جناحي ..ملاك
لم تكن يوما ككل اقرانها من الاطفال لم تكن تستطيع اللحاق بهم ابدا او مجاراتهم باللعب راكضين
كان ذاك الحذاء الحديدي حول قدميها يعيق حركتها كثيرا حذاء يقوم اعوجاج قدمها التي خلقت بها
الجميع يسبقها ...الجميع يركض الا هي واقفه او تمشي بخطوات ثقيله.
لم تكن يوما راضيه عن ما خلقت به من ((خلع ولادي وركي مزدوج)) لم تستطع ان تعتاده رغم انها اعتادت عيادات الاطباء والمشافي
والزيارات المتكرره كما المعالجات الجراحيه ايضا
ما كان يجعلها اكثر بؤسا انها الوحيده بين اقرانها المختلفه لم تكن ترى احدا مثلها
الجميع اصحاء ولا يعانون من اي خلل جسماني الا هي كان هذا الامر يجعلها شديدة التوتر وكثيرة الصراخ واكسبها طبع عدائي لاقرانها
لتدخل بمشاحنات كلاميه لا تلبث ان تتطور للضرب تعلم جيدا انها الحلقه الاضعف في حالات الوقوف اما على الارض فالكل متساوون
كانت تحرص بشده ان ترمي غريمها على الارض باي وسيله لتؤمن التعادل بينهما
تضرب بشده وعلى الارجل بشكل مباشر وكانها تنتقم من ارجلهم السليمه لرجلها المعوجه
كم ابتسمت وهي تراهم في اليوم التالي يعرجون مما سببته لهم من الم متوعده لهم بالمزيد في المره القادمه
مع هذه العدائيه الشديده كان الاطفال يتحاشونها من ناحيه خوفا وليس رأفة بها
ومن ناحيه اخرى كانت الام لا تخفي قلقها من عدائية صغيرتها وكان القلق يزاد كلما وصلت للمنزل ملطخة بالطين او التراب
لتعلم ان صغيرتها كانت بعراك .....تحاول الام جاهدة ان تستفسر عن السبب ولكن دون جدوى ...لم تكن تسمع الا ((ساضربهم حتى الموت))
لم تكن تستطيع ان تبوح لامها بان هناك من يستفزها بقوله ((عرجاء))
ليس رأفة بقلب الام وانما استنكارا تاما لعرجها الواضح الذي بات اشبه بمظله سوداء فوق راسها تحول بينها وبين احلامها
لا يمكنها الهروب منه ولا هو قد يغادرها يوما
تعود لسكينتها التامه بحض والدتها ...هنا يكمن الامان اللامتناهي لا احد يقترب منها ولا يعكر صفوها
هنا مملكتها الخاصه رغم ان اخوتها يشاركونها بها الا ان لها الحصة الاوفر ليس من الام فحسب انما من الجميع
هنا تبوح بمكنونات صدرها ..تسأل وتستفيض
--ماما لما انا هكذا؟
=لانك ملاك حبيبتي
-كيف هو الملاك
==مثلك جميل وله ساقين غير متساويتين
لم تكن تعلم ان اسئلتها اشبه بسيف يغرز قلب الام ولا سبيل لايقافه
_لما؟؟لانه يمشي على الغيوم
=نعم ولانه يطير
-له اجنحه
=نعم
-وانا
ستظهر اجنحتك ريثما تكبرين قليلا
_اين هي؟
كانت الام تمسك بكتفها وترجعه للخلف قليلا لتظهر عظمة الكتف عندها ....تمسك يدها وتجعلها تتحسس العظمة الناتئه
هذه هي ولكن ما زالت صغيره لا تحملك عاليا
_هل سيبزع عليها الريش
=نعم
-ما لونه
=ذهبي
-كل الاطفال لهم اجنحه
=لا ....فقط انت
كانت تتحسس ظهر اخوتها فيرجعون ظهروهم للخلف فلا يظهر لها شيء تضحك فرحه
-ماما ليس لهم اجنحه
اخذت اجنحتها جل اهتمامها حيث انستها لوقت رجلها المعوجه والقصيره قليلا عن الاخرى
كانت لا تفكر الا بالاجنحه لانها افضل من الارجل كما الطيران افضل من المشي والافضل في كل هذا انها ستكون متفرده بها
كان يمسك اخويها بها ويحومون بها وكانها تطير تصرخ بصوت عالي
-ماما ساطير هكذا لوحدي
=نعم
هذا كان يجعلها ترى نفسها مميزة جدا بين اقرانها وكانت متاكده ان المميزين هم المختلفين
وعندما يسألها احد عن عرجها ..تجيب بنزق ملحوظ --لانني ملاك--
استطاعت ان تستدرك ما هي عليه سنه تلو الاخرى لم يعد العرج هاجس يقد مضجعها ابدا
انه شيء تتكامل به لاقصى ما يمكنها
لكنها ما زالت مؤمنه ان المميزين هم المختلفين
لم ينبت ريش اجنحتها ولم تكبر ممتده خارج جسمها لكنها تشعر باجنحتها وبقوتها
فتستطيع ان تحلق متى تشاء وتطير لابعد مدى
................
ان كانت النسور تحلق عاليا باجنحتها القويه
يمكن للانسان ان يحلق اكثر منها باجنحة عائلة ينهل الحب فيها بلا حسبان
ويكتسب القوة بلا مقابل وتتكاتف معه دون ان يطلب
عندما نستمد القوة من الاسره ...تسقط كل الرهانات
هنا الاساس الذي نبدأ منه مسيرة حياتنا والعزم الذي نستعين به
=======
جناحي ملاك-2-
وللحديث بقيه