ولد تي إس إليوت في مدينة سانت لويس في ولاية ميزوري الأميركية في 26 أيلول من العام 1888، وتوفي في لندن عن عمر 77، حيث كان في ذلك الوقت قد فاز بجائزة نوبل للآداب في العام 1948، وفي العام نفسه تلقى إليوت وسام الاستحقاق، وهو أهم الأوسمة البريطانية تكريما للتميز.
وكان إليوت من أكثر النقاد الأدبيين تأثيرا وتسلطا في القرن العشرين، إضافة إلى انه كان ناشرا مميزا في دار "فابر وفابر" للنشر، حيث نشر هناك أعمالا لشعراء إنجليز مهمين أمثال و.هـ. أودين، لويس ماكنيس وستيفين سبيندر.
ويعتبر إليوت من ابرز ممثلي الشعر الحر وحركة الحداثة في الشعر وكذلك المدرسة الصورية، من قصائده الأولى "بروفروك ومشاهدات أخرى" عام 1917، و"الأرض اليباب أو الخراب" عام 1922، التي تعد بإجماع النّقاد أروع واعقد أعماله والأكثر إثارة للجدل على الإطلاق، و"الرجال" و"الخوف" وكلّها تعّبر عن القنوط الذي يعتلي الحياة الحديثة في إيقاعات ثائرة.
وكمحرر، كان لأليوت تأثير مهم على مجلة "السريتيريون"، التي عمل فيها في الفترة من 1922 إلى 1939، حيث قام بنشر اعمل أدبية لكل من الأديب الفرنسيأندريه جيد، الأديب الألماني توماس مان والروائي الفرنسي مارسيل بروست، وفي هذا إشارة إلى توجهه الثقافي الأوروبي، ودليل على وصوله إلى قبة السماء الأدبية.. فهو شخصية عالمية ذات أهمية كبرى.
وفي وقت متأخر من حياته المهنية، استطاع إليوت أن يبهر الجميع بقدراته على كتابة المسرحيات الشعرية، ليصبح اشهر شاعر في عصره، وذلك لان أهمية أشعاره جاءت من صعوبتها وتعقيداتها.
وفي السادس من آذار العام 1950 ظهر إليوت للمرة الأولى على غلاف مجلة "التايمز" البريطانية، وفي نيسان العام 1956 حاضر إليوت أمام 140 ألف شخص في ستاد للكرة القاعدة في "مينيبوليس"، حيث تحدث عن "حدود النقد".
وعلى الرغم من الاحتفالات التي كان يحظى بها إليوت، إلا أن شهرته انحصرت في الأدب، فقد كان شخصا منطوٍ. وكان كتب جيلبيرت هاردينغ، وهو مذيع بريطاني مشهور نسيه الناس اليوم، انه شعر بالخجل حين كان في احد الأنفاق اللندنية وأشار إليه الناس، في الوقت الذي تجاهل فيه الناس إليوت – أعظم شعراء العصر – ولم يميزوه.
لقد كانت حياة إليوت، كحياة عدد من الكتاب والشعراء الذين امضوا جل وقتهم على مكاتبهم، خالية من الأحداث المهمة، مقارنة مع أدباء آخرين كأرنست همنغواي مثلا، فقد وصف إليوت نفسه في كتاب "نقد النقد، بأنه "رجل دمث الأخلاق، يتحصن بحرص وراء آلة الطباعة"، وتدور أشعار إليوت حول فكرة رئيسية بارزة "حياة غير مكتملة تماما".
لكن حياة إليوت الخاصة كانت مليئة بالدراما الهادئة، وخالية من التهور والطيش، فقد كان رجلا مجتهدا في كتابة رسائله، يكد في القراءة، التحرير وإعطاء المحاضرات، دون كلل أو ملل.
ومن ثم دخلت حياته الشاعرة الأميركية فيفيان هايغ وود، الواعدة في عملها كفيلسوفة في الأكاديمية الأميركية للآداب المتخيلة في الدول الأجنبية، والتي سرعان ما ارتبط بها وتزوجها بعد أسابيع قليلة من تعرفه إليها.
وبالرغم من أن فيفيان كانت كريمة معه، وزوجة محبة له، وعلى الرغم من أن إليوت كان قد قال في رسالة لبيرتراند رسل انه "لم يكن أكثر سعادة في حياته مثل الأيام التي قضاها مع فيفيان"، إلا أن الزواج لم يكن ناجحا.
ففي رسالة كتبها لكونراد أيكين، قال إليوت انه "قلقه المالي، وخوفه على صحة فيفيان المتراجعة قد أوقفته عن الكتابة"، إلا انه أكد "لكنني ، بالرغم من كل هذا، اقضي وقتا رائعا".
وفي العام 1933 انفصل إليوت وفيفيان عن بعضهما بحكم القضاء، وذلك بعد خيانتها له مع معلمه السابق بيرتراند رسل، وأصيبت فيفيا بالجنون، وأُدخلت في العام 1938 في مشفى نفسي سري في لندن، حيث توفيت هناك في العام 1947. وبعمر 69 عاما تزوج إليوت سرا من فاليري التي تصغره بأربعين عاما.
