نظراً لشدة الحرارة في بغداد صيفا، ونظرا لوقوعها على نهر دجلة الخالد لذا كانت السباحة هي المتنفس تقريبا للتخفيف من شدة الحرارة، التي لا تطاق خاصة في شهري تموز واب. والكلام في هذا الشأن كان ولا يزال مقصورا على الرجال والاولاد من دون النساء ولم يتسن لاحد ان يرى امراة على الضفاف في تلك الايام بقصد السباحة والا صارت شهيرة.
وانما قد تجد من تغسل ملابس العائلة او الحاجات البيتية المعروفة في تلك الايام الخوالي. ومن تلك الوسائل الراكزة في الذاكرة، عدا السبح ومفرداته من الكرب والجوب والجراديغ، المصارعة في الزورخات التي تعني اماكن القوة، وهي عبارة عن حفرة بعمق متر واحد واقل او حسب القواعد المتبعة انذاك، وتكون على شكل دائري، تفرش بالرمل وغيره، ويكون باب الزورخانه ضيقا لكي يتواضع المصارع ويطأطأ رأسه ولكي لا ينسى مسألة الانحناء منعا للغرور والتباهي فمهما بلغ الانسان من قوة فهو ايل لا محالة للضعف والهزال.
وتؤدي تمارين المصارعة بمصاحبة الايقاع ومصدره دنبك كبير يدعى (الزرف). ومن ادوات المصارعة الكبركة والاميال الاولى من الحديد والثانية من الخشب كذلك التختة لممارسة التمارين الاولى للمصارعة البغدادية الا وهي المسماة بالشناو الشبيهة تمطي القطة، وتحريك اعضاء الجسم كافة، وفقا للايقاعات التي يوقعها المرشد الذي يحمس المتصارعين بالمقامات العراقية، وخاصة مقام الدشت، والتغني بمآثر الرسول الكريم والعترة الشريفة ومناقب الرجال الصالحين من الامة.
لقد استهوت هذه المصارعة الشباب البغدادي، وشغلته عن توافه الكثير من العبث والتبطل. ولهذا كثرت اماكن الزورخانات في رصافة بغداد خاصة وفي محلات مثل العونية وباب الشيخ والفضل والحيدرخانة والدهانة والصدرية، ولا تعدم ان تجد بعضها في الكرخ والكاظمية وغيرهما.وهناك وسيلة لهو تمثل في الحقيقة تاريخيا قديما الا وهي تربية الطيور من قبل بعض الناس الذين تستهويهم هذه الهواية، ولكن لم تكن هذه الفئة تحظى بالاحترام من قبل المجتمع البغدادي نظرا لما يحدثه المطيرجي من صخب وضوضاء وشجارات مع بقية المطيرجية، ومن رمي الاحجار على الجيران، وحلفه بأغلظ الايمان لكسب طير لا يتساوى ومستوى قسمه. عليه كان القاضي في محاكماته لا يقبل شهادة من يثبت عليه تطيير الطيور ويميز بين الزاجل والمسكي والزنكي والكمرلي والعنبري والاشعل والاكري والرمادي ومن وسائل اللهو عند اهل بغداد قديما الاستماع الى القصخون او قارئ الروايات والقصص وسير الابطال..
وتلك ايام مضت، خلت فيها مثل الملاهي الليلية والسينمات والباركات.. يومها لم يكن هناك راديو وتلفاز وسيدي ودي في دي وبلي ستيشن وغيرها. وان اشهر قصخون عرفته مقاهي بغداد هو الملا ابراهيم الموصلي والمتوفى سنة 1890 ميلادية رحمه الله وجزاه عنا خير الجزاء، وان لم ندرك زمنه لنحكم على طريقته في الالقاء واعطاء المواقف الحرجة حقها من التمثيل والتمثيل. وهناك وسائل اخرى للهو وصرف الوقت كيفما اتفق، كمهارشة الديكة وافضلها الهراتي المستعد دوما للنزال مع الخصوم، ومناطحة الاكباش، والتفرج على القراد وترقيصه لقرده، والحاوي الذي يملا كيسه بالافاعي المخيفة، والاستماع لعازف الربابة ويكون دائما بدويا. اما الجانب الادبي، فقد كان من مفاخراتهم حفظ اكبر عدد من الابيات الشعرية لمختلف الشعراء، لممارسة المطاردات الشعرية، وقصب السبق يكون لمن يكون دلوه مملوءا دوما بالشعر ولا يتوقف حتى يعجز متحدوه. وفي الربيع تبدأ احتفالات الهلاي بابهة وفخامة لزيارة الصحابي الجليل سليمان الفارسي او سليمان باك أي النظيف. ولهذا قيل باك يا سليمان باك. بعدها تبدأ الكسلات البغدادية وبعد العيدين مباشرة.وتوزع ايام الاسبوع على زيارة بعض العتبات المقدسة ومراقد الصالحين. تلك وسائل اللهو عند البغادة ذكرنا البعض منها.