ما حصل في الموصل وما سيحصل في بغداد استنتاج عسكري
عماد عبد الكاظم العسكري
الحوار المتمدن-العدد: 4481 - 2014 / 6 / 13 - 09:19
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
يجب على اهل الشأن والمختصين بالاستراتيجيات العسكرية في مرحلة التعرض لغزو من جهة معادية التفكير بعقيلة الغزاة لكي تستطيع ان نديم خطوط المعركة والتواصل مع كافة القطعات العسكرية الماسكة بالأرض من اجل عدم اعطاء فرصة للمهاجمين من ان يحققوا انتصارات كبيرة وواسعة على حساب اهل الارض فلقد فاجئ تنظيم داعش ومن تحالف معه من بقايا البعث والحزب الاسلامي والفصائل الاخرى احتلال محافظة الموصل بالكامل وسقوطها بيدهم في ايام قليلة جداً تصل في اقصاها بين 4-6 ايام وهذه هي استراتيجية الحروب السريعة والخاطفة التي دأبت عليها الولايات المتحدة الامريكية بعد احداث 11 ايلول باستخدام القوة النارية الكثيفة في الهجوم ومفاجأة العدو واستخدام عنصر المباغته للقطعات العسكرية والإعلام وبهذا استطاعت تحقيق الانتصارات بأقل الخسائر العسكرية في الحروب التي خاضتها في مختلف البلدان ومنها العراق ولكي نفهم استراتيجيات العدو يجب ان نحلل شخصية العدو فهل هو عصابات اجرامية مدنية ام انهم عسكريون او انهم خليط بين العسكريين والمدنيين لكي نفهم طرق وأساليب الخطط التي يمكن ان ينتهجوها مستقبلاً من خلال المعطيات التي برزت خلال تحركاتهم في المدن التي دخلوها نستطيع ان نستنتج ان هولاء هم عسكريون ومدنيون والقيادة هي قيادة عسكرية لعدد من الضباط والمراتب والتنفيذ بحرفة يقوم به اتباع هذه التشكيلات مستفيدين من وسائل الاعلام التي تتبع لهم وهي جزء من ادامة المعركة مثلها مثل المؤن والعتاد الذي يحتاجه المقاتل في الحرب لأنها تجعل من الاخر المتصدي حائراً في تصديق المعلومات التي تنشرها هذه الوسائل الاعلامية التابعة له ام يكذبها ويمكن ان تنقل هذه الاخبار المشوشة وسائل اعلام يثق بها الشارع وهذا هو بيت القصيد لأنها ستلاقي صدى وقبول في نفوس المتلقين لوثوقهم بهذه الوسائل الاعلامية التي تعرض هكذا اخبار من دون علمهم المسبق بالمخطط الذي قامت به هذه المجاميع وهو جزء من اساليب المعارك الحديثة التي استخدمتها الولايات المتحدة الامريكية وبعض البلدان المتطورة في الجانب العسكري والحربي ،مما يزيد من فرص تحقيق النجاح لأي عملية عسكرية تقوم بها هذه المجاميع عند استهدافها لمحافظة او قضاء او ناحية فلو فرضنا انهم مازالوا لم يدخلوا حدود المدينة وروجوا لإسقاط هذه المدنية فأن الاقضية والنوحي التابعة لتلك المدينة ستكون مقتنعة بسقوط المدينة على الرغم من انها لم تسقط من خلال زرع الشك في نفوس المتلقين من المحافظة فما بالك بالمدن البعيدة عن المحفظة والتي لا توجد لديها وسائل اعلام تنقل عنها الحقيقة ولهذا هم ركزوا على اسقاط القنوات الفضائية في تلك المحافظات لتعتيم الحقائق وزرع الشك من خلال انقطاع البث لتلك القنوات مما يعطي استنتاج منطقي للإخبار التي يرغبون ببثها للمتلقي على انها صحيحة ومؤكدة وغير قابلة للشك ولقد استخدم الالمان مفهوم الحرب الخاطفة في العمليات الهجومية بوجود عنصر المفاجأة والهجوم السريع لمنع العدو من الصمود دفاعياً وهو ما حدث فعلاً في محافظة الموصل فلقد تفاجئ القادة العسكريين بانقطاع البث في قنوات سما الموصل والموصلية ونينوى مما تنامى للقادة بأن المحافظة سقطت