وانضم إليوت في العام 1927 إلى الكنيسة الإنجليزية، وأصبح مواطنا بريطانيا معتنقا للمذهب الكاثوليكي، فيما بعد فتغّيرت آفاقه وتعمّقت أشعاره بالمعاني الدينية كما في "أربعاء الرماد" عام 1930، وقد كتب المسرحيات الشعرية التي لاقت نجاحا كبيرا في الإخراج ومنها "سويني أجونسستس" عام 1932، و"جريمة قتل في الكاتدرائية" عام 1935، و"حفلة الكوكتيل" عام 1950، و"اجتماع شمل العائلة" عام 1939، وتعتبر مقالاته في النقد من أفضل ما كتب عن أدب القرن 17، ومن كتبه في النقد "مقالات قديمة وحديثة" عام 1936، و"فائدة الشعر وفائدة النقد" عام 1933.
وبالنظر إلى أن ابرز الأحداث في حياة إليوت كانت وجدانية إلى ابعد الحدود، فتبدو فكرة التركيز على حياته "المدفونة" والغير مكتملة فكرة غريبة، إذ أن قرارات إليوت الدراماتيكية كانت نابعة من خوفه من عيشه حياة غير مكتملة، كانت خيارا بعدم الثقة لا خيار المغامرة.
ويأتي هذا المبدأ من الأدب نفسه لا من الحياة، فمن المهم أن ندرك أن الكتاب الذي عاشوا حياة كاملة يعني أنهم عاشوا جوهر الحياة "الحياة الفكرية"، فقراءة المسائل بصورة كئيبة هو مسألة من الشغف أيضا.
وهذا التناقض، بين المجازفات التي وقعت في حياة إليوت وبين المبدأ الذي سيطر عليه لإضعاف حذره، يجعل من الصعب المساواة بين سيرة حياته وبين شعره، فشعر إليوت لا يرتبط بحياته الشخصية، بل أن معرفة حياته الخاصة لا تساعدنا كثيرا كقراء على فهم شعره.
ويبدو الرابط بين الحياة والإبداع إشكاليا في حالة إليوت، لأنه اعتنق نظرية عدم شخصنة الإبداع العظيم، وهذا ما بينه في مقالته "العرف والموهبة الفردية"، فغياب الشخصنة عن أعمال إليوت تصف العملية الإبداعية وتوجهها، ويقول إليوت "كل شيء من وجهة نظر واحدة ذاتي ومن وجهة نظر أخرى موضوعي، فلا يوجد على الإطلاق وجهةنظر يمكن على أساسها صنع أي قرار".
مقالة إليوت كانت كلاسيكية، مقالة جمالية كان الحافز فيها – بالضرورة- سلبيا، يتم تعريفها بأنها نقيض الرومانتيكية، فوظيفة الرومانتيكية تقدير الأحاسيس العميقة والقوية، لتجعل منها مركزا لكل الانجازات الإبداعية.
وكان خطأ إليوت انه كان مصمما على الهدم: "في الإبداع ليست "العَظَمة"، أو قوة المشاعر، أو عناصر ومقومات هي التي تهم، بل العمق في العملية الإبداعية نفسها هو الذي يؤخذ بعين الاعتبار.
ويعني إليوت بعدم شخصنة الإبداع العظيم: الموضوعية، التجرد، النزاهة، التميز، والتحكم في الصدفة والأحداث الطارئة، فالشخصنة التي تهدد الإبداع، كما يراها إليوت، مرفوضة.
إلا أن هذا لا يعني، ولا يمكن أن يعني أن على الإبداع أن يتجرد من كل ما هو شخصي، فعلى العكس، يؤكد إليوت على أن المشاعر والأحاسيس هي التي تصنع الفن والإبداع، فالمشاعر هي عناصر الإبداع، ولكنها يجب أن يتم وضعها في قالب ما.
فالموهبة الفردية التقليدية تنم عن موضوعية عير مبنية في الإبداع، فالمشاعر العميقة لا يمكن أن تصنع من الإنسان شاعرا، وإلا لكان كل سكران، أو مهووس بكرة القدم، أو متعصب دينيا يطابق هذا التعريف، فالإبداع يعني الابتكار.
وفي النهاية، نبقى أمام الشعر المتروك لنا، فهو الذي يخاطب أي قارئ مهتم، إذ تختلف وظائف الشعر حتما مع تغيّر المجتمع ومع تغيّر الجمهور، كما يقول إليوت.
