-محمد-
عندي عم دايم يتنقل من ديرة لديرة ، نادر جداً نشوفه ، آخر مرة شفته كان عمري 9 سنوات ، كانت زوجته توها متوفية ، وكان جاي علشان العزاء .
عنده بنت وحدة وولد ، البنت وقتها كان عمرها سنتين و الولد عمره سنة ، أسمها على حسب ما أتذكر زينب ، وأخوها إسمه خالد .
اليوم وبعد 18 سنة ، جانا خبر وفاته ، وعياله وزوجته راح يجون لعندنا ، أمي جداً متوترة ، لأنه على حسب ماسمعت إنه زوجة عمي قمة بالجمال ، وخايفة لو أبوي ياخذها عليها ، مشكلة عدم الثقة بالنفس .
أختي ديما متحمسة تشوف بنت امي لأنها بنفس عمرها ، وبما أنها البنت الوحيدة بين 4 أخوان ، كانت تبغى تجرب شعور الأخت .
أخوي اللي أصغر مني سلطان 24 سنة ، كان مو مهتم بالمرة ، هذا الإنسان بارد جداً وقليل الكلام ، يدري بكل شيء عن البيت لكنه مايقول أي شيء ، وينطبق عليه مثل " صمت دهراً ونطق كفراً " اذا بيتكلم لازم يكون كلامه صريح بشكل جارح .
على عكس سامي عمره 22 سنة ، مرح جداً الكل يحبه بالبيت وبرى البيت ، انسان مجامل من الدرجة الأولى ، إبتسامته ماتتزحزح عن وجهه .
وآخر العنقود الدلوع مرة أمير 18 سنة ، كل شيء لازم يصير زي مايبغى ، وأمي كل شيء يقول لها تسويه ، ولدها المدلل ، كان يبغى يشوف السكان الجدد مثل مايقول ، وجالس من الصبح وهو يتأمر على الخدم علشان يرتبوا غرف عيال عمي زي مايبغى ، ومايصير اي شيء ناقص ، مثل مايقول " لازم يكون كل شيء متكامل ومايصير شيء ناقص علشان مانتفشل " ، أحب أتسبب فيه وطول ماهو يرشد الخدم كنت وياهم أسوي عكس مايقول وأخليه يعصب .
أبوي إنسان جاد جداً ، ماعمره حسسني بأنه أبوي ، حنون على أخواني كلهم ، عداي أنا ، أتسائل أحياناً ليه ، لكن أحاول ما أركز بالموضوع .
حان وقت وصلهم ، كنت أتخيل بتدخل بنت مرة فالتها تمشي بشعرها وتحاول تعدل الغطاء ولابعارفة ، وعباتها نص مفتوحة ومتبهدلة بنفسها ، وولد مرة كول وماسك سجارة بيده ورافع خشمه ولابهامه شيء ، ولابعارفين كيف يتكلمون عربي ، وزوجة عمي أتخيلها بنانية بيضاء وعيونها زرقاء .
لكني إنصدمت بالواقع .
دخلت زينب ، بحجاب كامل ، تمشي بإتزان ، جت أختي تنقز .
ديما : هاي ، ماي نيم ديما ، وات يور نيم ؟
زينب : هههههههههههه ، أعرف أتكلم عربي زيي زيكم ، "مدت يدها " أسمي زينب
ديما : وي ، فشلت نفسي
وضمتها ، إستغربت زينب لكن سلكت لها وهي مو فاهمة وش سر هالحماس
دخل خالد بثوبه السعودي ، يمشي وهو منزل راسه ، طق على الباب قبل لايدخل : أحم أحم يا حريم
ديما : أدخل كلنا متحجبين
دخل بهدوء وهو لسى منزل راسه ويمشي ، اتجه لزينب ومسك ذراعها وصار يهمس : وين غرفتنا ؟
زينب : ديما ممكن تدلينا غرفتنا علشان نحط الأغراض ،
ديما : خلي أغراضكم هنا الخدامة تجي تدخلهم
زينب : علشان يستريح خالد بعد
ديما : اوكي تعالي معي أدليكم عليهم
دخلت بعدهم مرت عمي ، أسمها هناء ، وعلى عكس ماتوقعت ، كانت سعودية .
