في الصباح يجلس وحيدا على ضفة النهر يراقب الشمس وهي تطلع من بين سعفات النخيل واشجار الصفصاف .
تمر عليه نسمة باردة تلامس تجاعيد وجهه التي رسمتها ايام البؤس والشقاء وتوقض في مفاصل قدميه تعب السنين وتأن مفاصله الما فيصرخ فيها اصمتي لا تفضحيني. ويرفع رأسه الى اعلى محاولا ان يقيم فقرات ضهره التي حناها الزمن .
تلف حوله النسمة الباردة وهي ترتجف فتقول ماأبردك يا صاحبي تجلس هاهنا صامتا وعيناك ترنو الى الافق البعيد وفي قلبك الم يفتت الصم الصياخيد وفي ضهرك سكاكين الاصحاب لازالت منغرزة .
عجبا الم يكسر عودك غدر الاحباب وخيبات املك واحدة تلو الاخرى . عجبا اما يدمع عينيك ان ترى اياما ضاعت سدى . اما يحزنك ان الريح كانت دوما تدفع سفينتك الى لجج البحار وتلاطم الامواج . ما أقسى قلبك جردتك السنين من كل ما أحببت ولم تبقي لك سوى الم الذكريات... بل ذكريات الالم وانت لازالت الابتسامة لا تفارق وجهك وكأنها جزء من هذا الوجه الذي اسمرته شمس الصيف .
ازاح بوجهه الى الجهة الاخرى . التفت حوله النسمة صارخة كفاك ... كفاك اركع اخضع فان الدنيا بغير خضوعك لاتقنع .
تبسم ضاحكا من قولها ونهض قائما .
عندئذ غادرت نحو الحقول وهي تصفر وتقول اه كم انت عنيد !!