرج ... فأنا لكجار ، فارجع فاعبد ربك ببلدك . فرجعالصديق مع ابن الدغنة .
تعرضه للإيذاء : حاولت قريش الاعتداء على الرسول صلى الله عليه وسلم فقامابو بكر رضي الله عنه يدفعهم عنه وهو يقول : أتقتلون رجلاً ان يقول ربيالله ، ثم تحول حقدهم إلى أبي بكر يضربونه ويشدون شعره ، حتى أغمي عليه ؛فلما أفاق قال : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقولون له : بخير ،فيقول : والله لا ذقت طعاماً ولا شراباً حتى أرى رسول الله صلى الله عليهوسلم ، ولم تهدأ نفسه حتى اطمأن على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم : خرج النبي صلى الله عليه وسلم ،وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه خفية إلى غار ثور ، بعيدون عن أعين قريشاستعداداً للهجرة إلى يثرب . ثم دخل أبو بكر الغار قبل النبي ليطمئن إلىعدم وجود ما يكره او يخشى فيه . وكمنا في الغار ثلاثة أيام كان عبد الله بنأبي بكر يوافيهما بالأخبار ، وأخته أسماء توافيهما بالطعام وعندما يئستقريش من بحثها عنهما . توجه الركب الميمون في اليوم الرابع صوب يثربمهاجرين .
.................................................. ..
من خصائص أبي بكر رضي الله عنه
- أول الناس إسلاماً من الرجال ، وأول الناس صلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم حينما فرضت .
- أسلم على يديه عدد كبير من كبار رجالات الصحابة رضي الله عنهم .
- أنفق معظم أمواله في شراء المعذبين وإعتاقهم في سبيل الله تعالى .
- تصديقه للنبي صلىالله عليه وسلم بعد حادثة الإسراء والمعراج فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم بالصديق .
- صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة المباركة قال تعالى : (( ثاني اثنين إذ هما في الغار )) .
- شهد المغازي كلها وقاد سريتين من السرايا التي وجهها الرسول صلى الله عليه وسلم لمحاربة الأعداء .
- روى ما يقارب 142 حديثاً من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم .
- شرفه الرسول صلى الله عليه وسلم بالزواج من ابنته عائشة وهي الزوجة البكر الوحيدة للنبي صلى الله عليه وسلم .
- استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم للصلاة بالناس حينما إشتد عليه الألم في مرضه .
- أول من لقب بخليفة رسول الله بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم .
- أول من قمع المرتدين ، وجمع القرآن في مصحف ، ونشر الإسلام خارج جزيرة العرب عن طريق الفتوحات .
.................................................. ...........
أهم أحداث أبي بكرالصديق في العهد المدني
سنة 1 هـ : وصول النبي صلى الله عليه وسلم مهاجراً من مكة مع صاحبه أبي بكرالصديق رضي الله عنه إلى قباء في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنةثلاث عشرة من البعثة المباركة ، ومكوثه فيها عدة أيام : حيث وضع خلالها أسسمسجد قباء ( أول مسجد بني في الإسلام ) ثم توجه النبي صلى الله عليه وسلممع أبي بكر إلى داخل يثرب واستقر مقامهما فيها وسميت يثرب منذ ذلك اليومبالمدينة . فقام صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد النبوي الشريف والحجراتالطاهرات . وقد بنى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العام على عائشة بنتأبي بكرالصديق رضي الله عنهما .
سنة 2 هـ : في هذا العام انزل الله تعالى آية الإذن بالقتال ولم يفرضهعليهم قال تعالى : (( أُذن للذين يُقاتلون بأنهم ظُلِموا وإن الله علىنصرهم لقدير )) لذلك شارك ابو بكر رضي الله عنه مع كل غزوه غزاها الرسولصلى الله عليه وسلم بل كان ابو بكر من ضمن المجلس الإستشاري في غزوة بدروأحد قادة الجيش حيث تكلم كلاماً حسناً ، وخلال عملية الرسول صلى الله عليهوسلم الإستكشافيه قبل المعركة صحبه ابو بكرالصديق رضي الله عنه حينما كانا يتجولان حول معسكر مكة لمعرفة عدد الجيش القرشي . وقد قاتل عبد الرحمن بن أبي بكر مع المشركين ضد المسلمين وفيهم والده .
