أصبحت شركتا آبل وسامسونغ الآن قوتان لاعبتان تهيمنان على السوق



تخيل أنك قضيت سنوات وأنفقت الكثير من الأموال لتطوير تكنولوجيا جديدة تعتقد أنها ستلعب دورا في تغيير قواعد اللعبة في القطاع الذي تزاول فيه نشاطك.




فهل تحمي استثماراتك بعناية وتتأكد من أن ما لديك من تصاميم يخضع للحماية بموجب براءات الاختراع، أم تسمح لشركات تنافسك بالاستفادة من أبحاثك بهدف تعزيز السوق بوجه عام؟
خلال الأسبوعين الماضيين أشار إليون ماسك، مدير شركة تيسلا موتورز، إلى تلميحات قوية تكشف عن أنه يفكر في الخيار الثاني.
يذكر أن الشركة أنتجت سيارة كهربائية من طراز "إس" قادرة على السير بسرعة تعادل سرعة السيارات الرياضية مثل بورش 911، بالإضافة إلى توفير إمكانية السير لمدة 250 ميلا بين كل شحنة وأخرى. وينظر إلى السيارة على نطاق واسع على أنها ستتصدر سوق السيارات الكهربائية.
وقال ماسك، خلال الاجتماع السنوي العام لشركة تيسلا، إنه مندهش من أن شركات صناعة السيارات الأخرى لم تفكر بعد في أي شيء مماثل، وأضاف أنه يفكر مليا في عمل "شيء مختلف" من خلال براءات الاختراع بهدف تعزيز قطاع السيارات الكهربائية.
سألت ماسك، خلال مقابلة شخصية الأسبوع الماضي، إن كان ذلك يعني أنه يستعد لنشر التكنولوجيا. وكان رده أنه "على الطريق الصواب".
وقال لي إنه لا يوجد ما نجنيه من خلق عوائق تكنولوجية لتطوير السيارات الكهربائية – أو كما قال :"لا نريد أن نقطع طريقا إلى الغابة ثم نضع حزمة من الألغام وراءنا".
خلافات صناعية

إذا كانت شركة تسلا تعتزم اتخاذ مثل هذه الخطوة، فإنها تفتح بذلك آفاقا جديدة في مجال صناعة السيارات.
وتتقاسم شركات صناعة السيارات بعض براءات الاختراع، وعادة ما يأتي ذلك في نطاق المشروعات المشتركة عندما تتقاسم تكاليف البحوث، ثم تمنح ترخيصا للشركات لتصنيع أجزاء من تصميمها، مقابل رسوم كبيرة. لكن كقاعدة، لا تفصح عن أفكارها.
عهدت شركة فولفو إلى شركات لتصنيع أحزمة مقاعد سياراتها


وكان الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو قرار شركة فولفو في مطلع ستينيات القرن الماضي عندما أعطت تصميمها الخاص بأحزمة المقاعد الثلاثية في سياراتها إلى شركات أخرى. لكن هذا القرار أتخذ لأسباب خاصة دون تحقيق أي منفعة تجارية.
ويعتبر تبادل التكنولوجيا في بعض الصناعات من الأشياء الشائعة إلى حد ما. فعلى سبيل المثال من المتعارف عليه في مجال تكنولوجيا المعلومات مفهوم "المصدر المفتوح"، فالبرامج والتصاميم الخاصة بالمعدات تتاح بتراخيص مجانية، وهو ما يسمح للناس باستخدامها وتوزيعها وتعديلها بحسب الرغبة.
والفكرة هي أن ذلك يعزز التعاون بين الباحثين كما يعزز التطوير الأسرع ومستويات تغير المجالات بين الشركات الصغيرة والشركات الكبيرة. كما يرسي حجر الأساس لبناء أسواق جديدة.
باحثون مستقلون