*صحيفة الجارديان البريطانية
** ناقد وشاعر إنجليزي، ومؤلف كتاب "تي إس إليوت" من منشورات جامعة أوكسفورد.
مقاطع من قصيدة إليوتThomas Stearns Eliot was born in St. Louis in 1888 to a family with prominent New England heritage. Eliot largely abandoned his Midwestern roots and chose to ally himself with both New and Old England throughout his life. He attended Harvard as an undergraduate in 1906, was accepted into the literary circles, and had a predilection for 16th- and 17th-century poetry, the Italian Renaissance (particularly Dante), Eastern religion, and philosophy. Perhaps the greatest influences on him, however, were 19th-century French Symbolists such as Charles Baudelaire, Arthur Rimbaud, Stephene Mallarme, and especially Jules Laforgue. Eliot took from them a sensual yet precise attention to symbolic images, a feature that would be the hallmark of his brand of Modernism.
"زمن التوتر"*:
أين تكون
الكلمة ، أين تدوّي
هنا في البحر، في الجُزر ، على اليابسة
في ارض المطر، أو ارض الرمل
هنا، لا صمت يكفي أولئك الذين يسيرون
آناء النهار و آناء الليل
الزمن الصحيح غائب و المكان الصحيح غائب
*****
ما تزال الأشرعة البيض تتجه نحو البحر
و نحو البحر تطير أجنحة غير مكسورة
و إلى العُصيان تُسرع الروح الضعيفة
و أصوات البحر الضائعة
و يُسرع الليّلك الضائع
*****
و تخلق العينُ العمياء
أشكالا فارغة بين الأبواب العاجية
و تسترجع المالح للأرض الرملية
هذا هو مكان الوحدة
حيث تعبر الأحلام بين الصخور الزرق
هذا هو زمن التوتر
بين الموت و الولادة
من أقوال الشاعر :
((أنا من تراب وماء، خذوا حذركم أيها السابلة، خطاكم على جثتي نازلة ، وصمتي سخاء ، لأن التراب صميم البقاء ، وأن الخطى زائلة ؛ ولكن إذا ما حبستم بصدري الهواء ، سلوا الأرض عن مبدأ الزلزلة ، سلوا عن جنوني ضمير الشتاء ، أنا الغيمة المثقلة ، إذا أجهشت بالبكاء ، فإن الصواعق في دمعها مرسلة.))
((أنتَ من يتأمل جثة حب في طور التعفن
لا تحتفظ بحب ميت في براد الذاكرة..
أكتب..
لمثل هذا خلقت الكتابة!))
Eliot also earned a master's degree from Harvard in 1910 before studying in Paris and Germany. He settled in England in 1914 at the outbreak of World War I, studying at Oxford, teaching, and working at a bank. In 1915 he married British writer Vivienne Haigh-Wood (they would divorce in 1933), a woman prone to poor physical and mental health; in November of 1921, Eliot had a nervous breakdown.
By 1917 Eliot had already achieved great success with his first book of poems,Prufrock and Other Observations, which included "The Love Song of J. Alfred Prufrock," a work begun in his days at Harvard. Eliot's reputation was bolstered by the admiration and aid of esteemed contemporary poet Ezra Pound, the other tower of Modernist poetry. During Eliot's recuperation from his breakdown in a Swiss sanitarium, he wrote "The Waste Land," arguably the most influential English-language poem ever written.
Eliot founded the quarterly Criterion in 1922, editing it until its end in 1939. He was now the voice of Modernism, and in London he expanded the breadth of his writing. In addition to writing poetry and editing it for various publications, he wrote philosophical reviews and a number of critical essays. Many of these, such as "Tradition and the Individual Talent," have become classics, smartly and affectionately dissecting other poets while subliminally informing the reader about Eliot's own work. Eliot declared his preference for poetry that does away with the poet's own personality and uses the "objective correlative" of symbolic, meaningful, and often chaotic concrete imagery.
Eliot joined the Church of England in 1927 and his subsequent work reflects his Anglican attitudes. The six-part poem "Ash Wednesday" (1930) and other religious works in the early part of the 1930s, while notable in their own right, retrospectively feel like a warm-up for his epic "Four Quartets" (completed and published together in 1943). Eliot used his wit, philosophical preoccupation with time, and vocal range to examine further religious issues.
Eliot wrote his first play, "Murder in the Cathedral," in 1935. A verse drama about the murder of Archbishop Thomas Becket, the play's religious themes were forerunners of Eliot's four other major plays, "The Family Reunion" (1939), "The Cocktail Party" (1949), "The Confidential Clerk" (1953), and "The Elder Statesman" (1959). With these religious verse dramas cloaked in secular conversational comedy, Eliot belied whatever pretensions his detractors may have found in his Anglophilia. He wrote "Old Possum's Book of Practical Cats" in 1939, a book of verse for children that was eventually adapted into the Broadway musical "Cats."
As one might expect from his work, Eliot was unhappy for most of his life, but his second marriage in 1957 proved fruitful. When he died in 1965, he was the recipient of a Nobel Prize (1948), the author of the century's most influential poem, and arguably the century's most important poet. Perhaps due to the large shadow he casts, relatively few poets have tried to ape his style; others simply find him cold. Still, no one can escape the authority of Eliot's Modernism - it is as relevant today as it was in 1922. While Eliot may not have as much influence on poets today as some of his contemporaries, the magnitude of his impact on poetry is unrivaled.