سنة 3 هـ : حينما أنهزم أكثرية المسلمين في أحد ، ثبت مع الرسول صلى اللهعليه وسلم خمسة عشر رجلاً ، ثمانية منهم من المهاجرين في مقدمتهمالصديق رضي الله عنه ، وسبعة من الأنصار . يفتدونه بحياتهم ويتلقون سهام الاعداءدونه ، وكلهم يقول : ( وجهي دون وجهك ونفسي دون نفسك ، وعليك السلام غيرمودع اي غير متروك ) . وكما حدث لأبي بكر مع ابنه في بدر تكرر المشهد ذاتهفي أحد ، حين طلع عبد الرحمن يقول متحدياً من يبارز ؟ فنهضالصديق رضي الله عنه شاهراً سيفه ، يريد التصدي له ، لولا ان النبي صلى الله عليهوسلم قال له : ( شم سيفك وارجع إلى مكانك ومتعنا بنفسك ) .
سنة 4 هـ : خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكرالصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم إلى مساكن بني النضيريطالبهم في الإسهام في دية العامريين بموجب المعاهدة بينه وبينهم ، فإنتهىإلى ديارهم وذكر لهم ما جاءهم من أجله فأبدوا إرتياحاً واستعداداً وأنزلوهمع أصحابه منزلاً حسناً في ظل جدار من بيت أحدهم . وخلا اليهود بعضهم إلىبعض ، وسول لهم الشيطان ان يلقوا حجارة على النبي صلى الله عليه وسلم منأعلى الدور ، ونزل جبريل من الله يخبره بالأمر ، فنهض الرسول صلى الله عليهوسلم مسرعاً ، وتوجه إلى المدينة ولحقه أصحابه فقالوا : نهضت ولم نشعر بك ،فأخبرهم بما همت به يهود .
سنة 5 هـ : في هذا العام أسهمالصديق رضي الله عنه إسهاماً كبيراً مع بقية المهاجرين والأنصار في حفر الخندقخلال غزوة الأحزاب ، فكان رضي الله عنه ينقل التراب في ثيابه ، فلما خرجالرسول صلى الله عليه وسلم ورأى ما بالصحابة من النصب والجوع . قال : ( اللهم إن العيش عيش الآخرة ، فاغفر للأنصار والمهاجرة ) .
سنة 6 هـ : خرج ابو بكرالصديق رضي الله عنه في سرية إلى وادي القرى في شهر رمضان من هذا العام لتأديببني فزارة الذين أرادوا اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أبلى ابو بكررضي الله عنه في هذه السرية بلاء حسناً ، وفيهم امرأة ناصبت العداء للنبيهي أم قرفة وابنتها ، فجاء بهم ابن الأكوع يسوقهم إلى أبي بكر ، فنفلهابنتها ، وقد سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أم قرفة ، فبعث بهاإلى مكة ، وفدى بها أسرى من المسلمين هناك . وفي صلح الحديبية انطلق عمر بنالخطاب رضي الله عنه إلى أبي بكر رضي الله عنه متغيظاً من بنود الصلح فردعليهالصديق كما رد الرسول على عمر . وزاد فاستمسك بغرزه حتى تموت ، فو الله انه لعلى الحق .
سنة 7 هـ : في هذا العام خرج ابو بكرالصديق رضي الله عنه في سريه لتأديب بني كلاب الذين اتحدوا مع بعض القبائلالعربيه من بني محارب وأنمار ضد المسلمين ، فكان النصر المؤزر من نصيبالمسلمين بقيادةالصديق رضي الله عنه وقد شارك ابو بكر رضي الله عنه مع المسلمين في أداء عمرةالقضاء بعد أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من شهد الحديبيه بقضاء عمرته ،وأن لا يتخلف منهم أحد شهد الحديبيه . وهذه العمره تسمى بأربعة أسماء هيعلى النحو التالي : القضاء ، والقضية ، والقصاص ، والصلح .
