~ وطنٌ إلّا حُلم ~
حُلُمٌ تَسَلّلَ عابِثاً بِخَيالي
منْ فَجْوَةٍ في مُشْتَهى آمالي
حُلُمٌ يُشَاكِسُني بِرُغْمِ تَضَجُري
يَلْهو بِقَلبيَ شارداً كَغَزالِ
لِيُرَوِض اللّحنَ العَصِيَّ بِخَفْقَتي
ويُمَوسِقُ الآهات في مَوّالي
ويَهزُّ جِذْعَ العِشقِ بَينَ أضَالِعي
فَيُساقِط الأشْعارَ مِلءَ سِلالي
حُلُمٌ يُناغيني ويَسْلِبُ دَهْشَتي
مُذْ غَادَرَتْني دَهْشَةَ الأطْفالِِ
لأرَى الّذي مَا لو رآهُ نائمٌ
لمَضى بِرَقْدَتِهِ مَدى الآزالِ
وكأنّ لِي وَطَناً سَخِيّاً باذِخاً
حتى حَصاهُ جواهرٌ ولآلي
أسْوارُهُ الياقُوتَ مدُّ نَواظِري
والسّقْفُ بِلّورٌ مِنَ السّلْسَالِ
والوَرْدُ فَرْشي والنّجُومُ ثُرَيّتي
وخِزانَتي تلٌ مِنَ الأمْوالِ
وبِكُلّ ناصِيَةٍ ثِمَارٌ تَدّلي
حَتّى الرّغيفُ مُعَلّقٌ بِدَوالي
فَالفَقْرُ مَحْضُ خُرافةٍ مَنْسِيَةٍ
والخَوْفُ يُذْعَرُ لو يَمُرُّ خِلالي
أمّا الكرامةُ لا مِسَاسَ بِطرْفِها
أمشي ولا ريحٌ تَهُزُّ جِبالي
فأهيمُ حُراً في سَمَاءِ تَولُّهي
كالغَيْمةِ الشّهلاءِ في الآصالِ
حُلُمٌ تَوَرّط بي وأيُّ تَوَرّطٍ
أسْمَى مِنَ الوَطَنِ الأبيّ العالي
يَنْسابُ في ماءِ التّذَكُرِ صاخِباً
مِنْ قبلِ نفخ الروحِ في صلْصَالي
حُلُمٌ تَأَصّلَ بي بِأوّلِ شَهْقَةٍ
رَكَضَتْ إلى رِئْتي بِعِطْرِ (أوالِ )*
فَكَبُرْتُ مُعْتَمِلاً بِفِكْرَةِ حَالِمٍِ
حتى عَثُرُتُ بِخَيْبَتي وسُؤالي
لِمَ يا الذّي أوْلَدْتَني مِنْ قَلْبِكَ
المَكْسُورِ تُقْصي نَبْضةَ الإجْلالِ
لِمَ عِنْدَمَا أسْكَنْتَني عَيْنَيْكَ
سِلْتُ بِدَمْعِكَ المَمْزُوجِ بِالإذْلالِ
لِمَ كُلّمَا أَرْخَيْتُ كَفّي في يَدَيْكَ
نَفَضْتَها وأمَرْتَ بِالأغلالِ
أوِلَمْ تُعاتِبْكَ الحَمَائِمُ عِنْدَما
بِتْنا بِلا عُشٍّ ودونَ ظِلالِ
أوَ ما شَكَاكَ الياسمينُ لأننا
عِوَضَ الحَرِيْرِ نُهانُ بالأسْمالِ
أوَلمْ تُنَبِّيكَ الخُيولُ بِأننا
بِتْنا نَخافُ الجَهْرَ بِالتِّصْهالِ
أوَلمْ تُشَاغِبْكَ البَلابِلُ عِنْدَما
بِتْنا نُدانُُ بِتُهْمَةِ التّجْوالِ
قَدْ كُنْتُ في شفَةِ المِيَاهِ كَقَطْرَةٍ
سَقَطَتْ لِتَروي ثَوْرَةَ الشّلالِ
والآن ما قَدَري سوىصلْصالةٌٍ
جَمُدَتْ لِتَحْكي حَسْرَةَ التّمْثَالِ
أنا حَالِمٌُ والحُلْمُ كُلُّ جِنايَتي
وجِنايةُ الفُقَراءِ مِنْ أمْثالي
بالله لا تعرض بوجهك يا الذي
لو كان يدرك صبوتي لصبا لي
واغفر حماقة عاشقٍ متهورٍ
يَا أيُّها الحُلُمُ الذّي أوْمَى لي
أوْمَى فَسَوّلَ لي المُنى مُسْتَدْرِجاً
أغْوَى القَصِيدَةَ حينَ قَالَ : تَعَالي
فََهَفَتْ يُجاذِبُها الحَنينُ فَراشةً
أُسِرَتْ بِفَخّ الضّوءِ دونَ نِزالِ
وعلى جَناحَيها نَقَشْتُ مُزَخْرِفاً
" وكَأّنَ لي وَطَناً يَفُوقُ خَيالي "