في تموز تكشف الحقائق وتتم التسويات



لن تكون زيارة امير الكويت الى ايران هي الوحيدة لجيران طهران وخصومها. فلا تكتسي زيارة الصباح اهمية تاريخية فحسب بل تعكس بداية عهد جديد بين ايران الدولة النووية ذات الحضور الاقليمي والدولي الواسع وصاحبة الكلمة الفصل في تحديد توازنات ومعادلات المنطقة العربية من محيطها الى خليجها. ومجيء الصباح الى طهران لم يكن حدوثه ممكناً لولا وجود ضوء اخضر اميركي- سعودي كبير بحجم الزيارة وأبعادها. ولعل ابرز تجليات اهمية الزيارة يكمن في اللقاء الذي جمع مرشد الثورة الايرانية وزعيم الخليج الثاني الجديد مع تأكيد صدارة الزعامة الخليجية والعربية لورثة الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز بعد انكفاء مصر مبارك وقطر حمد.
في بيروت وخلال لقاء دبلوماسي واسع نهاية الاسبوع الماضي أسرّ سفير عربي معني بالزيارة الى محدثيه بـ"رؤوس اقلام" عما يحمله الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وهو مبادرة لتقريب ذات البين بين المملكة السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية وإيجاد نقاط مشتركة للبناء عليها للوصول الى تفاهمات حول الملفات الساخنة من اليمن الى العراق وسورية فلبنان. وفي الشأن اللبناني تحدث السفير المعني عن بعض نقاط تتراوح بين المبادرة ومجموعة من الافكار لحل مشكلة الشغور الرئاسي اللبناني على قاعدة التفاهم والتوافق بين اللبنانيين وبمساعدة "من الاشقاء" اذا استلزم الامر.
وقد يبدو من المبكر الخروج بخلاصة كاملة عما دار في محادثات المسؤولين الايرانيين ولا سيما بين السيد علي الخامنئي والشيخ الصباح اذ سئل السفير الايراني المغادر لبنان قريباً غضنفر ركن آبادي على هامش احد اللقاءات التكريمية التي اقيمت له امس فأجاب انها "بنّاءة وهامة". وتشكل زيارة الصباح الى طهران بداية عهد جديد من العلاقات بين ايران الثورة والدولة النووية ذات السطوة الواسعة في خليجها "الفارسي" اذ صمدت طوال ثلاثة عقود ونصف عقد في مقارعة كل الهجمات التي شنت عليها لنسف الثورة وإجهاض الدولة الفتية في مهدها. فلم تنجح حالة الحصار والاشغال والحرب المدمرة الواسعة التي تعرضت لها طوال 8 اعوام مع جارتها "عراق صدام حسين" ولا التطويق الاميركي لها من افغانستان الى العراق وسورية ونشر الصواريخ والقواعد الجوية وحاملات الطائرات والمدمرات في المياه الخليجية والاقليمية واخيراً الحصار الاقتصادي الخانق وإجهاض الحلم النووي الايراني المخصص للطاقة والاغراض السلمية.
ويؤكد دبلوماسيون مطلعون ان المفاوضات النووية بين ايران والدول الخمس زائد واحد قد شارفت على خواتيمها ويتوقع ان يشهد النصف الثاني من تموز المقبل الاعلان عن توقيع اتفاقية تنص على تحرير 300 مليار دولار من الودائع الايرانية خارجها على ان تلتزم بنسب التخصيب والانتاج النووي المخصصة لانتاج الطاقة البديلة والاغراض السلمية الاخرى كما ستفتح ايران اسواقها النفطية امام الاستثمارات الاوروبية والاميركية.
وفي السياق تشير المصادر الى ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند جمع كبار مستشاريه الاقتصاديين اخيراً وطلب منهم المباشرة بإعداد تصور لكيفية الاستثمار الفرنسي في "اسواق الذهب الايرانية الخالصة". وتلمح المصادر الى ان طهران ستكون في النصف الثاني من شهر تموز المقبل مع زيارة تاريخية اخرى للرئيس الفرنسي الذي كان من اكثر المعارضين للاتفاق النووي الايراني وأكثر المتحمسين لاسقاط الرئيس السوري بشار الاسد حليف ايران الاستراتيجي والمساهم الاكبر في وضع حزب الله على لائحة الارهاب الاوروبية بطلب سعودي.
ولم تستبعد المصادر ان تلي القمة السعودية - الايرانية على مستوى وزيري الخارجية قمة رئاسية بين الملك السعودي والرئيس الايراني.
إنجاز الاتفاق النووي الايراني مع اميركا والغرب سيؤكد التسليم بمرجعية إيران كدولة عظمى في منطقة الشرق الاوسط والتي سيكون لها دور في إعادة رسم ملامح المنطقة، وهذا الدور سيكون سياسياً وتقريرياً في استحقاقات المنطقة ولا سيما في العراق الذي يفترض ان تتشكل حكومته الائتلافية الجديدة برئاسة المالكي قريباً بينما ستمر الرئاسة السورية لمصلحة الاسد الذي نجح في اختبار الاحتضان الشعبي، بينما تكرست المصالحة الفلسطينية بتشكيل الحكومة الائتلافية بين حماس وفتح امس مع كسب ايران لورقة المصالحة الفلسطينية في وجه مخطط كيري التقسيمي والتهويدي. وإذا صحت تعهدات حماس التي نقلها منذ اسبوعين محمد نصر احد مستشاري خالد مشعل الى السيد حسن نصرالله خلال لقائهما ومشعل نفسه الى نائب وزير الخارجية الايرانية عبد اللهيان فإن الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية ستجري خلال 6 اشهر وأن حماس وفتح جادتان في إنجاز المصالحة.
أما في لبنان فينتظر ان يشكل النصف الثاني من تموز المقبل بداية اختمار التسوية الرئاسية بعد ان تكون حلحلة الامور قد سلكت طريقها بين ايران والسعودية ليكون مطلع آب بداية النهاية للشغور. فهل يكون تموز ملتهباً بالانفراجات الاقليمية والدولية؟.





علي ضاحي/صدى البلد