".. أسبابُ الوقُـوعِ في المَعصِيَة :"
أختاه، هل جلستِ مع نفسكِ، وتأمَّلتِ حياتكِ الماضية؟
هل منحتِ نفسَكِ الفُرصة للتَّفكُّر في أفعالِكِ وتصرُّفاتِكِ؟
هل عرفتِ ذنوبَكِ وحَدَّدتِ أسبابَها؟
هل قرَّرتِ أن تتغيَّري تغيُّرًا حقيقيًّا؟
قد ترينَ أنَّكِ ضيَّعتِ سنواتٍ طويلةً من عُمُركِ في المعاصي،
والبُعد عن الله وعن طريق الحق،
ضيَّعتيها بين الأفلام والمُسلسلات، ومُشاهدة وسماع المُحرَّمات،
ومُحادثة الشباب، والدخول لمواقع التواصل، ومُصاحبة الفاسقات،
ضيَّعتيها في تركِ الصَّلواتِ وعَدم المُحافظة على الأوقات،
ضيَّعتيها في لَهوٍ ولَعِب.
لكنْ ما الذي أوقعكِ في تلك المعاصي؟
وما الذي تسبَّبَ في ضياع عُمُركِ وسنواتِكِ الماضية هباءً؟
لو تأمَّلتِ قليلاً، لوجدتيها أسبابًا كثيرةً.
فمِن أسباب الوقـوع في المَعصيـة:
1- الأُسرةُ: فقد تكونُ الأُمُّ لا تُصلِّي، والأبُ مُنشغِلٌ بعَملِهِ ولا يَراه أبناؤه إلَّا قليلاً،
فلا يَجِدُ الابنُ أو البِنتُ مَن يُحدِّثُه أو يُخبِرُه بهُمُومِهِ، أو يَطلبُ عَونَه ويَستشيرُه،
ولا يَجِدُ مَن يُعلِّمه أمورَ دِينه. فالكُلُّ مُنشغِلٌ عنه.
2- التَّدليلُ الزائِدُ: فيُلبِّي الوالدان حاجةَ أبنائِهما، وإنْ كان مُبالغًا فيها؛
بحُجَّةِ أنَّهما لا يُريدان أن ينظُرَ أبناؤهما لزملائِهم أو للأطفال حولَهم
فيغارون عليهم، ويكونان هما المُقصِّرين بعدم إحضار كُلِّ مُتطلَّباتِهم.
وقد لا يأمرانهم بالصَّلاة والعِبادة بحُجَّة صِغَر سِنِّهم.
أيضًا قد يَصِلُ التَّدليلُ إلى عَدَمِ مُعاقبةِ الابن إنْ أساء،
بل قد يضحكان ويفرحان إذا سَبَّ ابنُهما الصغيرُ أو شَتَمَ غيرَه أو بَصَق في وجهه،
فيكبُر الابنُ على ذلك، لأنَّه لم يَجِد زاجرًا له أو ناصحًا منذ صغره.
3- المُقارنةُ بين الأبناءِ: والتي قد تَجعلُ الوالِدَيْن يُفضِّلان بين أبنائِهما،
وقد يميلان نحو بَعضِهم دُونَ بَعض، مِمَّا قد يُؤدِّي إلى مُحاولةِ الابن
أن يُظهِر لوالديه أنَّه أفضلُ مِن أخيه مثلاً، فيلجأ للمَعصيةِ،
وقد يكونُ هذا بدُون وَعْي منه أو إدراكٍ لخطورة ما يفعل.
4- مُقارنةُ الابنِ بقريبِهِ أو زَمِيلِهِ، مِمَّن هو في نفس عُمره،
مع تناسي أو عدم مَعرفةِ أنَّ هناك فُرُوقًا فرديَّةً بين الأشخاص.
5- المُجتمعُ والبيئةُ المُحيطةُ: والتي قد تَعُجُّ بالمعاصي، فينشأ الشخصُ
بين أهل مُجتمعه وقد ألِفَ المعصية مِن كثرة ما يراهم يفعلونها،
فيُصبح الأمرُ عاديًّا بالنسبةِ له، حتى إذا ذُكِّر لم يَذَّكَّر،
وإذا زُجِرَ لم ينزجِر، ورُبما لم يَشعُر بجُرم ما يفعل؛
لانتشاره في مُجتمعه.
6- عَدَمُ استشعارِ مُراقبةِ اللهِ عَزَّ وجلَّ، واطَّلاعِهِ على العَبدِ، وعِلْمِهِ بِهِ.
