يأجوج وماجوج بشر مثلنا كانوا مفسدين في الأرض، وطلب قوم ممن كان بجوارهم من ذي القرنين أن يبني سدا يحميهم من فساد قوم يأجوج ومأجوج وقد فعل.


أعتقد أن الأمر طبيعي جدا.
ولكن الذين في قلوبهم مرض أرادوا أن يطعنوا في الدين فرسموا صورا غير واقعية ليأحوح ومأجوج وتمكنوا أن يضعوا افتراءاتهم وتخيلاتهم في كتب الحديث الشريف ابتغاء الفتنة وابتغاء الصد عن سبيل الله.


ونجد الكثير من التساؤلات حول يأجوج ومأجوج من مثل:
أين سد يأجوج ومأجوج ؟؟،
هل يأجوج ومأجوج هم الصينيون أم الروس أم .....مثلا؟؟
متى سيفتح سد يأجوج ومأجوج ؟؟
هل فتح يأجوج ومأجوج من علامات الساعة ؟
ونجيب على هذه الأسئلة وأمثالها بما يلي:


1- وجود سد يأجوج ومأجوج خقيقة قرآنية ، نؤمن بوجوده دون أن نراه " الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقنهم ينفقون" فالإيمان بوجود السد هو إيمان بالغيب، وكل من يؤمن بالغيب يؤمن بوجود السد


2- السد لم يكتشفه أحد حتى الآن ، ولعله مدفون تحت الأرض ، فقد وجدت آثار كثيرة ومدن كبيرة من آثار الأمم السابقة مدفونة تحتى الأرض


3- سد يأجوج ومأجوج يبقى قائما إلى يوم القيامة وعندها يجعله الله سبحانه وتعالى دكا ، أي أن فتح يأجوج ومأجوج هو من الأحداث المصاحبة لقيام الساعة وليس علامة من علاماتها .


لتتاقش مسألة فتح يأجوج ومأجوج كما هي موجودة في القرآن الكريم ودون الخضوع للروايات المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أزعم أن هذه الروايات مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم


"يقول الله سبحانه وتعالى عن ردم يأجوج ومأجوج : "قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌۭ مِّن رَّبِّى ۖ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّى جَعَلَهُۥ دَكَّآءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّى حَقًّۭا ،وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍۢ يَمُوجُ فِى بَعْضٍۢ ۖ وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَٰهُمْ جَمْعًۭا”(الكهف:98،99)


لنلاحظ قوله سبحانه وتعالى:”وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍۢ يَمُوجُ فِى بَعْضٍۢ ۖ وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَٰهُمْ جَمْعًۭا” على ماذا تدل كلمة " يومئذ" في الآية الكريمة؟
لا شك أنها تدل على يوم القيامة " وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَٰهُمْ جَمْعًۭا "
إذا يوم يجعل الله سبحانه وتعالى ردم يأجوج ومأجوج دكاْء؛ هو نفس اليوم الذي ينفخ فيه في الصور كما هو واضح في الآية الكريمة .


ويقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء: “حَتَّىٰٓ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍۢ يَنسِلُونَ، وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ فَإِذَا هِىَ شَٰخِصَةٌ أَبْصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ يَٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍۢ مِّنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَٰلِمِينَ”( الأنبياء:96،97 )
كلمة ” ينسلون” وردت في القرآن الكريم مرتين فقط. هنا في سورة الأنبياء، وفي سورة يس الآية:51 “وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ” و لا شك أن كلمة " ينسلون " تدل على نفس المعنى في الآيتين الكريمتين، وهو خروج الناس من الأرض يوم القيامة.
ويمكن أن نفهم قوله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء “واقترب الوعد الحق” من خلال فهمنا لقوله سبحانه وتعالى في سورة الكهف :" وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍۢ يَمُوجُ فِى بَعْضٍۢ ۖ وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَٰهُمْ جَمْعًۭا”