والقطعات دمرت ولم يعد بالإمكان السيطرة على الوضع مما دعا هولاء القادة الى لانسحاب التكتيكي من المدينة فلم يكونوا بمستوى الحرب الخاطفة التي اعتمد عليها المهاجمين لأنهم لم يدركوا بعد عنصر المفاجأة الذي قامت به هذه العناصر ،وعندما ادركوا الخدعة كقادة عسكريين كان الوقت قد فات ولهذا تعتبر معركة الموصل هزيمة لهولاء القادة العسكريين ولم يكن تخاذلاً منهم في معركة الموصل ولهذا هم لم يصرحوا لان تصريحهم يعني اقراراً منهم بالهزيمة امام هولاء المهاجمين وهو نكسة تاريخية لقيادة عسكرية خدعت بسهولة ولان الحرب خدعة فكان للمهاجمين تحقيق الانتصار في هذه المعركة ، وأود ان الفت انتباه القادة العسكريين للمعركة التي يخطط لها التنظيم في العراق ومن خلال استنتاج الحرب الخاطفة وهي معركة اسقاط بغداد التي سيعتمد عليها التنظيم ، وهي نفس الخطة التي اعتمدت عليها القوات الامريكية في اسقاط بغداد ولسيطرة على العاصمة في 2003 وهي تشتيت القوة العسكرية في العاصمة بغداد من خلال فتح خطوط معركة متعددة من دون اسقاط تلك المناطق وإشعار الجيش والقطعات العسكرية بضرورة التحرك السريع لتلك المناطق مما يسبب اجهاد القطعات وتشتت القوة العسكرية وتعرضها للخسائر في المناطق التي تطيل فيها المواجهة للعدو مما يتيح للقوة التي رسم لها مهمة تنفيذ عملية اسقاط بغداد فرصة الانقضاض على الهدف وقطع وسائل الاعلام في العاصمة بالتنسيق مع الخلايا النائمة التي تتواصل مع الخلايا الفاعلة على الارض والتي تكون مهمتها الوحيدة هي وسائل اعلام الدولة وتوسيع دائرة المعركة وقطع الطرق على القطعات العسكرية من ادامة التواصل بسبب انشغالها بمعالجة الخروقات في المناطق البعيدة عن مركز العاصمة وبالتالي تكون الفريسة قد وقعت في فخ الحرب الخاطفة مرة اخرى من دون ان تشعر القوى المتصدية للهجوم بأن كل تلك الحروب التي كانت تتشاغل بها من بعض من افراد هذا التنظيم هي مجرد تمويه لإشغال للقطعات العسكرية وإبعاد التركيز للقطعات والقيادات عن الهدف الاستراتيجي الحقيقي الذي هيئت له الاعداد الكافية والعدد للقضاء عليه وفق خطة الولايات المتحدة الامريكية في اسقاط بغداد عام 2003 وهي خطة ناجحة استوعب دروسها قادة الجيش العراقي السابق الذين هم اليوم في صف المعارضة ويحاولون تطبيقها حرفياً ولكن للوصول الى الغاية واذا ما فهم القادة العسكريين طريقة هولاء فأن بغداد ممكن ان تقع مرة اخرى بنفس الخطة العسكرية الامريكية التي نفذتها في احتلال العراق وكما اسلفنا سابقاً فأن الانتصارات والخسائر في المعارك هي نتيجة القيادة والتخطيط والتنفيذ ومصطلح الحرب خدعة يعتبر من ادبيات القيادات العسكرية الناجحة في الحروب وكان مفهوم الحرب الخاطفة من المفاهيم العسكرية التي استخدمت في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي خلال الحرب العالمية الثانية واستخدمته الولايات المتحدة الامريكية على قطعات الجيش العراقي في حرب 2003 ويحاول المناوئين للحكومة من ضباط الجيش العراقي السابق اليوم استرداد ما اخذ بنفس الطريقة ولهذا على القادة العسكريين الانتباه الى هذه الحرب ومعرفة كيفية سير الاحداث والتركيز على التفاصيل لان المشرفين على القيادة والادارة سياسيون وليس عسكريون وقد خدع العسكريون كقادة في الموصل فما بالك بالقيادة السيسية التي تقود العمليات في بغداد فنرجوا الانتباه وهو استنتاج عسكري