لو يعلم العراقيون ماذا خسروا بفقد السيد الحكيم
حيدر محمد الوائلي
في أولى أيام رجب الحرام...
سفكوا الدم الحرام...
في الأرض الحرام...
كان صائماً لله تعالى، فمضى على نيته شهيداً قربة إلى الله تعالى مع ثمانين من مصلين كان يؤدون حج الفقراء في يوم الجمعة لله، فأكملوا حجهم عند الله...
أدوا الصلاة لله فصاروا بعد حينٍ عنده معززين مكرمين...
قتلوا السيد محمد باقر الحكيم الذي قضى العمر جهاداً وتضحية وعلماً وعزة وكرامة ورفض الظلم وقول الحق عند الظالمين والجائرين و(أعظم الجهاد كلمة حقٍ عند سلطان جائر)...
كانت أمنيته أن لا يفارق الحياة إلا شهيداً فكان له ما أراد...
لو عرف العراقيون ماذا فقدوا بفقد السيد الحكيم لبكوا على فقده عشرات السنين...
ولو عرفوا الدور الذي لعبه السيد الحكيم بحفظ العراق من الضياع لأقاموا له في القلب تمثالاً...
ولو عرفوا أي مؤامرة وأطراف مستفيدة حاكت اغتياله وخططت له لكان الكثير من أصدقاء اليوم أعداءاً...
ولو عرفوا لماذا قتلوا السيد الحكيم لأتخذه الناس بحق سيد شهداء عراق الحرية...
هذا العراق الذي تأبى كل حقبة تاريخية تمر عليه إلا أن يكون بها شهيداً شاهداً عليها وعلى الظلم وسفك الدم في هذه الأرض الطاهرة، التي طهُرَت بما سال على ثراها من دماء الشهداء في التاريخ قديماً وفيما مضى قريباً واليوم...
محمد باقر الصدر سيد شهداء محاربة الظلم السابق، ومحمد باقر الحكيم سيد شهداء محاربة الظلم الحاضر...
فأنعم بهما من إثنان شهيدان عالمان...
كان السيد الحكيم بحق صمام أمان العراق والعراقيون وكان الأمل في غدٍ أفضل وفي حفظ المعادلة السياسة وتوازنها وحفظ حقوق العراقيين من الضياع فلما اغتالوه بدا الانهيار واضحاً للعيان...
ليس محمد باقر الحكيم حكراً لجهة سياسية ولا لحزب ولا يعني الكلام عنه وتبيان فضله إنتماءاً لهم فهو للعراق كله وللدين كله وهذا عتب على الجهات السياسية التي حصرت أسم الحكيم لها، فهو ليس لها بل للعراق كله...
سالت دماه قرب ضريح الأمام علي (ع) ليكون علياً عليها شهيداً يوم القيامة، أي رب هؤلاء قضوا نحبهم بجواري...
وماتوا على حبي وأهدافي وشعاري...
ليعلم من قتله ومن ساند قتله ورضا عن ذلك ومن سهّل حصوله ومن جاورهم من خبيثين وخبيثات فالخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، ليعلموا جميعاً أن سيكون الخبث جوارهم...
ليعلموا الفرق بين جوار الخبث والخبيثين وجوار الطيبة والطيبين، وليعلموا أيهم أحسن مكاناً ولمن سيئول النصر إليه لاحقاً وقريباً...
جاورت أعدائي وجاور ربه ... شتان بين جواره وجواري
كنت يا حكيم حكيماً بحق و(من أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)...
لم تكن يا حكيم لطائفة بل كنت للدين كله...
ولم تكن لحزبٍ ولا لجهةٍ سياسية بل كنت للعراق كله...
كنت للدين كله وللعراق كله رغم دسائس الحاقدين وتطاول المغرضين ولكنهم لم يطولوا لك تراباً سحقته قدميك...
فزت يا حكيم وبقى العراقيون متأرجحون تأخذهم السياسة بدواهيها ذات اليمين وذات الشمال بصراعاتٍ لا طائل للشعب بها وليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل متفرجين على داحسها وغبرائها متى تنتهي، ولمن ستئول الغلبة...
وإنشغلوا بالصراعات فيما بينهم وتركوا الشعب وحيداً لا يكترث لحاله أحد إلا بمصلحات البيانات والتصريحات الإعلامية التي لا تصلح إلا بحشر إسم الشعب وحقه وحقوقه وكرامته في كل نزاع وصراع تهان به كرامة الشعب وتصادر به حقه وحقوقه...
حتى أضعفوا العراق وشعبه بصراعاتهم التي أدخل بعضهم دول الجوار في تأجيجها كلٍ لصالحه ومشتهاه...
والشعب متفرجاً على من إنتخبهم ليشرعوا لخدمته ولحفظ حقوقه القوانين والتشريعات...
ولتنفيذ مشاريع البناء العملاقة والخدمات...
فإذا بالمحصلة خلافات وصراعات وضاعت الثروات والخيرات في صراع هذا وذاك...
لو كنت اليوم ها هنا يا حكيم لصرخت بهم أن يكفوا ويخرسوا ولا أظنهم سيتكلمون بعدها أبدا...
لو كنت اليوم ها هنا لما ذهب فلان وفلان لدول الخليج ودول الجوار يستجدي دعماً سياسياً ليقويه على صراعه داخل العراق...
لو كنت هاهنا لم تغمض لعينك جفن حتى يوفروا حقوق الشعب ويباشروا بتنفيذ مشاريع الخدمات الوافية والكافية والشاملة بسرعة وغزارة...
لكنهم قتلوك فقد عرفوك أنك لا تسكت عن الباطل...
لقد كنت أتكلم عليك جهلاً فيما مضى... وكنت أسمع من يتكلم عليك ويلصق بك التهم فلا أردهم جهلاً مني أيضاً، والناس أعداءاً ما جهلوا...
ولكن عرفتك مثلما لم أعرفك من قبل مثالاً واعياً صادقاً يا أبا صادق الحكيم...
فزت يا حكيم وأغمضت العين قريراً وفتحتها عند أرحم الراحمين قريراً...
(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً)...
رحمك الله يا حكيم وأنت في القلب ولن ننساك...
محمد باقر بن السيد محسن الحكيم ...
تولد: 8 تموز 1939
شهادة : 29 آب 2003
ذكرى : باقية للأبد في قلب كل حر وواعي