العراقيون مختلفون حول إعدام إرهابيين بموقع جريمتهم
تم تنفيذ الإعدام بأربعة إرهابيين في بابل، ما اثار ردود أفعال متباينة، بين مرحب بالخطوة وبين من يعتبرها ثأرًا هو الأخطر على المجتمع.
بغداد: تباينت آراء العراقيين في قيام قائد شرطة محافظة بابل جنوب بغداد بإعدام أربعة ارهابيين، نفذوا عملية تفجير في منطقة الاسكان في مدينة الحلة عاصمة المحافظة، وأدت إلى مصرع وأصابة اكثر من 50 مواطنًا. واعتبر البعض هذا الاجراء سابقة تاريخية واستقبلها كثيرون بالحفاوة، فيما اعتبرها البعض الآخر خطيرة، لأنها ستشكل تقليدًا في الخطط الأمنية الجديدة وستكثر ساحات الإعدام وسيذهب بها أبرياء أيضًا.
وألقت الأجهزة الامنية القبض على الارهابيين الأربعة بعد ست ساعات فقط من تنفيذ عملية التفجير ثلاثة منهم ينتمون لقرية البوعلوان من قضاء المحاويل. وقد اعترفوا بفعلتهم وتم اقتيادهم إلى موقع الجريمة برفقة قائد شرطة بابل اللواء رياض الخيكاني الذي أمر باعدامهم أمام مرأى أهالي الضحايا في موقع الحادث نفسه.
قصة العملية الارهابية
وسرد سيف علاء الدين، من محافظة بابل تفاصيل العملية الارهابية: "جاءت سيارة صغيرة تنقل أب وصبية مراهقة مضمخة بالدم ومربوطة بلفافات عديدة وتتأوه بشدة، سمح لها افراد السيطرات بالمرور السريع تعاطفًا معها، وضع الاب سيارته قرب مقهى محاذٍ للمشفى الجراحي في الحلة وقال متباكيًا للشباب انه مستعجل وطلب منهم الانتباه إلى السيارة حتى يدخل ابنته إلى المستشفى، فاقترح عليه الشباب أن يساعدوه بنقلها، لكنه قال لهم شكرا لكم، فقط عينكم على السيارة".
أضاف: "كانت ترافقه من بعيد حافلة من نوع كيا، تنقل شركاءه الباقين، وهم جميعًا من عشيرة تقع شمال بابل، وماهي الا دقائق حتى انفجرت السيارة ومات 9 شباب اغلبهم من الذين عرضوا عليه المساعدة بنقل ابنته، وجرح 72 آخرين، وبعد دقائق معدودة تم القاء القبض على مستقلي السيارة ومعهم الفتاة التي اتضح انها معافاة تمامًا، ومعها من ادعى انه ابوها فتم اعدام الرجال في موقع الحادث، وأما الفتاة فقد تم التحفظ عليها".
خطوة شجاعة
تعليقًا على ذلك، ابدى الموظف الحكومي قاسم الحسيني تأييده للعمل الذي قام به قائد الشرطة قائلا: "بين ليلة وضحاها، تحولت مآتم محافظة بابل بعد التفجير الاخير امام مستشفى الحلة إلى افراح بعد الخطوة الشجاعة التى قام بها ابن بار لمدينته وهو قائد الشرطة الذي لا اعرفه، لكن افعاله تتكلم عنه، حيث استلم مهام محافظة ساخنة امنيًا في شمالها وفجرت فيها في شهر واحد قبل استلامه مهامه 38 سيارة مفخخة".
ونفذ قائد الشرطة الاعدام في مكان الجريمة وهو يقول: "من يكلمني عن حقوق الانسان والقانون، المعطل منذ 2003، سوف ادع ام فقدت ابنها الشاب ذا 22 سنة في هذا التفجير تجيب بدلًا عني".
اما ضياء سالم، موظف في وزارة الثقافة، فقد اثنى على اعدام القتلة، وقال: "الدولة هشة، في العام 2007 كان لواء الذيب بقيادة ابو الوليد يسلم اﻻرهابين للدولة يضعونهم في سجون خمس نجوم ثم يهربونهم، والآن اغلب اﻻرهابيين القتلة يعيشون في سجون باذخة طعام درجة اولى والكهرباء مستمرة بدون انقطاع واذا اعدم احد الارهابين تقوم الدنيا وﻻ تقعد، حسنا فعل هذا الرجل باعدام هؤﻻء القتلة".
شريعة الغاب
من جانبه، ندد الكاتب محمد ناجي بالعمل مشيرًا إلى انه سيحول المجتمع إلى شريعة غاب، وقال: "هذا العمل جريمة وفقا للقانون الدولي هي الاعدام خارج اطار القضاء، وهي تعبر عن فشل على كل المستويات في مواجهة الارهاب، وفي الوقت نفسه فشل للمنظومة الاخلاقية للمجتمع والمثقف العراقي".
وحذر من أن مثل هذه الممارسات ستغرق العراق في مستنقع العنف وشريعة الغاب الحيوانية.
اما المواطن محمد علي فليح، فقد أكد أن تصرف قائد الشرطة كان بطوليا، وقال: "علينا أن نترك المثالية قليلًا ونعيش الواقع كما هو، فتصرف هذا القائد بطولي ويوازي العمل الاجرامي ليكون المجرمون عبرة لغيرهم الذين استهتروا بأرواح الناس وعاثوا اجراما ووحشية لا مثيل لها، وبعد القاء القبض عليهم منهم من يخرج بعد دفع كذا مبلغ ومنهم من يهرب ليستأنف اجرامه، انا اعتبره تصرفًا شجاعًا وغيورًا".
الثأر الأخطر
إلى ذلك، حذر الكاتب والاعلامي احمد عبد الحسين من أن يكون هذا التصرف سنّة لدى الاجهزة الامنية. وقال: "حركة اللواء الخيكاني وابتهاج المواطنين، وفيهم مثقفون محترمون ومخلصون، يثبت أن الإرهاب نجح في جرنا جميعًا إلى منطقه وآلياته وأخلاقه وأعرافه وعنفه غير المقونن، مصداقًا لمقولة نيتشه الشهيرة (وأنت تطارد الوحش حذارِ من أن تتحول أنت أيضًا إلى وحش)".
واضاف: "الثأر عمل لا ينتهي، تقتلون منا فنقتل منكم لتقتلوا مرة أخرى ونعود لنقتل منكم ولتقتلوا ونقتل... الخ في دورة لا تنتهي، لكن أسوأ ما في الثأر انه كلما تقادم عليه الزمن صارت له آليات دنسة بعيدة عن الشرف وعن السوية الإنسانية، وأخطر من ذلك هو تآلفنا معها والتعاطي وإياها بتلقائية".
وتابع: "الإعدام الميداني كان يمارسه بدائيون من عساكر زمن صدام، ومارسه بدائيون إرهابيون منذ 2003، واليوم يمارسه بدائيون عساكر وسيمارسه إرهابيون، كل ذلك والدولة غائبة والقانون غائب والمنطق غائب".