7- وقتُ الفَراغِ: والذي لا تَجِدُ البِنتُ ما تقضيه فيه غير أن تُحادِثَ الشبابَ
عبر الجَوَّال أو وسائل التَّواصُل، وتلعبَ بقُلُوبِهم، أو يلعبون هم بقلبِها،
ورُبَّما تفاقم الأمرُ ووصل إلى ما لا تُحمَد عُقباه. وهكذا الأمرُ مع الابن؛
إذا لم يَجِد ما يقضيه أو يشغل به وقتَه، رُبَّما لجأ لمُحادثةِ الفتيات،
أو الخُرُوج مَعهنَّ، ورُبَّما وَقَع في الفاحشةِ مع تماديه في ذلك.
8- الوِحْـدَةُ: والتي قد يَشعُرُ بها الشخصُ ولو كان بين أهله، وقد تكونُ حقيقيَّةً؛
لانشغال كُلِّ فَردٍ من أفرادِ الأسرة بنَفسه، وافتقادِ الأصدقاء، وقد تكون وَهميَّةً؛
يَستشعِرُها الشخصُ وَحدَه، إمَّا لمرضٍ نَفسيٍّ أو لغيره.
9- الإهمالُ: فقد يَجِدُ الشخصُ إهمالاً مِن أهله، وعَدَمَ اهتمامٍ به،
وتحقيرًا مِن شأنه، وتصغيرًا له، ولو كان سِنُّه كبيرًا.
10- الفَراغُ العاطِفِيُّ: والذي قد يتولَّدُ لَدَى الابن أو البِنت من إهمال والديه له،
وانشغالِهما وبُعدِهما عنه، وعَدَم حَديثهما معه.
11- أصدقاءُ السُّوءِ: فيَجلِسُ معهم الشَّابُّ أكثرَ وَقتِهِ، ويتأثَّرُ بهم تأثُّرًا كبيرًا،
ورُبَّما قلَّدَهم في كُلِّ أفعالِهم. وكذلك الأمرُ بالنسبةِ للفتاة.
فترينها- مثلاً- تُكثِرُ الخُرُوجَ مع صديقاتِها للأسواق، لا لتشتريَ شيئًا،
ولكنْ لتُضيِّعَ وقتَها، وتفتِنَ شبابَ أُمَّتها. فتُفرِّطُ في حِجابِها،
وتلبَسُ الضَّيِّقَ والقصير، وتكشفُ وَجهَها وتَضَعُ به المساحيق،
وقد تكتفي بتغطيةِ شَعرها، وتُخرِجُ منه خُصلاتٍ؛
ليبدوَ جمالُها لِمَن يَمُرُّ بها من الرجال.
وهكذا صديقاتُها، فلا ينهينها عن ذلك؛
لأنهنّ يُشبهنها، وربما كُنَّ أسوأ منها.
12- حُبُّ الدُّنيا وطُولُ الأمَلِ: واللذان يَجعلان الشخصَ لا يُفكِّر يومًا بالموت،
وكأنَّه سيُخلَّدُ في هذه الدُّنيا، وتجدين كُلَّ أفعاله وتصرُّفاته تُوحي بذلك.
13- الشَّيطانُ: والذي يَرى مِن المرءِ تقصيرًا وبُعدًا عن الله،
فيَعلمُ أنَّه فريسةٌ سهلةٌ، فيتمكَّنُ منه، ويَستطيعُ أن يتغلَّبَ عليه،
ويُوقِعَه في حِباله، ويَجعلَه يَتبَّعُ خُطواته.
14- الهَوَى: والذي يتحكَّمُ في كثيرٍ من أفعال المرءِ،
ويكونُ هو الدَّافع والمُحرِّك له.
15- النَّفْسُ الأمَّارةُ بالسُّوءِ: والتي كُلَّما فكَّر المُذنِبُ بالتَّراجُع ولو خُطوةً
عن أفعاله المُشينة، لم تتركه، وأخذت تَدعُوه للذَّنبِ وتُزيِّنُه له.
16- عَدَمُ تفكير المُذنِبِ في عَواقِبِ ما يَفعلُ مِن ذَنْبٍ، فيتمادى في ذنبه
ولا يُفكِّر في التَّوبةِ.
17- التِّقنياتُ الحَديثةُ ووسائِلُ التَّواصُل المَختلفة؛ والتي سَهَّلَت فِعلَ المَعصيةِ،
ويَسَّرَت أسبابَها.
18- عَدَمُ وجودِ النَّاصِح الذي يتعهَّدُ الشخصَ بالنَّصيحةِ والمَوعِظةِ.