في عتمةِ ليلٍ وخُلوةُ نفسٍ ...هناك عُيونٌ لا تنام





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين









إنها لأرواحٍ احترقت بنار الندم .. لنفوسٍ سمت وتعالت



تناجي الواحد الأحد ..وتسكب الدمعات نقيات صادقات



عيون بكت من خشية الله ..



خوفاً من عقابه ورجاءً وطمعاً في رحمته وغفرانه






إنها عينان فاضت بالعَبرات ..



لمؤمن إمتلأ قلبه خشية ورهبة من العزيز المتعال



لقلوب رقَّت وتفكرت واعتبرت ... إنها لنفوس عرفت الحق ..



فكان طعامها القلق .. وشرابها البكاء ..



ولسان حالهم يقول لعل حزن الدنيا



ينوب عن حزن الآخرة ..



فهي لم تبكي على دنيا زائلة لا والله ..



وما جافى الكرى جفناها لفوات بهرج من بهرجتها



ولا اهتز القلب رعدةً لفراق حبيب .. أو هجر وصال



لعمري إنهم اقتربوا منه فعرفوه ..فأحبوه



فاصطفاهم في كنف محبته الإلهية فحبب فيهم خلقه ..



من الإنس والجن والحي والجامد



حتى لكأن الزهر يفوح بعطرهم .. ويترنم الكون بعذب شدوهم



ويشتاق تراب الأرض أن تُبلِلهُ دموعهم






بكى الباكون للرحمن ليلاً *** وباتوا ليلهم لا يسأمونا



بقاع الأرض من شوقٍ إليهم *** تحنُّ متى عليها يسجدونا



..



هؤلاء الذين قال الله تعالى فيهم



( إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّا ) مريم



عرفتَهُمْ .. فهل أنتَ منهم ...؟!



عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين :



قطرة دموع من خشية الله ، وقطرة دم تهراق في سبيل الله ، أما الأثران فأثر في سبيل الله ( الجهاد )



وأثر في فريضة من فرائض الله ) رواه الترميذي



ما وإن البكاؤون قد وُعدوا ببشرى حكاها الصادق المصدوق وما أروعه من وعد



وأي روح لا تشتاق لأن تناله .. فهم في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله



فلا حرُّ ولا سموم ولا رهق ولا عذاب .. ذكر ذلك في حديث السبعة الذين يظلهم الله بظله ..






( ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) متفق عليه



فاضت عيناه .. ..لأن قلبه امتلأ خشية عقاب الله



وحرارة الخوف من عذابه ..



سكب الدموع خضوعاً وذلاً وعبودية لذي الجلال والجبروت ..



فأصحاب هذه العيون الدامعه في مأمن من عذاب الله



عن ابن عباس رضي الله عنه قال سمعت



النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله ،



وعين باتت تحرس في سبيل الله ) . رواه الترميذي



لحظة صدق وخلوة مع النفس ومحاسبتها .. ندم وبكاء على الذنب



أورث نجاة من النار ... فماذا عنكم ..؟!!



:



{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ



وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } الحديد



هل ذقت لذة الخلوة بالله والصدق معه ..هل أسبلت عيناك الدمع إعترافاً بالذنب



وطلباً للتوبة ؟!



أم أن العين جافية .. والقلب قسى وتحجَّر !!



يا أخي / أختي .. إن المسافر إذا طالت غيبته ترحموا عليه وعدُّوه في الأموات ،



فيا من طالت غيبته عن الإياب والرجوع ..



إن كان قلبك وقت المواعظ يخشع وعينك تدمع فهناك أمل وإلا



فعظَّمَ الله أجرك وأحسن عزاءك !!



وأعلم أيها المتأمل أن المعاصي نارٌ من تحتها الرماد



والعقوبة تلوح في الافق ..



فبادر بإطفاء ما أوقدت من نيران الذنوب ..



ولا ماء يطفئها سوى ما تذرفه من ماءِ العيون .



لعل الرحمة تتنزل والعفو لك يشمل .



وليكن لك في حال من سبقوك عِبرة ..



يقول صلى الله عليه وسلم ( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى



يعود اللبن في الضرع ، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم )



فأعتقوا أنفسكم من النار .. ولو بدمعة .