أعراس الشعوب بين كسر الخزف والبصق على العروس
لندن ـ دلال جويد
تتنوع تقاليد الأعراس عند الشعوب بتنوع الثقافات، وربما كانت بعض التقاليد غريبة نوعاً ما لارتباطها ببعض المعتقدات القديمة.
والزواج حدث سعيد في حياة الزوجين وأهليهما، وكونه حدثاً لا يتكرر في الغالب في حياة الإنسان فهو يأخذ حظاً وافراً من الاهتمام، إذ انه يعني بناء بيت جديد وتكوين أسرة والدخول في حياة مشتركة يكون فيها كل من الزوجين محط اهتمام الآخر، لذا عبرت الشعوب عن اهتمامها بهذا الحدث بطرق مختلفة.
ففي ألمانيا تبدأ مراسم الفرح وتحضيرات العرس قبل شهور من الزفاف، فيخطط العروسان لمراسم الاحتفال حيث يتم تصميم بطاقات الدعوة، وقائمة الضيوف والأغاني والمراسم الدينية، بينما يتم الزواج الرسمي قبل الاحتفال بعدة أيام، ويقتصر الحفل على الخاصة من شاهدي العرس وذوي العروسين، ولكن كثيراً من الأصدقاء يحضر للتهنئة بتلك المناسبة السعيدة.
وقبل الزفاف يجلب أقارب وأصدقاء العروسين خزفاً وأدوات مطبخية ترمى على الأرض أمام العروسين وتكسر لمنحهما الحياة السعيدة والكثير من الحظ، وهناك مثل ألماني يقول"آنية الفخار المكسورة تجلب الحظ".
وفي يوم الزفاف تدخل العروس الى الكنيسة بثوب الزفاف الأبيض، تحمل باقة زهور ويرافقها أبوها وهي تشق طريقها الى العريس الذي ينتظرها ببذلته الأنيقة الداكنة وربطة العنق الملونة.
ومن معتقدات الألمان انه أثناء مراسم العرس عندما يركع العريس على الأرض يحرص على أن يدوس على طرف ثوب العروس، ليقيد خطاها، ويكون صاحب الأمر في حياتها، وحين تقوم العروس، تحاول أن تدوس على قدم عريسها لتعيد لنفسها السيادة في الحياة الزوجية.
وبعد إنهاء مراسم الكنيسة إما أن يدخل العروسان في سيارة مزينة بزهورعلى شكل قلنسوة، أو يصعدا الى عربة تجرها الخيول للذهاب الى قاعة الاحتفال، ويسيران وفق جدول زمني لمواعيد الاحتفال وربما ينتهز العروسان الفرصة لأخذ الصور التذكارية، أما الحضور فقد يشربون القهوة مع الكعك، أو يبدؤون في تناول العشاء مباشرة.
وأثناء العشاء يلقي المقربون للعروسين، أو من يرغب من الحضور، كلمات فيها ثناء عليهما وتهنئة بالزواج، وغالباً ما يقوم والدا العروسين بهذا العمل، ثم يفتتح العروسان الرقص ويتبعهما المدعوون، وتقدم بعض الألعاب لتسلية الحضور وقد يشارك الزوج فيها.
وفي الحفل يتعين على العروسين البقاء حتى ذهاب الضيف الأخير ولا يتركان المكان لبدء شهر العسل من دون أن يكونا قد حضرا الحفل كاملاً.
البيض الفاسد
أما في بعض مناطق اسكتلندا فقد كان العروسان يغطيان من رأسيهما إلى اخمص قدميهما بمادة مثيرة للاشمئزاز، كالبيض الفاسد أو صلصات الاسماك والطحين والنقانق وكل شيء مقرف يمكن أن تتخيله، حيث يبدأ اصدقاؤهم بطلائهم بهذه المادة والطواف بهم مع المهنئين حول البيوت مع الكثير من الضوضاء، واحيانا يكون أحد العروسين فقط ضحية هذا التقليد الغريب قبل الزفاف.
بينما في مناطق اخرى من اسكتلندا يقوم اصدقاء العروسين بغسل اقدامهما للتعبير عن الفرح والرغبة ببداية خطوات سعيدة في الحياة الزوجية.
بكاء وسهام وقرون
وفي الصين يعد البكاء طقسا من طقوس الزواج حيث تبدأ العروس قبل ثلاثين يوما بالبكاء لمدة ساعة يوميا ثم بعد عشرة أيام تنضم اليها والدتها، وبعد عشرين يوما تنضم اليهما الجدة، حيث يرون في البكاء تعبيرا عن الفرح والحب العميق.
بينما في مناطق منغوليا الداخلية في الصين يعمد العروسان إلى ذبح فرخ دجاج معا، واستخراج كبده فاذا كان الكبد يبدو سليما يمكن أن يحددا موعد الزواج، وإن لم يكن كذلك عليهما أن يستمرا بذبح الافراخ حتى يجدا كبدا جيدا!!
وتنوع الحياة في الصين واتساعها افرز تنوعا في العادات والتقاليد التي تبدو غريبة للاخرين؛ فعند شعب الأويغور الصيني توجد عادة اطلاق العريس ثلاثة اسهم (لا تحتوي على النصال) على عروسه، ثم يكسر السهام والقوس خلال حفل الزفاف للتعبير عن الحب والاقبال على حياة سلمية لا قتال فيها الى الابد.
