موسوعة {الموسم} تصدر كتابا خاصا بالمفكر عبد الجبار الرفاعي04/06/2014 08:39
صدر مؤخرا الكتاب التذكاري لموسوعة "الموسم" بجزئها الخامس بعد المئة. وهي احدى الدوريات الفصلية التي تعنى بالتراث والاثار وتصدر في هولندا. وقد خصصت كتابها لهذا العدد حول شخصية علمية وتنويرية معاصرة تعد من أكثر الشخصيات التماعا في الفكر الإسلامي والإنساني، وهي شخصية المفكر الدكتور عبد الجبار الرفاعي. استهل الكتاب بمقدمة للكاتب محمد سعيد الطريحي صاحب الموسوعة ورئيس تحريرها, حيث عرض لمحطات من علاقته بالمفكر الرفاعي وعن دور الاخير ومراحل عمله في مشروعه التنويري الكبير.
بداية المشوار
ابتدأ الرفاعي مشواره " كأحد أبرز المشتغلين في إحياء التراث وتتبع المخطوطات النادرة وإعداد المعاجم والفهارس المتخصصة...وكذلك كتب عشرة مجلدات في مصادر النظام الإسلامي, وهناك موسوعات أخرى أنجزها حول المخطوطات العربية في إيران, وعن الاستشراق, وعن الدولة والسياسة في الاسلام ،" تطرق الطريحي في مقدمته إلى النقلة التي حدثت أو لنقل نوع الارتقاء الذي جعل من الشيخ الرفاعي فيما بعد ليكون" داعيا ومؤسسا لمشروع خطير مؤداه فتح باب الاجتهاد في علم الكلام وتحديث الفكر اللاهوتي ليكون وفق متطلبات العصر ورهاناته" مؤكدا سعة المشروع التنويري الذي قاده هذا المفكر وانفتاحه على أكثر من بعد ومستوى معرفي وتطبيقي من أجل الوصول إلى رؤية متوازنة تهدف إلى "بناء مجتمع مدني تعددي يسوده التسامح والمسالمة والتعايش".
هذا وتضمن متن الكتاب عشرات المقالات والاستذكارات لنخبة من خيرة الكتاب والمفكرين والمثقفين ممن هم على اطلاع أو تأثر بالمشروع الكبير للمفكر عبد الجبار الرفاعي. واغترفوا عبر مجساتهم الشخصية من مناهل ذلك المشروع والتجربة الحياتية الثرة, وما دارت حولها من دراسات وبحوث وانعكاسات روحية ومعرفية جعلت من ميادين البحث
أكثر رحابة وأشد التصاقا بالبعد الإنساني.
شذرات مماكتبه الرفاعي
وفيما كرس جل الكتاب- الذي يقع في 756 صفحة- لاستعراض تلك التجارب والبحوث والمقالات المشار اليها, يتناول القسم الثاني منه " شذرات مما كتبه الدكتور عبد الجبار الرفاعي عن أصدقائه". في هذا القسم نقرأ الكثير من آراء الرفاعي وانطباعاته عن شخصيات إسلامية كبيرة أو يسارية أو مسيحية وتسريبه لرؤاه الشخصية حول مفاهيمه التي لا تنفصل عن مشروعه الإنساني. يروي في إحدى مقالاته في هذا الباب عن مذكراته ببراعة وحس متفرد عن أيامه الأولى في بغداد، لاسيما زيارته إلى شارع المتنبي حيث كان يجد راحته في "مكتبة عدنان" العريقة، ويعبر عن امتنانه لصاحبها الذي قدمه وعرف اليه الكثير من النخب الفكرية العراقية بعد انقطاعه القسري عن العراق لعقود.
كتاب جدير بالقراءة
الكتاب-الموسوعة – جدير بهذه التسمية بجدارة, إذ يشتمل على مداخل ومحطات وإضاءات تغني القارئ وتحيطه تصورا بشخصية ومكانة المفكر الدكتور الرفاعي, فهي لا تقف عند حد تقديم بورتريت شخصي أو مذكرات ذات طابع عاطفي أو اجتماعي, بل تتجاوز ذلك إلى حد بعيد عندما تعرض عبر كتاب المقالات الذين دبجوا أو أثقلوا متن كتابها بعشرات الرؤى المعرفية والعلمية- ناهيك عن الانفتاح الروحي على الآخر- التي تعبر عن إسهامات كبيرة ومحركة للفكر المعاصر، كرس الرفاعي حياته لتأسيسها وترسيخ لبناتها عبر الممارسة أو عبر تزويدها بصورة مستمرة بزوايا أخرى وقوى داعمة مضافة من شأنها أن تصلب رقعة ثباتها واتساعها على حد سواء.