صحيفة كويتية تنقل مخاوف الكويت من الجيش العراق الحالي وتقول ان التسليح الأمريكي للجيش العراقي غير مبرّر!





هل تدخل صفقات التسليح المليارية التي مازال يبرمها الجيش العراقي مع الولايات المتحدة الأمريكية في سياق اعادة تأهيل هذه القوات بعد اسقاط نظام صدام حسين عام 2003؟! أم ان هذا التعاون الدفاعي الجديد يمكن ان يتحول الى تفوق تسليحي نوعي يؤثر في أمن دول مجلس التعاون الخليجي وبخاصة دولة الكويت التي اكتوت بغزو عراقي دام سبعة أشهر؟!.
بالطبع، المسألة تحتاج الى تحليل عميق يشتمل على جانبين: كمي ونوعي، بمعنى ان نتعرف على أعداد العتاد الحربي الأمريكي المبيع الى العراق وكذلك أصنافه ومواصفاته التكنولوجية والنيرانية والقتالية.
المؤشرات الأولى تثبت لنا أن الأمريكيين باعوا دبابات معارك رئيسية طراز «ابرامز» الى العراق، وهي مشابهة الى حد قريب لما يمتلكه الجيش الكويتي، كما أنهم زودوا الجيش العراقي بكميات كبيرة من عربات الهامر متعددة الاستخدامات، فضلا عن تسليمه دفعة من طائرات القتال ف16 التي يقتينها سلاحا الجو الاماراتي والعماني، وثمة قائمة طويلة من المنظومات الدفاعية التي هي في طور التصنيع تلبية لاحتياجات الجيش العراقي وتعزيزا لقدراته العسكرية.
بطبيعة الحال، فان للعراق الحق في اقتناء ما يراه ملائما من أسلحة ومن أي مصدر وبما يتوافق مع عقيدته القتالية، ولنا أيضا الحق في الكويت على وجه الخصوص وبقية دول مجلس التعاون على وجه العموم ان نضمن عدم تأثير هذه الصفقات على ميزان القوى في المنطقة أو اعطاء الجيش العراقي خاصية التفوق النوعي، سواء في مجالات الحرب الالكترونية أو سلاح الجو أو القوة الصاروخية الأرضية.
ولا يفترض ان نرى التسليح الأمريكي للجيش العراقي من زاوية تقتصر على تأهيل جيش واعادة هيكلته، وانما ينبغي ان تذهب خشيتنا الى تبلور سيناريو قائم على تقوية المصالح الاستراتيجية الأمريكية مع العراق الجديد على حساب أمن دول مجلس التعاون الخليجي.
ما يدعو للخوف أكثر هو وقوع الادارة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين تحت السطوة المذهبية الايرانية، وكذلك تبدل الموقف الأمريكي المتشنج من ايران على خلفية ملفات التسلح النووي وتصدير الثورة ورعاية خلايا الارهاب، وكل ذلك، يتطلب حوارا استراتيجيا مباشرا مع الحليف الأمريكي حول أولويات الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط ومنظومة مصالحها وضمانات صيانة الأمن الخليجي على مختلف الأصعدة: العسكرية والأمنية والبيئية.
من ناحية أخرى، فإن التسليح الأمريكي للعراق غير المبرر قد يدفع بعض دول مجلس التعاون الخليجي الى تنويع مصادر الأسلحة واللجوء الى السوق الأوربية أو الروسية أو الصينية، مما يضعف من وتيرة تصدير السلاح الأمريكي الى منطقة الخليج العربي، وكما هو معلوم، فإن الجيشين الاماراتي والكويتي يقتنيان منظومات دفاعية روسية ثقيلة ومتطورة اضافة الى العتاد الصيني والأوربي.
على المدى القصير قد لا تتضخم الهواجس الاستراتيجية من نمو الجيش العراقي كما وكيفا، ولكننا يجب ان نحذر من هذا الأمر في المنظور المتوسط، فالانفتاح العراقي على الشرق والغرب من شأنه ان يجعله في غضون عشر سنوات على الأقل ينشئ جيشا لا يستهان به، لاسيما اذا استقرت الأوضاع الداخلية، وتمكنت المؤسسة العسكرية العراقية من توطين التكنولوجيا الدقيقة واتيحت لها فرصة الانتاج الحربي النوعي.

التخطيط الاستراتيجي وتفعيل مضامين الأمن الوطني كفيلان - بعد توفيق الله - بتجنيب الكويت كارثة مماثلة لاجتياح قوات صدام حسين للكويت عام 1990، وهذان المعطيان بمقدورهما وقاية الجغرافيا الكويتية من التهديدات الخارجية سواءً أكانت برية أم بحرية أم جوية، وكل ما علينا فعله هو ان نعطي صلاحيات واسعة لجهاز الأمن الوطني وكذلك لكلية الأمن الوطني، ليقوما بدورهما المرسوم في وضع التصورات الوقائية لحماية الكويت من المخاطر المحتملة.
الوطن الكويتية