لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد
تعتبر المماطلة والتسويف واختلاق الأعذار من أكثر الأمراض خطورة بل وتعد العدو الأول لإدارة وتنظيم الوقت واستثماره بالشكل الأمثل، فلا يكاد المسوف يبدأ في عمل أو مهمة الا ويتركها مختلقاً الأعذار لذلك، ويسوق مبررات لا يقتنع هو بها ويحاول أن يقنع الآخرين بها.
إن أسوأ ما في المماطلة والتسويف هو تحويلها لنمط من الحياة قد لا نشعر به و ذلك بسبب تحويلها إلى عادة إلا أنها بكل أسف عادة سلبية لا تؤدي إلا لمزيد من الضغوط والمشكلات والصعوبات. ونظرا لأن المسوف يقوم بتأجيل كل شيء فإنه لا يتم أداء أي شيء، وأن تم أداءه فإنه يكون مبتوراً وناقصاً وغير مكتمل.
المسوف يتفنن في هدر الوقت، فمثلاً أثناء تأديته لمهمة ما لا يكاد يبدأ فيها حتى يختلق أي عذر يثنيه عن اكمال المهمة كشرب كأساً من الشاي وبدل أن يعود للعمل أو المذاكرة يتعذر بأنه محتاج إلى كوب أخر حتى يستعيد انتباهه، وأثناء شرب الشاي يجلس لمشاهدة التلفاز بينما ينبغي عليك الذهاب لإنجاز المهمة التي بدأها ويبدأ بخلق الأعذار لنفسه بأن هناك متسع من الوقت لإنجاز المهمة… وعقب فترة الاستراحة تلك بمدة قصيرة للغاية يبدأ فيروس التسويف في الانتشار ويبدأ الإنسان ينتقل من شيئ إلى شيئ آخر يضيع فيه وقته وتكون المحصلة عدم إنجاز أو إتمام أي شيء في الوقت المناسب بالجودة المناسبة .
قد يكون التأجيل في بعض الأمور مقبولاً، لكنه في كثير من أمور حياتنا شيء مرفوض، فهو غالبًا ما يؤدي للخسائر ولا ترجى منه فائدة ... إن كنت تؤجل وضع خطة واضحة لحياتك أملاً في أن تستمتع بها قليلاً قبل أن تبدأ في الجد والاجتهاد، فأنصحك بالبدء فيها لأن الاجتهاد والجد لا يتعارضان مع الاستمتاع بالحياة، فلتضع خطتك لحياتك من الآن، ولتضع فيها مساحة الاستمتاع المناسبة، واعلم أنه بعد فترة ستجد كل المتعة في الارتقاء بحياتك، وستجد كل المتعة في الاجتهاد والجد .
إن كنت تؤجل مذاكرتك أملاً في أن تجد الوقت المناسب قبل الامتحان، فأنبهك قد لا تجد هذا الوقت، وإن وجدته فلم لا تبدأ مبكرًا فتكون أقدر وأفضل، وكما قال الرسول صلى الله عليه واله وسلم ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ) . فلا تؤجل أبدًا تحصيلاً علميًا، حتى وإن كان هناك وقت آخر يمكن أن تبدأ فيه، ابدأ طالما تستطيع ذلك، لا سيما ونحن نقترب من اختبارات نهاية العام، حري بنا نحن المسلمون من لا يرضوا بالدون من الأشياء ودائما هم متألقون ومتقدمون في كل الميادين، السياسية والإعلامية وغيرها من الميادين فنحن لا نقبل دون القمة في التحصيل العلمي ايضاً.
الوقاية من التسويف خير علاج، وترك إصلاح النفس من التسويف قد يؤدي إلى مفاسد أكثر وضرر أكبر، تحتاج إلى مجهود مضاعف لإصلاحه، فلا تؤجل عملاً ولا تؤجل إصلاحًا أبدًا، فإن كنت تؤجل إصلاح شيء ما أملاً في أن يحتمل فترة أطول من الزمن قبل أن ينهار.
فالتسويف والمماطلة لهم أعراض خطيرة يجب أن ننتبه لها جيداً حتى لا نقع في هذا المرض ونتفاداه، نذكر بعض من هذه الأعراض:
- ترك العنان للتفكير بحيث تأخذنا الأحلام أو الذكريات بعيدا عن العمل أو المذاكرة مثل التفكير في الإجازة، أو استرجاع ذكريات سابقة أو التفكير بالنوم.
- الاستجابة طواعية للعوائق التي تحول دون إنجاز العمل مثل سيل المحادثات التلفونية اليومية، الجلوس لفترات طويلة على الإنترنت لا سيما الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي، متابعة التلفاز لفترات طويلة.
- تركيز الاهتمام على إنجاز الأعمال الثانوية والغير مهمة بدلاً من التركيز على ما يجب إنجازه فقط.
- الخوف من الفشل يكون أحيان أحد الأسباب التي تدفع الفرد إلي المماطلة.
اسوق لك أخي الحبيب بعض النصائح التي تساعدك على القضاء على التسويف والتأجيل:
- وضع وقت محدد لإنهاء كل مهمة تبدأ بها.
- خذ على نفسك عهدا وقل لنفسك لن أختلق الأعذار لتأجيل الأعمال .
- تعاهد مع نفسك بأنك لن تقوم من مكانك حتى تنتهي من الجزء الذي قررت أن تنهيه لهذا اليوم أو يحول أمامك أمر طارئ جداً.
- اكتب قائمة بالأشياء التي تؤجلها دائما وقم بتحليل هذه القائمة ولاحظ وجود نمط معين من هذه الأعمال.
- شجع نفسك واسألها ما المشكلات التي سوف أسببها لنفسي حين أؤجل هذا العمل؟ أكتب تلك المشكلات في قائمة وتذكر دائماً بأنك أنت أول مسبب لمشاكلك الشخصية ومشاكل المحيطين بك.
وصدق الشاعر حين قال:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة *** فان فساد الرأي إن تترددا
منقول