وفي اليابان تقوم العروس مع عائلتها بزيارة بيت العريس وترتدي ثيابا خاصة يميزها غطاء للرأس يسمى "كالتسنوكاكشي"، أو غطاء القرون، لإخفاء قرون الغيرة التي يفترض انها تصيب النساء وتسبب لهن الوساوس وتدمر الحياة الزوجية.
البط والحمام والبصاق
وفي كوريا الشمالية يعد البط واحدا من مستلزمات الزفاف اذ لابد أن يكون ضمن موكب العرس، لأنهم يعتقدون ان البط قرين الحياة، وللتعبير عن الاخلاص يذهب العريس إلى بيت عروسه على مهر أبيض، ومعه أوزة رمادية لأن الدواجن رديفة الحياة كما يعتقد الكوريون.
أما في كوريا الجنوبية فانه قبل ان يتمكن العريس من المغادرة مع عروسه بعد حفل الزفاف يجب عليه تحمل الضرب على قدميه، وقد يكون الضرب مؤلما لكنه ينتهي بسرعة والقصد منه أن يكون مضحكا لا قاسيا، اذ يقوم أفراد الأسرة أو أصدقاؤه بضربه بعصا من القصب أو السمك المجفف على باطن قدميه والغرض من الضرب هو اختبار معرفته وقدرته على التحمل.
ومن غرائب عادات الزواج في بعض مناطق اندونيسيا وماليزيا انه يحظر على العروسين بعد الزفاف دخول الحمام لمدة ثلاثة أيام كاملة، فهما لا يستطيعان مغادرة المنزل ولا قضاء الحاجة، لذا يسمح لهما بكميات ضئيلة جدا من الطعام والشراب، لأنهم يعتقدون أن من يكسر هذه العادة سوف يواجه الحظ السيئ مع عواقب وخيمة مثل الطلاق او الخيانة الزوجية أو وفاة ابنائهم، لذا لا يعود الزوجان الى الحياة الطبيعية الا بعد ثلاثة ايام وحينها يبدأ زواجهما.
أما لدى شعب الماساي في كينيا فإن والد العروس يبارك ابنته في حفل الزفاف بأن يبصق على رأسها وثدييها، ثم يتركها مع زوجها ولا يلتفت الى الوراء خوفا من أن تتحول الى حجر!!
بينما يعمد السويديون الى طريقة اخرى للاحتفال حيث يسمح العريس للرجال الاخرين بتقبيل زوجته بينما يقوم هو الاخر بتقبيل المدعوات، حيث يشترط حينها على العروس ان تترك القاعة، وقبل الزفاف تضع العروس عملة معدنيّة فضية من أبيها في حذائها الأيسر، وعملة معدنيّة ذهبيّة من أمّها في حذائها الأيمن، اذ ترمز الاحذية إلى الولادة السهلة في المستقبل، وتلبس الزوجات السّويديّات ثلاثة خواتم، الاول للخطوبة، والثاني للزواج والثالث للامومة.
وفي الكونغو يؤخذ موضوع حفل الزفاف بجدية تامة إذ لا يسمح للعروسين بالابتسام أبدا أثناء وبعد الحفل، ولا يسمح كذلك بالابتسام في أية صورة من صور الزفاف نتيجة الايمان ان الزواج أمر جدي ولا يجوز الاستهانة به.
وفي انكلترا عادة ما يتم الزفاف في القرى، والعروسان يمشيان معا الى الكنيسة في موكب عرس تقوده طفلة صغيرة تبعثر الزهور على طول الطريق ليكون طريق العروس خلال حياتها الزوجية سعيدا محملا بالزهور، وغالبا ما تخيط العرائس بطرف ثوب العرس رمزا من رموز جلب الحظ مثل حدوة الفرس الفضية التي يعتقد كثيرون انها تجلب الحظ الحسن.
وفي بلجيكا قد تطرّز العروس اسمها على منديلها، تحمله في يوم الزّفاف، ثمّ تبرزه وتعلقه في البيت حتّى تتزوّج عروس جديدة في العائلة فيتم تغيير المنديل.
وفي النّمسا تتوّج العرائس بتيجان الآس الطبيعي الذي يمثل زهرة الحياة.
وفي التّشيك يقوم الأصدقاء بغرس شجرة في باحة بيت العروسين، ويزينونها بالاشرطة حيث تقول الاسطورة لديهم انه طالما بقيت الشجرة تنمو فان حياتهما الزوجية تنمو وتستمر، وفي الأرياف ترتدي العرائس تيجانا من نبات اكليل الجبل حيث تقوم صديقات العروس بنسج اكليل الجبل لها في ليلة عرسها ليرمز الى الحكمة والحب والاخلاص.
ومع اختلاف تقاليد الأعراس وطقوسها لدى الشعوب تبقى الفكرة المهيمنة على تلك التقاليد هي تعزيز الارتباط وديمومة الزواج لتكوين نواة المجتمع المتمثلة بالاسرة المتماسكة.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم البغدادي
