حلم السلام والنزعة النازية31/05/2014 08:54
يجري استذكار الحرب العالمية الأولى في فرنسا في جميع المجالات ومنها المجال السينمائي، وفي هذا السياق تم عرض فيلم (كل شيء هادئ على الجبهة الغربية) إنتاج سنة 1930 في إطار فعاليات (مئوية الحرب العالمية الأولى في السينما). اقتبست قصة الفيلم الذي أخرجه لويس ميلستون عن أول رواية كتبها جندي سابق اسمه (أريك ماريا ريمارك) وحين عرض لأول مرة لاقى نجاحا عظيما.
عندما قدم الكاتب الشاب ريمارك روايته إلى الناشر الألماني الشهير (صامويل فيشر) قلب هذا بضع صفحات منها وقال له: "يوجد ما يكفي من الكتب عن الحرب العالمية مثل هذا الكتاب". لكن فيشر كان مخطئا، فقد تلقف الكتاب منافسه الناشر أولشتاين وطبعه على شكل حلقات في الصحيفة اليومية (فوسيشه تساتونغ) سنة 1929 وكان النجاح فوريا. ثم طبع على شكل كتاب في كانون الثاني 1930 فتدافع القراء لشرائه حتى بلغ ما بيع منه في ألمانيا 800 ألف نسخة حتى مغادرة ريمارك لبلده سنة 1935 بسبب تهديد القوميين له فيما بيع منه في فرنسا 600 ألف نسخة.
سرعان ما اشترى صاحب شركة يونيفرسال بيكشرز الهوليوودية حقوق الإخراج السينمائي للرواية وعهد بإخراجها الى لويس ميلستون.
عندما عرض الفيلم بعد بضعة أشهر كان له أثر عظيم في الولايات المتحدة وقد علقت جريدة (نيويورك تايمز) في نيسان 1930 متحمسة: "أغلب الوقت كان الجمهور صامتا وقد سحرته المشاهد الواقعية. إنه إنجاز محترم وصادق وجدي مليء بالصور الحية". حصل الفيلم على جائزتي أوسكار كأفضل فيلم وأفضل إخراج. يؤكد باتريك بريون المؤرخ السينمائي والمسؤول عن برنامج (سينما منتصف الليل) في قناة فرانس 3 : "إنه فيلم مهم وشجاع يظهر أن الحرب هي نفسها بالنسبة إلى كل العالم، وأن الألمان عانوا منها بقدر الأميركيين حتى وإن كان سهلا على الأميركيين أن يخرجوا هذا الفيلم لأنهم انتصروا في الحرب، علاوة على ذلك لم تكن هوليوود تخشى الألمان حينئذ بل البلاشفة (الشيوعيين)".
كان العرض الأول للفيلم في ألمانيا في الخامس من كانون الأول 1930 فرصة دعائية كبيرة للنازيين قبل ثلاث سنوات من تسلم هتلر للسلطة معتبرين أنهم أهينوا من قبل الأميركيين في هذا الفيلم وفي كثير من النتاجات السينمائية. في ذلك الوقت كان أغلب سكان العاصمة الألمانية ميولهم ديمقراطية وشيوعية وبعد عرض الفيلم تحرك رجال غوبلز الذين كانوا في الظل وألقوا في الصالة قنابل، وقيل أنهم ألقوا حيوانات، مرددين أناشيد نازية وتقاتلوا مع معارضيهم. ومن الشرفة صاح غوبلز بأن الفيلم محاولة لتدمير صورة ألمانيا كما روى (بين أورواند) من جامعة هارفارد في كتابه الذي ظهر في آب 2013 (التعاون: ميثاق هوليوود مع هتلر).
لم يعرض (كل شيء هادئ على الجبهة الغربية) مرة أخرى إلا في الخمسينيات، وكذلك الحال بالنسبة الى الرواية التي كان هتلر قد وضعها في القائمة السوداء. اقتبست الرواية للتلفزيون الأميركي سنة 1979 واستمرت تباع في المكتبات. يقول رويز: "غالبا ما ننساها ولكنها كانت من أوائل الكتب الأكثر مبيعا في القرن العشرين، وربما تجاوز الرقم الآن 30 مليون نسخة".