المؤسسة الدينية العربية ، طابور خامس ؟
أحمد الحباسى
سئل الجنرال الأسباني ايميليو مولا ، أحد قادة الجنرال الراحل فرانكو ، خلال الحرب الأهلية الاسبانية ، من سيكون له شرف فتح مدريد ، قال ، هذه مهمة الطابور الخامس في إشارة ضمنية معبرة إلى العملاء المتخفين داخل العاصمة الاسبانية مدريد ، و لان لكل أمة عبر التاريخ “طابورها” الخامس فقد كان لزاما أن يكون لهذه الأمة طابور خامس أيضا و هو من يحرك الآن كل قواعد اللعبة الدموية التي تنفذ على الأرض العربية ، و حتى لا نترك الأمر للغموض ، فمن المؤكد أن المؤسسة الدينية العربية هي طابور خامس ، و عندما نتكلم عن هذه المؤسسة فبالطبع نحن لا نعنى المؤسسات الدينية العربية المهتمة فقط بشؤون الدين بل كل اتهامنا يتجه إلى هؤلاء الذين ينشرون ثقافة الكراهية و الدم و خدمة المشروع الصهيوني .
يبدو اليوم واضحا أن هناك طابورا خامسا ينتمي إلى هذه المؤسسة الدينية السلفية التكفيرية الوهابية و هو يعمل بتخطيط و تحت الإيعاز من الغرب و من بعض أبالسة التفكير الجاهلي لصالح تدمير الصورة الايجابية للإسلام ، و الذين يتابعون القرضاوى أو ما يعادله من الفكر الوهابي يدركون أن هذه المؤسسة المسمومة لا تملك خطا أو مشروعا حضاريا تنويريا واضحا ، بل كل ما في الأمر أن هناك عقولا متمردة على المفاهيم الإسلامية و على صحيح الشريعة همها الوحيد هو القتل و تسويق مفهوم مختل خاطئ للجهاد في الإسلام ، و من الشيخ أسامة بن لادن إلى يوسف القرضاوى ، و من أيمن الظواهري إلى محمد بديع ، و من راشد الغنوشى إلى شيوخ الظلام في السعودية و من حام حولهم ، لم يجد العالم العربي إلا فكرا ظلاميا غارقا في البؤس و الكآبة يعطى صورة كارثية عن الإسلام.
لا ينظر الغرب ، رغم كل عوراته و هناته ، إلى العرب إلا بكونهم قوم منكسرون بلا مستقبل ، و لا تنظر وسائل الإعلام و كتابات المفكرين في هذا الغرب للعرب إلا بكونهم إرهابيون متطرفون لا علاقة لهم بالحداثة و الفكر التنويري ، بل أنهم قوم عابسون جهلـــة لا يـــدركون المفاهيم الكونية المستقـرة المرتكزة على الديمقراطية و حرية الإنسان و التعبير و المعتقد ، و لان المؤسسة الدينية العربية هي من تمول الإرهاب و تدعمه بالفتاوى المفتعلة فقد بات واضحا أن الجهاد في الإسلام لم يعد يعنى للمتابعين في الغرب إلا القتل و لا شيء غير القتل ، و أن هذا القتل هو الطريق الوحيد إلى الجنة الموعودة ، و أنه بالقتل و الذبح و السلخ يدرك “المجاهد” سبيل هذه الجنة ، لذلك انتشر الإرهاب و أصبح بديلا عن الرغبة في العلم ، و تناسلت بيوت الدعارة باسم الدين حتى أنه لم يعد هناك مكان لهذه الحشرات السامة في ترددات القمر عربسات و نايل سات .
يشبه الشيخ القرضاوى في توجهاته الفكرية الجاحدة و المسيئة للإسلام ما نعلمه عن شيوخ الجاهلية الأولى ، و كما كانت هذه الشيوخ تعارض و تغدر و تسيء للنبي صلى الله عليه و سلم ، فان الشيخ القرضاوى يعارض و يغدر و يسيء للإسلام تحت بدعة نصرة الإسلام و الحث على الجهاد ، و عندما نعلم تصاعد المد التنصيرى في العالم ، فمن الواجب أن نتساءل لماذا يتراجع الإسلام و الدعوة إلى الإسلام ، لماذا يهرب الطامعون في الدخول إلى هذا الدين بمجرد أن يسمعوا هذا الخطاب التحريضي الدموي الكريه الذي ينقله هذا الشيخ عير وسائل الاتصال ” القطرية ” ، و عندما نفهم أن المال قوام الأعمال ، فمن الواجب التساؤل ، لماذا لا يستثمر مال النفط و الزكاة في نشر الإسلام و خدمة الإنسانية ، لذلك نعود لنقول و نؤكد أن هذه المؤسسة الدينية هي طابور خامس هدفها الوحيد هو فرض حالة من الفوضى و الانقسام و الطائفية الفكرية بين الأمة.
من الذي دمر الصومال ، السودان ، أفغانستان ، العراق ، ليبيا اليوم ، سوى أتباع هذا الهوس الشيطاني الذي ينادى مع كل إطلالة من كهوف تخفيه في أفغانستان بمزيد الدمار و القتل و ترويع الأبرياء و تشريدهم ، و لان الظواهري قد فقد صلته بالعالم الحر و بالإنسانية و بكل القيم النبيلة ، و لأنه قد تمكن من عقول هؤلاء الأغبياء القتلة الذين وزعهم في كل مكان من هذا العالم ، فليس غريبا أن يستهدف بفعله الخاطئ كل القيم الإسلامية التي ترفض استهداف الأبرياء تحت أية ذريعة أو عنوان ، و يعطى الذريعة و الحجة لكل المتكالبين على الإسلام ، و بالمحصلة ، فليس غريبا أن نجد الظواهري أو القرضاوى أو الغنوشى يوما يحاربون جنبا إلى جنب مع جيش “الدفاع” الصهيوني ، لان الأهداف واحدة و المعركة واحدة ، و كل ما يأتي على لسان هؤلاء القتلة من خلاف ذلك هو مجرد لعب بالعقول .
لا يمكن الحديث عن المؤسسة الدينية دون الحديث عن النتائج الكارثية لاستهداف البرجين الأمريكيين و لما تبع ذلك من أحداث ما يسمى ب 11 سبتمبر 2001 ، ولان تقرير التحقيق في هذه الكارثة قد أفرز ضلوع الفكر الوهابي خطا و تمويلا و تحريضا إعلاميا و عقائديا ، فقد بات واضحا أن ذلك الاستهداف للمدنيين هو تخطيط مدبر لتدمير الوجه الصبوح للإسلام و للقيم الإسلامية ، لان ذلك الاستهداف لا يمكن تحت أي ظرف أن يحقق للإسلام انتصارا ، و عليه ، فقد كانت تلك الجريمة الموصوفة ضد الإنسان و ضد القيم الإسلامية معولا هداما يستهدف الإسلام ، و لعل الأمة العربية قد تفطنت اليوم إلى ارتدادات و إرهاصات و تبعات تلك الأحداث الدموية المؤلمة التي تؤكد مرة أخرى الدور القذر لهذه العقول في تدمير البنية العربية .