إن ما يحدث في هذا العصر ولكل أسف هو كثرة التهجم على علمائنا الأعلام حفظ الله الباقين وقدس الله أرواح الماضين، ويحصل هذا التهجم عبر وسائل كثيرة منها الفضائيات وشبكات الإنترنت، والصحف، وغيرها.
أما التهجمات العلنية من قبل الجهات التكفيرية والتي تصرح حقدها على علمائنا بكل وقاحة، فحدث ولا حرج.
أما ما يحصل في حديث بعض الناس في المجالس. فيأتي التعريض دائماً بـــ (لماذا لا) منها: لماذا لا يقول العالم كذا، أو لماذا لا يفعل كذا، ولماذا لا يبين كذا. ناسياً -هذا القائل- أو متناسياً أنه هو الجاهل الذي يتوجب عليه السؤال، وتحرم عليه الإجابة بما لا يعلم، فقد وضع هذا الشخص القائل: (لماذا لا يقول العالم الفلاني كذا) نفسه أفضل من العالم وأعلم، فلولا هذا الإعتقاد لما تفوه بهذه العبارات الكاشفة عن جهله المطبق.
وقال بعبارته هذه أن فلان العالم ليس بعالم، بل هو محتاج إلى من يعلمه ويرشده ويفقهه. والى غير ذلك من اللوازم الفاسدة. ونسي نفسه أن استحقاقه أنه هو: (جاهل) يتوجب عليه السؤال والمعرفة من العالم. فهو واقع بين نسيان نفسه وتجرئه على من يتوجب عليه سؤاله وهو العالم.
إعلم يا من تتجرأ على العلماء أن إمامنا علي الهادي عليه السلام قال حول علماء زماننا حفظهم الله تعالى:
(لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه، بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل)( 1 )
فنحن ضائعون، ونحن من مصائد شباك إبليس، ونحن من سقط في فخ النواصب، ونحن من إرتد عن دين الله، كل ذلك كنا. نحن المتصفون بالجهل المتوجب علينا السؤال والصمت- كل ذلك كنا ونسينا أنفسنا.
لكن رأف الله بنا أن مَنَّ علينا بالعلماء القائمين بعد غيبته عجل الله فرجه الشريف، الداعين إليه صلوات الله عليه، والذين دلونا إليه. هم من يذب عن دين الله لا نحن الجهلة، هم المنقذين لنا لا نحن، هم القادة لا نحن، هم القائلون لا نحن، هم من يبين الصحيح من الخطأ لا نحن، هم العلماء لا نحن، هم كل خير ونحن العكس.
ونحن نفسُنا من نجهل أركان الصلاة التي نمارسها، ولو عرفناها تلكئنا، ونحن عينُنا من لا يقدر على عد النجاسات والمطهرات، ونحن من يجهل أقسام الإسلام، فكيف بالأمور الخطير، ولا نبالغ لو قلنا أغلبنا يجهل عدد الأئمة الإثني عشر.
وربما يأتي لنا إبليس بمساعدة النفس ويقل لنا -نحن الجهال-: أنت الأفضل، وهذا تكليفك، وعليك إظهار الحق إلى غير ذلك من الأساليب الجهنمية.
لكن الإمام عليه السلام يقول: (أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل)
فليقل إبليس أن فلان أفضل وفلان أعلم لكنهم ليسوا كذلك عند الله.
نعم يمكن التخلص من الجهل بالدافع الموجود في أنفسنا والذي مَنَّ الله علينا به وهو محبة التعلم وإظهار الحق، لكن لابد أن يكون بتوجيه وتعليم (الأفضلون عند الله عز وجل) وهم العلماء الداعين إلى الإمام المهدي عليه السلام، والدالين له، والذابين عن دينه لحجج الله، الحارسين لنا نحن الضعفاء، فأزمة قلوبنا لا تقع ولا تضل بأيديهم لكن بأيدي غيرهم كنا أعداء الله تعالى.
اللهم وفقنا لإتباع من أوجبت علينا إتباعهم وهم الأفضلون عندك وهم العلماء أعزهم الله.