فالواضح من الآيات الكريمة أن فتح يأجوج ومأجوج هو حدث من أحداث الساعة وليس علامة من علاماتها كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم :”…فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادا لي، لا يدان لأحد بقتالهم. فحرز عبادي إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج. وهم من كل حدب ينسلون. فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية. فيشربون ما فيها. ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه، مرة، ماء. ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه. حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم. فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه. فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم. فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة. ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض. فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم. فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله. فيرسل الله طيرا كأعناق البخت. فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله. ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر. فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرك، وردي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة. ويستظلون بقحفها. ويبارك في الرسل. حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس. واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس. واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس. فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة. فتأخذهم تحت آباطهم. فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم. ويبقى شرار الناس، يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة".. صحيح مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة؛ باب اقتران الفتن، وفتح ردم يأجوج ومأجوج)


4-لو سألت أيـًّا ممن يعتقد أن كل ما في الصحيحين صحيح: هل يمكن أن تقوم الساعة غدا ؟ سيقول لك وبدون تردد : لا, لأن الدجال لم يخرج بعد، ولم ينزل المسيح عليه السلام،ولم تظهر النار التي تحشر الناس إلى محشرهم، و...، و...، ولن تقوم الساعة حتى تظهر هذه الآيات. فهو مطمئن إلا أن الساعة لن تأتي بغتة، ولن تأتي قبل ظهور علامات معينة يسمونها علامات الساعة الكبرى.
والله سبحانه وتعالى يخبرنا في كتابه العزيز أن الساعة تأتي بغتة، بدون مقدمات ولا علامات، لا علامات صغرى ولا علامات كبرى :


يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( الأعراف: 187)


"هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ". ( الزخرف: 66)
" ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير"(النحل:77) .


" فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها " (محمد:8)
فأشراط الساعة قد جاءت وانقضت ، ولعل من أهم هذه الأشراط بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، ولسوف تأتي الساعةُ الناسَ بغتة وهم لا يشعرون.


قد تأتي الساعةُ في هذه اللحظة ، وقد تأتي غدا، وقد تأتي بعد غد ، قد تأتي في أي لحظة ، فهي كما أخبر الله سبحانه وتعالى لا تأتي إلا بغتة.


إذا حاولنا فهم كتاب الله سبحانه وتعالى ، بمعزل عن الروايات المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على اعتبار أن من نقل هذه الروايات إلينا هم بشر مثلنا يصيبون ويخطئون ، وأن هذه الروايات قد تصح نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تكون مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم،وضعها الوضاعون ، قبل عصر تدوين الحديث في القرنين الثاني والثالث الهجريين .حيث كانت الأحاديث تتناقل مشافهة بين الناس.
وإذا صحت نسبة هذه الروايات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلن تجد بينها وبين كتاب الله سبحانه وتعالى أي تعارض أو اختلاف ، ولكننا قبل أن نبدأ بقراءة الآيات الكريمة التي تتحدث عن فتح يأجوج ومأجوج ، نجد أن هذه الروايات تعارض كثيرا من الآيات الكريمة في كتاب الله سبحانه وتعالى ، فكتاب الله سبحانه وتعالى يبين أن الساعة تأني بغتة، وأن أشراطها قد جاءت وانقضت قبل أكثر من أربعة عشر قرنا: " فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها " (محمد:8)
وهذه الآية الكريمة وضعت البشرية في حالة ترقب وانتظار للساعة منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان " فهل ينظرون" ،وإذا قلنا أن للساعة علامات لا تأتي الساعة إلا بعد مجيء هذه العلامات ، فإننا لا نستطيع القول: أن الساعة تأتي بغتة، وبدلا من أن نترقب وننتظر الساعة" فهل ينظرون" نترقب وننتظر علامات الساعة، وهذا هو واقع الأمة اليوم فالأمة اليوم لا تتنتظر الساعة، وإنما تتنتظر علاماتها.