بسم الله الرحمن الرحيم
إن من الملحوظات في شهر شعبان المعظم خلوّه من مناسبات الحزن ، و تتالي الولادات الميمونة و المباركه فيه ، و تحديداً ولادات ( أبطال كربلاء ) لتختتم تلك الافراح بفرحة ولادة خاتم الائمة و الحجج و الآخذ بثأر شهداء كربلاء ، الامام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ! .
ففي اليوم الثالث من الشهر :- ولادة سيد الشهداء الامام الحسين (ع)
و في اليوم الرابع :- ولادة ابي الفضل العباس (ع)
و في اليوم الخامس :- ولادة الامام السجاد (ع)
و في اليوم الحادي عشر :- ولادة علي الاكبر (ع)
و هؤلاء هم صفوة كربلاء و خيرة ابطالها ، و لولاهم لما كانت كربلاء كربلاء ... فكل واحد منهم ادى دوراً لولاه لم تكتمل ملامح كربلاء لتشكل صورةً كاملةً ليس لها نظير ! ....
و لكن ينقص هذه المجموعه شخص واحد !
ينبغي ان يكون بينهم ، ليصبح شهر شعبان ، بالفعل شهر ولادة ابطال كربلاء !
هو من ابرز ابطال كربلاء و من اهمهم دوراً و اشرفهم نسباً و اكثرهم مكانةً في قلب الحسين عليه السلام ، على الرغم من صغر سنه و حداثة عمره !! ....
كان ظهوره في معركة الطف مفاجئاً للأعداء و مرعباً لهم ! ، فمن ناحيه ... سَحَرَتْ ملامح وجهه القمري ابصار القوم و عيونهم ! و من ناحية اخرى فهم لم يتوقعوا ان يبرز اليهم غلام لم يبلغ الحلم بعد ، و ازداد خوفهم و هلعهم حين رأوا إستبساله في قتالهم و شجاعته القليلة المثيل ، و هو يجول بينهم و يخطف رؤسهم من غير خوف او وجل !
لم تكن ملامح جزع القتال و مرارة المعركه باديةً على وجهه الوضاء ! بل كان كأنه يتذوق حلاوة الشهد و يتوق توقاً للموت ....
ملابس هذا الفتى الصغير و عمامته ! ، لقد ذكرتهم برعبٍ سابق ادخل على قلوبهم و لم تخرج آثاره منها ! ، لكنه رعب من نوع آخر ، لم يكن بين جدران المعارك و ساحات القتال ، بل كان بين القلم و الورقه ... !!
لا يختلف الهدف و لا تختلف الغايه ، فغاية الاب هي غاية ولده البارز الى المعركه ، الاب كان يريد فضح الظالمين و طغاة الزمان ، و الابن كان يريد ذلك ...
الاب اخزاهم بعقد ما سمي بـ "صلح الحسن" ففضحهم و كشف نفاقهم و كذبهم
و الابن سار تحت راية امامه و عمه (ع) فأخزاهم في سوح القتال و كشف عن اساريرهم الخبيثه !
نعم ... هذا الفتى يرتدي عمامة "الحسن" و ردائه ! ، يبدو ان عمه الحسين (ع) عممه بها ، ليقول للجميع ، هذا هو وديعة اخي الحسن و على الرغم من صغر سنه برز الى المعركة بإرادته و رغبته و هو يرى ان الموت معي احلى من الشهد طعمه ، بوصية من ابيه الحسن (ع) ان لا يترك عمه الحسين اذا رآه وحيداً غريباً بين الأعداء !
الـــقــــاســــم بــــن الــــحـــــســــن (ع) ولد في الرابع عشر من شعبان السنه السابعه و الاربعين للهجره ، ليحتفي البيت المحمدي المقدس بمولود جديدٍ سيكون له شأناً من الشأن و منزلة من عُلا المنازل ! ... اجتمع في ذلك اليوم رجال بني هاشم ليقروا و يهنئوا سيدهم الحسن المجتبى (ع) بهذا المولود الذي بدت اسارير الحسن سعيدةً قريرةً به .....
من مميزاته ( عليه السلام ) :-
1- فطنته و ذكائه :-
ما يدل على ذكاء هذا الشهيد الصدّيق هو تذكره لوصية ابيه الحسن صلوات الله عليه عند شهادته ، فقد اوصاه (ع) ان لا يترك عمه الحسين (ع) في كربلاء ، و كان وقت الوصيه لا يتجاوز عمره السنتين ! و في العاده فإن المجريات التي تحدث للإنسان في ذلك العمر تغيب عن ذاكرته و تنسى ، الا ان القاسم لم ينسَ وصية ابيه الحسن (ع) ، و قد ذَكَرها لعمه و امامه الحسين (ع) حين استأذنه للبروز الى القتال ،
و هذا لا يحدث عادةً للاطفال العاديين ، فيدل ذلك على وجود صفات إستثنائية في القاسم (ع) و ملكات و مواهب خاصة به ، حتى كسب هذه الرتبة العاليه و هو في حداثة سنه .
2- حسنيٌ حسيني :-
ولد القاسم و نشئ في السنتين الاولى من حياته في حجر والده سيد الاولياء و اكبر الاسباط الامام الحسن (ع) ، و خلال تلك الفتره تنعم القاسم بعلوم و آداب الامام الحسن (ع) ثم بعد شهادته (ع) انتقل الى عمه الامام الحسين (ع) فنشئ عنده .... فصارت نشئة القاسم و تربيته حسنيةً حسينيه ، فعاش فترة طفولته في حجر امامين هما سيدا شباب اهل الجنة سلام الله عليهما .
3- بروزه في رداء الامامه :-
قبل بروز القاسم (ع) للقتال ، تروي المقاتل ان الامام الحسين (ع) طلب ملابس الامام الحسن (ع) و ألبسها للقاسم (ع) فخرج الى القتال فيها ، و هذا الامر لم يحدث مع اي واحد من الشهداء ( طبعاً سوى الامام الحسين صلوات الله عليه ) ، ملابس الامام الحسن (ع) هي ملابس الامامه ، و لابد انها كسبت من قداسة مرتديها و نوره ، و حين ارتداها القاسم و استشهد بها فهذا شرف عظيم و ميزة كريمه .
و السلام على القاسم يوم ولد و يوم استشهد و يوم يبعث حياً شفيعاً مشفعا مع اسياده محمد و آل محمد
اللهم صل على محمد و آل محمد