جت لها أمي على طول : أهلاً يا هناء ، أنا أم محمد
هناء بإبتسامة: أهلين ياهلا بك ، أعتذر على جيتنا المفاجأة ، لكن تعرفين وفاة أبو خالد جت فجأة ، ومالنا أحد غير الله وأنتم ، لكن بإذن الله أسبوعين ثلاثة بالكثير وراح ننتقل من عندكم ، أخوي راح يرجع من السفر وبيدبر لنا مكان نسكن فيه
أمي : ولو ، البيت بيتكم والمحل محلكم ، حياك أدخلي ، وخليكم هنا قد ماتبون .
تقدمت هناء وأمي كشرت بوجهها ، كانت متوسطة الجمال ، لكن أمي خلاص حقدت ههههههههههه
كنت جالس على الكنبة وأتابع الكل بهدوء وبجنبي جالس سلطان وماسك كتابه ويقراء .
دخل أمير من الباب يسرع ، جو جو جو
محمد : لا بحر
أمير : سخيف ، أقول لك جو
محمد : من زمان جاو ، راحوا غرفهم أمي وديما معاهم
أمير : وش قالوا الغرف عجبتهم واله لا ، ترى تعبت أرتبهم
سامي من وراه : اللي يسمعك يقول أنك سويت شيء ، ماشفتك غير تأشر والخدم هم اللي يرتبون
أمير : إنت أسكت ، ليكون يامحمد عفست شيء لما طلعت
محمد بنظرة خبث : الله العالم
راح أمير يركض يشوف وش سويت ، وانا جلست أضحك مه سامي .
-زينب -
لما توفى أبوي قبل شهر تقريباً ، كانت فاجعة بالنسبة لنا ، أخوي خالد المريض بالتوحد ، و زوجة أبوي اللي هي بمثابة أمي ، كنا محتارين وش نسوي بدونه ، أخوي أمي كان مسافر ومايقدر يجينا ، و مالنا أحد نعرفه غير عمنا اللي بالسعودية ، وكان تواصل أبوي معه قليل ، لذلك ماقدرنا نوصل له اله بعد شهر من توفى الوالد .
قررنا ننزل للسعودية و نبات عندهم لفترة قصيرة على ما يجينا أخو أمي ، كلمنا عمي ورحب فينا على غير المتوقع .
والآن إحنا عندهم لنا 3 أيام ، ديما لطيفة جداً وتعاملني كأخت لها ، مرت عمي ماكانت حابة وجودنا بتاتاً ، أما عيالهم ما تواصلت معهم كثير ، نادر أشوفهم ، يا نايمين يا برى البيت يا يدرسون ، تعرفت على أمير انسان لطيف ، و تعرفت على سامي انسان مرح ، كانوا يحاولون يتواصلون مع خالد لكنه كان غير متعود إنه يندمج مع ناس غرباء ، اتذكر اني شفت محمد وسلطان اول ماوصلنا عندهم ، وماعاد شفتهم ثاني .
نزلت من فوق على الغداء .
زينب : السلام عليكم
الكل : وعليكم السلام
ديما : زوووز زوووز ، بكرى بروح عرس لوحدة من صاحباتي وودي تروحين معي
أبو محمد : ديما بنت عمك توها جاية خليها تستريح شوي
زينب بإبتسامة : لا مافي مشكلة خذنا وقت وإرتحت ، خلاص أروح معك
ديما : ياااااي ، عندك فستان تلبسينه واله نروح بعد شوي نتسوق
زينب : عندي ، وإذا تبين لما نتغداء اوريك الفساتين وتحتاري لي منهم
ديما : اووكيييي
بعد الغداء جيت بصعد لفوق ، وشفت فوق الدرج واحد من عيال عمي ما ادري هو سلطان او محمد ، هم يتشابهون عموماً .
كان جالس على الدرج وماسك كتاب بيده ويقراء بإندماج .
جلست بجنبه : أهلاً
أنصدم من وجودي ومن قوة الصدمة طاح الكتاب على الأرض .
