نحب دائماً أن نعرف ما هي التطورات الجسدية والفكرية والنفسية التي سنراها عند الولد مستقبلاً. والواقع أن الولد سيواجه ما بين عمر 5 و8 سنوات عدداً ضخماً من التحديات الجديدة كما سيشهد تحوّلاً كبيراً في داخله . وإليك ما يحصل باختصار:
• سيبدأ برؤية الأشياء من خلال وجهات نظر الآخرين وبالتخطيط قبل أن ينفذ وبالتفكير بأكثر من أمر دفعة واحدة.
• سيصبح مدركاً أكثر، وبالتالي قادراً بشكل أفضل على التفكير بالطريقة التي «تتفق» فيها الأشياء مع بعضها البعض. سيبدأ بالتفكير والمقارنة بشكل نسبي أكثر.
• سيقدر على تخيل ما الذي سيحصل لاحقاً وحتى على التفكير بمستقبل مختلف عمّا تخيلتماه أنت أو هو.
• سيتطور فهمه للغة أكثر وكذلك ذاكرته. سيستخدم اللغة بالترافق مع قدرته الجديدة على توقع المستقبل ليوجه ويؤثر على سلوكه وعلى سلوك الآخرين.
• سيبدأ يفكر باللغة بحد ذاتها، أي ليس فقط من ناحية كيفية استخدام الكلمات إنما أيضاً بشكلها وأصواتها. يشير هذا إلى أنه جاهز لتعلم القراءة.
• ستبدأ قدراته الإبداعية تتفتح فعلاً وسيرغب بالتعبير عن ذاته بطرق مختلفة.
• الآن وقد بدأ يرتاد المدرسة، سيتعلم أن يتعايش مع المجموعات وأن يفعل ذلك وفق ضوابط ثابتة أكثر وعلى الأرجح لفترات طويلة أكثر مما قد فعله سابقاً.
• ستصبح الصداقات أهم أكثر فأكثر، وبالتالي ستدل قدراته الإدراكية العظيمة على أنه واع أكثر الآن للاختلاف بين الأشخاص.
لقد تحدثنا عن كل هذه التغيرات كما لو أنها «تحصل» بكل بساطة، هذا صحيح إلى حد ما.
بفضل معرفتنا الكبيرة بكيفية نمو الدماغ، فقد بتنا نعرف في أيامنا هذه أن هناك تغيرات تجري في الدماغ مسؤولة عن إتاحة المجال أمام حدوث الكثير من هذه القفزات على مستوى الفهم.
كما أن التغير على الصعيد الجسدي يشكل مجرد جزء من القصة، إنه فقط يجعل التغيير ممكناً.
وفقط من خلال التحدث إليك وإلى الآخرين ومن خلال مراقبة الآخرين وكيفية قيامهم بالأعمال ومن خلال ما يتلقاه في المدرسة من علم ومن خلال تجربة الأشياء بنفسه،
سيحظى طفلك بذلك الفهم المذهل.
الواقع أن عالم النفس بياجي شرح هذا بشكل أوضح، عندما قال: «ليفهم الطفل شيئاً عليه أن يبنيه بنفسه، عليه إعادة ابتكاره».
وبما أنه يخضع لكل هذه التحولات في فهمه للعالم، وبما أنه يحوِّل اهتمامه نحو عالمه الاجتماعي المدرسي الجديد،
قد تتضايقين لكونك أصبحت أقل أهمية بالنسبة لطفلك.
قد يبدو لك كما لو أنه يبتعد ويسمح للمدرسة ولأصدقائه الجدد ومعلماته أن يشغلوا اهتمامه.
هذا صحيح إنما لدرجة معينة فقط. ستبقى العائلة والمنزل الملاذ في حياة طفلك،
القوتان الثابتتان الموثوقتان اللتان تتيحان لها الخروج إلى عالم المدرسة الجديد والمثير.
وعلى الرغم من الحماس وكل الأمور الجديدة التي تكتشفها،
ستبقى عائلته ومنزله مصدر التأثيرات الأكثر فعالية في تشكيل سلوكه وقيمه وطرق تفكيره.