سنة 8 هـ : في هذا العام تم فتح مكة المكرمة ، وبعد هذا الفتح جاء ابو بكرالصديق رضي الله عنه بأبيه أبي قحافه يقوده وقد كُف بصره ، فلما رآه رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال : ( هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه ) ؟فقال أبو بكر : يا رسول الله ، هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه أنت ،فأجلسه بين يديه ، ثم مسح صدره وقال : ( أسلم فأسلم ، وهنأ رسول الله صلىالله عليه وسلم أبا بكر بإسلام أبيه ، وكان رأس أبي قحافه قد اشتعل شيباً ،فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : غيروا من شعره ، ولا تقربوه سواداً ) .
سنة 9 هـ : في أواخر شهر ذي القعدة من هذا العام خرج ابو بكرالصديق رضي الله عنه بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج ، ثمأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثره علياً رضي الله عنه ... فسارالصديق وهو أميراً على الحج ومعه علي رضي الله عنهما الى مكة ، فأقام الناس الحجوحجت العرب والكفار على عادتهم في الجاهلية . وعلي رضي الله عنه يؤذنببراءة ، فنادى يوم الأضحى قائلاً : لا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوفنبالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجله إلىمدته . ورجع المشركون ، فلام بعضهم بعضاً ، وقالوا : ما تصنعون ، وقد أسلمتقريش فأسلموا .
سنة 10 هـ : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطب قرب وفاته .. قال : إن عبداً من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عندالله ، فلم يدرك غير أبي بكرالصديق رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم إنما يعني نفسه ، فأجهش ابو بكررضي الله عنه بالبكاء ، وقال : نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا . ثم قال : عليه الصلاة والسلام : ( إني لا أعلم أحداً كان أفضل من الصحبة يداً منه ) .. الحديث ، ثم قال : ( لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر ) متفقعليه .
سنة 11 هـ : في هذا العام إنتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيقالأعلى فطاشت الأحلام واضطربت الألباب والرؤى ولم يحسم الأمر بوضع الناسعلى الحق غير فقه وثبات أبي بكر رضي الله عنه ، إذ قال : أيها الناس من كانيعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ،وتلا قوله تعالى : (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإن ماتأو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزيالله الشاكرين )) آل عمران 144 . حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : والله لكأني ما سمعت هذه الآية من قبل . فكان لثبات أبي بكر رضي الله عنهأثره الكبير في وحدة الصف الإسلامي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .
.................................................. ........
بيعة أبي بكرالصديق رضي الله عنه بالخلافة
حينما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم أصيب الناس بالفزع وطاشت الأحلامواضطربت الألباب والرؤى ، ولم يحسم الامر بوضع الناس على الحق غير فقهوثبات أبي بكر رضي الله عنه ، حيث قال : أيها الناس من كان يعبد محمداً فإنمحمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا على الناسقوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : (( إنك ميت وإنهم ميتون )) وقولهسبحانه : (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإن مات أو قتلانقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي اللهالشاكرين )) قال الطبري : وكان عمر يقول : لم يمت ؛ وكان يتوعد الناسبالقتل في ذلك . حتى رجع عمر رضي الله عنه عن ذلك وقال : والله لكأني ماسمعت هذه الآية من قبل .