زينب : وش فيك ، حسستني أنك شايف جني
هو بصدمة وبصوت عالي : وش قلة الأدب ذي ، انتي ببيت محترم ، تعاملي معنا بإحترام ، مو تجين وتجلسين جنبي بكل قلة أدب ، أحترمي كونك إمرأة و ...
قاطعته : أعصابك طيب ، هذا انا لابسة حجابي وماقللت أحترامي ، و ...
كمل ولا كأني تكلمت : قال ماقللت إحترام قال ، إنك تجين وتجلسين ، هذي وش اسميها ، أخلاق عاليه ؟ هذا اللي تعلمتيه من الدوارة من ديرة لديرة مع أبوك ومرت ابوك المتخلفين ، انك تجين وتجلسين جنب الشباب بدون أي حياء ، قلة أدب ، وتخلف ، وعدم احترام ، احنا مجتمع محافظ ، وفيه حدود بين المرأة والرجل ، رجاءً لاتتعدينها ، او تحاولين حتى ، خليك بطريقك وخليني بطريقي
كانوا كل اللي بالبيت تجمعوا .
أبو محمدبصوت عالي : سلطان
سلطان كمل بدون اي اهتمام : اقسم بالله لو شفتك مرة ثانية قدام وجهي اني اخليك تلمين اغراضك انتي واخوك ومرت أبوك ، واذا أبوك مارباك ، قولي لي علشان أربيك
تجمعت الدموع بعيوني وانا جامدة ولابعارفة وش أقول او وش أسوي
جا صوت من فوق : من .. من سمح لك انك ترفع صوتك على اختتي .. هذي .. هذي هي قلة الترباية ... و .. و ثاني مرة لاتجيب طاري أبوي على لسانك .. أحترم ن ن نفسك شوي
مسك خالد يدي وسحبني معه لفوق
خالد : ال .. القذر .. الحيوان .. الس سافل
دموعي صارت تنزل ، أول مرة أحد يصرخ بوجهي بهالطريقة ، وفوق هذا كان يغلط على ابوي ، وانا ماقدرت ارد عليه .
خالد : لا تبكين ، كم يوم .. و و بنطلع من هنا
وانا ابكي : ما رديت عليه ، كيف سمحت لنفسي اني ما ارد عليه
خالد : مو .. ذ ذنبك
صرت ابكي ونزلت على الارض ، نزل خالد بمستواي وصار يمسح على شعري بهدوء .
-سلطان-
كنت نازل من فوق وكنت أقراء كتاب جديد ، جلست على الدرج شوي .
سمعت جنبي صوت ناعم ومرح : أهلا
ألتفت وشفت بنت عمي ، كانت قريبة مني ، اول مرة أشوف بنت من هالمسافة ، حتى اختي ماعمرها صارت قريبة مني لهالدرجة ، كنت ملامحها هادية وناعمة ، عيونها كانت واسعة وتلمع بطريقة عجيبة ، وخثلة كنت طالعة من تحت الحجاب ، كان شعرها أسود زي الليل ، ابتسامتها حسستني انها ملاك ، شكلها الطفولي الناعم خلاني اتوتر
صرت أصارخ وما ادري وش قلت وقتها ، شفت دموعها صارت تتجمع ، أبغى أوقف عن الكلام لكن مو قادر ، انفلت لساني ، ليمن سمعت صوت أخوها من فوق ، لحظتها ودي رحت ضميته لأنه قدر يوقفني ، مسكها وسحبها معه لفوق.
جلست على الدرج ثاني وانا أحس بالحر ، ودمي يغلي ووجهي أحمر من شدة الإنفعال .
أبوي : عيب عليك يا سلطان تقول هاللكلام لها ، البنت يتيمة
ديما : وانا اللي اقول عنك اخوي العاقل
سلطان : انتي تسكتين يابزر
شلت كتابي ونزلت من فوق ورحت على سيارتي ، كانت امي تطالع كل شيء بصمت .
رميت الكتاب بجنبي ، سندت راسي لورى ، وغمضت عيوني شوي ، لكن صورتها اللي جت براسي خلتني أفتح عيوني بسرعة ، أحس بالذنب .