أنشأت مبادرة أندرويد بقيادة شركة غوغل، على سبيل المثال، منصة برامج يمكن لأي شخص أن يستخدمها، وبناء عليه أصبح هناك قطاع نشط في تطوير التطبيقات بالنسبة للأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل أندرويد، ناهيك عن الأجهزة نفسها.
أحد جمهور المعجبين بهذا النظام أدريان باوير، وقد أسس مشروع (ريب راب)، وهو عبارة عن مبادرة بدأت عام 2005 لوضع تصاميم لطابعات ثلاثية الأبعاد بالمجان على الإنترنت. كما يدير مشروع (ريب راب) وهي شركة تبيع أطقم طابعات ثلاثية الأبعاد كاملة. ويقول إن مفهوم المصدر المفتوح يحقق منافع هائلة.
وقال :"لقد حول جميع مستهلكينا إلى مطورين. فكل من يشتري أحد أجهزتنا يمكن أن يقف على طريقة عملها، وتعديل البرامج التي تتحكم فيها، وعادة ما يرسلون إلينا بمقترحات من أجل تحسينها. كما لدينا عدد هائل من الباحثين المستقلين بدون مقابل".
لكن الخطر يكمن في استغلال المنافسين لفرصة الحصول على بعض البحوث المجانية، غير أن باوير قال إن ذلك لا يحدث عادة.
(ريب راب) تبادلت تصاميم تتعلق بطابعات ثلاثية الأبعاد على الإنترنت


حروب الهواتف

يقول أليكس ويلسون، محامي براءات اختراع في شركة "باويل غيلبيرت"، إنه ما تزال هناك ثغرات، مضيفا أن قطاع صناعة الهواتف المحمولة يتيح بعض الأمثلة التي تحتوي على مزايا وعيوب لعمليات تبادل التكنولوجيا.
يذكر أنه في ثمانينيات القرن الماضي تعاونت شركات اتصالات أوروبية لإطلاق منصة مشتركة للهواتف المحمولة، وتقاسمت براءات الاختراع لإطلاق ما أصبح يعرف بالشبكة المعيارية الدولية (جي إس إم).
وقال ويلسون :"كان ذلك ناجحا بشدة في قيادة التكنولوجيا وتبنيها على مستوى العالم".
وأضاف :"ثم نبعت المشكلة في وقت لاحق وفي أوج النجاح عندما بدأت الأطراف اللاعبة في السوق تختلف فيما بينها بشأن القدر الذي يجب دفعه من أجل استغلال براءات الاختراع تلك".
ويعتقد أن تهيئة معيار مشترك قد سمح أيضا لشركات هواتف دخلت السوق بعد ذلك، مثل سامسونغ وآبل، بسحب البساط من الشركات المنافسة لها.
وأصبحت شركتا آبل وسامسونغ الآن قوتان رئيسيتان تهيمنان على السوق، كما أصبح كل منهما يحمي براءات اختراعات من تطويرهما.
عدم توافر بنية تحتية للشحن يعتقد إلى حد كبير أنه أحد عوامل تراجع مبيعات السيارات الكهربائية


تغيير قواعد اللعبة؟

وماذا عن شركة تيسلا؟ يعتمد الكثير في هذا الأمر على قدر ما تتيحه الشركات للآخرين من التكنولوجيا. لقد أشارت الشركة بالفعل إلى أنها ستساعد الشركات الأخرى في تهيئة سياراتها من أجل استخدام شبكة محطاتها للشحن السريع.
وذلك يحمل مغزى، فثمة اعتقاد بأن عدم توافر بنية تحتية للشحن يعد أحد عوامل تراجع مبيعات السيارات الكهربائية إلى حد كبير.
لكن في حالة إفصاح الشركة عن أسرار سيارتها من طراز "إس"، فهل يغير ذلك من قواعد اللعبة بالنسبة للقطاع؟
يقول جاي ناغلاي، بشركة "ريد سباي" لاستشارات السيارات :"يعتمد ذلك على قدر المنفعة التي تعود من الشركات الأخرى."
وأضاف "فبالنسبة للطراز "إس" يبدو أنهم أبلوا بلاء حسنا من حيث تطوير تكنولوجيا قائمة، لكنهم لا يحصلون بالفعل على تكنولوجيا جديدة فيما يبدو."
وقال :"إنهم رواد في السوق، لكنهم في نفس مضمار باقي الشركات."