وكان من واجب المسلمين بعد أن عرفوا بحقيقة الامر ان يسرعوا باختيار خليفةلهم يلي أمر المسلمين في شتى أمورهم المختلفة . فاجتمع الأنصار في سقيفةبني ساعدة ليبايعوا سعد ابن عبادة ، فبلغ ذلك أبا بكر ، فأتاهم ومعه عمروأبو عبيدة عامر بن الجراح ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر : منا الأمراء ومنكم الوزراء . ثم قال ابو بكر : إني قدرضيت لكم أحد هذين الرجلين : عمر او أبا عبيدة ، إن النبي صلى الله عليهوسلم جاءه قوم فقالوا : ابعث معنا أميناً فقال : لأبعثن معكم أميناً حقأمين ؛ فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح ، وأنا أرضى لكم أبا عبيدة . فقامعمر ، فقال : أيكم تطيب نفسه أن يخلف قدمين قدمهما النبي صلى الله عليهوسلم ! فبايعه عمر وبايعه الناس ... وجاء في صحيح البخاري ان أبا بكر رضيالله عنه قال : نحن الأمراء وانتم الوزراء ، إن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال : الأئمة من قريش ، وقال : أوصيكم بالأنصار خيراً أن تقبلوا منمحسنهم وتتجاوزوا عن مسيئهم ، إن الله سمانا الصادقين وسماكم المفلحين ،وقد امركم أن تكونوا معنا حيث كنا فقال : (( يا أيها الذين آمنوا اتقواالله وكونوا مع الصادقين )) فتذكر الأنصار ذلك وانقادت إليه وبايعوا أبابكرالصديق رضي الله عنه ) وفي اليوم الثاني من بيعة أبي بكرالصديق رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة دعي إلى الصلاة ، ووقف ابو بكر على المنبر ، وقام عمر وتكلم كلاماً طيباً عن فضائل أبي بكر .
فبايع الناسالصديق بيعة عامة بعد بيعة السقيفة ، ثم تكلم ابو بكر رضي الله عنه فقال بعد انحمد الله وأثنى عليه : أما بعد أيها الناس ، فإني قد وليت عليكم ولستبخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوموني ، الصدق أمانه ، والكذبخيانه ، والضعيف فيكم قوي حتى أرد عليه حقه إن شاء الله تعالى . والقويفيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى . لا يدع قوم الجهاد فيسبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهمالله بالبلاء ، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلاطاعة لي عليكم ، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله . ولم يتخلف عن البيعة إلاالذين كانوا مشغولين بتجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انتهوا منذلك بايعوا ، ولم يتخلف منهم أحد سوى سعد بن عبادة رضي الله عنه الذي تأخرقليلاً من الوقت ، ثم بايع وخرج مجاهداً ، واستشهد في بلاد الشام بعدقليلٍ من خروجه رضي الله عنه
.................................................. ..........
وصية أبي بكرالصديق التي أمر بها أن يكون عمر بن الخطاب الخليفة من بعده
ترك أبو بكرالصديق رضي الله عنه عهد عمر مكتوباً وموثوقاً بخاتمه ، وكان نص العهد الذي حرره عثمان رضي الله عنه كما يلي :
( بسم الله الرحمن الرحيم : هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة في آخرعهده بالدنيا خارجاً منها ، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها ، حيث يؤمنالكافر ، ويوقن الفاجر ، ويصدق الكاذب ، إني استخلفت عليكم بعدي عمر بنالخطاب فاسمعوا له وأطيعوا ، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكمخيراً ، فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه ، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب ،والخير أردت ولا أعلم الغيب ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) .
.................................................. ......
وفاة أبي بكرالصديق رضي الله عنه
أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( دخلت على أبي بكر رضي اللهعنه فقال : في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : في ثلاثة أثواببيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة . وقال لها : في أي يوم توفي رسولالله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : يوم الإثنين . قال : فأي يوم هذا ؟ قالت : يوم الإثنين . قال : أرجو فيما بيني وبين الليل . فنظر إلى ثوب عليه كانيمرض فيه ، به ردع زعفران فقال : اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبينفكفنوني فيهما . قلت : إن هذا خلق . قال : إن الحي أحق بالجديد من الميت ،إنما هو للمهملة . فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ، ودفن قبل أن يصبح ) ولابن سعد من طريق الزهري عن عروة عن عائشة ( أول بدء مرض أبي بكر أنهاغتسل يوم الإثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة ، سنة ثلاث عشرة ) وروى ابنأبي شيبة وغيره ( ان عمر صلى على أبي بكر في المسجد وأن صهيباً صلى على عمرفي المسجد ) قال البخاري : ( ودفن أبو بكر رضي الله عنه ليلاً ) .