أثبتت دراسة مخبرية حديثة قدرة الحيوانات المنوية على السباحة عكس التيار ببراعة، ووجدت أنها - وعلى عكس الاعتقاد السائد - لا تتنافس فيما بينها للوصول للبويضة وتلقيحها، بل إنها تتعاون من أجل اجتياز العوائق الكيمياوية والفيزيائية التي تقف في طريقها.
وبسبب صعوبة مراقبة الحيوانات المنوية داخل جسد الإنسان، قام الباحثون بتصميم تجارب مخبرية تختبر قدرتها على السباحة عكس تيار السوائل في أنابيب الاختبار، ونشروا نتائج أبحاثهم في مجلة eLife، معتبرين أنهم قدموا فهماً جديداً غير مسبوق للآلية التي تعمل وفقها الحيوانات المنوية للوصول نحو البويضة.
وبدأت الرحلة تجاه البويضة بوجود ملايين الحيوانات المنوية، إلا أن عدداً قليلاً منها نجح في الوصول في النهاية للقيام بعملية التلقيح، إذ كان عليها أن تجتاز عكس التيار مسافة تتجاوز طول الحيوان المنوي الواحدة بـ1000 ضعف، وأن تتعرض إلى مواد كيمياوية مختلفة خلال الطريق.
ولاحظ الباحثون أن الحيوانات المنوية لم تسبح بشكل مستقيم عكس التيار، بل سلكت طريقاً حلزونياً، كما أنها اختارت السباحة بمحاذاة جدار الأنبوب، حيث يكون التيار أبطأ من المركز.
وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن الحيوانات المنوية تتنافس فيما بينها، وأن الأقوى منها هو من يحظى بالبويضة، وجد الباحثون أن الحيوانات المنوية تساعدت من أجل الوصول إلى البويضة، بحيث إنها تراكمت على جدار الأنبوب وشكلت كتلاً مركّزة، وهو ما ساعدها على اجتياز العوائق والتيار.
وشبّه جورن دنكيل، كاتب الدراسة الحيوانات المنوية بسمك السلمون، فكما تمتلك هذه الأنواع من الأسماك القدرة على السباحة عكس التيار، فقد أثبتت الحيوانات المنوية أنها تمتلك ذات القدرة.
وأضاف الباحث في الإصدار الصحافي للدراسة، "إن الآلية مذهلة، لقد وجدنا أنك إذا اخترت سرعة مناسبة للتيار، يمكنك أن ترى الحيوانات المنوية تسبح عكسه لبضع دقائق".
ويعتقد الباحثون أن هذه النتائج يمكن أن تساعد على تطوير تقنيات التلقيح الاصطناعي وجعلها أكثر كفاءة، ويؤكدون ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث عن طرق حركة الحيوانات المنوية وكيفية تعاونها، وهو ما سيساعد على تحقيق قفزة في مجال التلقيح الاصطناعي.
رد مع اقتباس
