اتهمت وزارة الهجرة والمهجرين عددا من الدول العربية باتباع أساليب التسويف والتضليل في عملية تدقيق واحصاء المهاجرين العراقيين لديها للحصول على أموال وامتيازات اضافية، مؤكدة ان تلك الدول تدرج التجار والصناعيين والأطباء وغيرهم المقيمين فيها ضمن قوائم المهاجرين.
وقال الوكيل الاقدم لوزارة الهجرة أصغر عبد الرزاق الموسوي في لقاء خاص بـ"الصباح": ان بعض الدول العربية لا تزود الوزارة او المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالاحصائيات الصحيحة عن اعداد العراقيين اللاجئين لديها، وتعد كل عراقي مقيم فيها لاجئا حتى ان كان تواجده نافعا لتلك الدول.
وبين ان العراق شارك باجتماعات الدورة 62 للجنة التنفيذية لبرنامج المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة بوفد ترأسته وزارة الهجرة الذي عقد خلال الشهر الجاري، الى جانب نحو 90 دولة من الدول المنضمة الى اتفاقية 1959 الخاصة بتنظيم اوضاع اللجوء والهجرة ومناطق التوتر.
وذكر ان الاردن كانت مصرة خلال الاجتماعات على ان هناك حاجة قائمة لاعادة النظر في قضية اثبات وجود اكثر من 700 الف لاجئ عراقي لديها بحسب ما ذكر ممثلها، "وهو رقم مبالغ به"، مبينا ان تقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تفيد بأن عدد العراقيين اللاجئين في الاردن لا يزيد على 33 الف لاجئ مسجل لدى المفوضية رسمياً.
واوضح ان الاردن ودولا اخرى تعد كل عراقي يقيم فيها سواء للعلاج الطبي او السياحة او كان طالبا او تاجرا او صناعيا او من الكفاءات العلمية، بأنهم لاجئون يشكلون عبئاً على المجتمع، مؤكدا ان المستويات الاقتصادية لمعظم العراقيين المقيمين في الاردن جيدة والبعض منهم من أصحاب رؤوس الاموال وهم بذلك يشكلون عاملا مساعدا للاقتصاد الاردني.
وتابع بالقول: ان الوزارة لا تمتلك احصائيات باعداد العراقيين اللاجئين في الاردن "بل ان الاردن ترفض حتى مساعدة الوزارة بإحصاء اعداد العراقيين المقيمين فيها، والحال نفسه تنطبق على سوريا ولبنان".
وعد الموسوي عرض مثل تلك الارقام غير الدقيقة لاسيما خلال الاجتماعات التي تعقدها اللجنة والاشارة الى الفقرة المضافة في العام 2007 والتي تصف العراقيين المقيمين في الخارج بأنهم يتسببون باثار سلبية للدول المضيفة، لا يخدم توجهات الحكومة العراقية لانهاء هذا الملف، لافتا الى ان الاردن باصرارها هذا تخالف التوجه الدولي المؤيد لخطط العراق بانهاء ملف النزوح.
وافاد وكيل الوزارة بأن مؤتمر العام الحالي تميز بكثرة الدول المشاركة بوفود رفيعة، وتم خلاله استعراض عمل اللجان في المفوضية خلال العامين الحالي والمقبل، مشيرا الى ان الوفد العراقي استعرض بدوره برامج الحكومة وخططها لحل مشكلة ملف النزوح الداخلي ومعالجة الاثار المترتبة عليه، وكذلك ملف اللجوء والهجرة.
واكد ان ما طرحه الوفد العراقي لقي صدى ايجابيا كبيرا وتم عقد مشاورات واجتماعات تمخضت عن زيارة المفوض السامي الى العراق ولقائه برئيس الوزراء نوري المالكي للاطلاع على اليات خطة انهاء هذين الملفين، مبينا ان تقارير المفوض السامي بخصوص الميزانيات البرنامجية والادارة والرقابة والاشراف كانت ايجابية جداً.وقال وكيل الوزارة: ان اهم النقاط التي وردت في تقارير المفوض السامي هو ان ستراتيجيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ستكون داعمة لستراتيجية العراق في معالجة النزوح، من خلال تحويل عمليات التدخل لصالح العراقيين اللاجئين من بلدان اللجوء الى التركيز على الداخل العراقي لايجاد الحلول المستدامة لاوضاع النازحين وتكثيف الجهود لايجاد حلول لازمة للاشخاص الذين تعنى بهم المفوضية السامية لاسيما حلول السكن للنازحين.
واضاف ان من الامور الجيدة ايضا في التقرير هو ثناء الوفود المشاركة على الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لتلبية احتياجات النازحين داخل البلاد وعمليات اعادة التوطين المتواصلة، لافتا الى ان هذه التقارير تشير الى تغير النظرة الدولية تجاه العراق بخصوص ملف المهجرين والمهاجرين.
وذكر الموسوي ان وزارة المهجرين اعدت خطةً ترتكز بالدرجة الاساس على المعايير الدولية لانهاء ملف النزوح الداخلي، تراعي الجوانب القانونية والامنية والاقتصادية والخدمية، موضحا انها تضمنت زيادة منحة المهجرين العائدين الى مناطق سكناهم الاصلية الى اربعة ملايين دينار، مؤكدا ان الخطة اسهمت بعودة 130 الف نازح خلال الاشهر الاربعة الماضية.
وبشأن دعوات بعض الدول الاوروبية لابعاد اللاجئين العراقيين، ومدى مسؤولية الحكومة العراقية عن هذه الدعوات، اشار الموسوي الى ان الوزارة على اتصال وتواصل دائم مع تلك الدول والمنظمات العالمية للعمل على تشجيع العودة الطوعية وعدم الضغط على اللاجئ، موضحا ان هناك آليات معمول بها بهذا الخصوص تلتزم بها الدول الاوروبية.
واستدرك بأن حالات الابعاد القسري للعراقيين في بعض الدول يكون سببها مخالفة اللاجئ لقوانين الدولة التي يقيم فيها او ارتكابه جريمة او جنحة، "وهذا اجراء من حق الدول العمل به وليس للحكومة العراقية التدخل فيه، فكما ان القانون العراقي يرفض منح اللجوء الى المثيل الجنسي كذلك لكل دولة قوانينها التي قد يخالفها البعض".وبخصوص قيام السويد بإبعاد عدد من العراقيين، اوضح انه اما ان تكون السويد رفضت قبول لجوئهم اليها او لكونهم ارتكبوا مخالفات قانونية يصعب معها تدخل الحكومة العراقية، مؤكدا في الوقت نفسه ان الحكومة العراقية لن تترك رعاياها وسيتم اعداد برامج اندماج ومساعدات لهم، بحسب ما ذكر.
وفي ما يتعلق بعودة الكفاءات العراقية، افاد الموسوي بأن أمر مجلس الوزراء المرقم 441 وكذلك الملحق بهذا الامر، فتح الباب امام عودة الكفاءات وسمح لهم بجلب الاثاث والسيارة وتوفير فرصة العمل في الدوائر وحسب الحاجة لاختصاصاتهم والسكن الملائم.
وبين ان الجاليات العراقية ابدت تعاونا كبيرا مع الوزارة سواء بعودة عدد من الكفاءات الى البلاد او التواصل مع من لا يستطيعون العودة بسبب ارتباطاتهم للافادة من خبراتهم، مشيرا الى ان العديد من الافكار طرحت بهذا الخصوص من بينها برامج الاستاذ الزائر او الطبيب الزائر ويتضمن زيارة لعدة اسابيع من قبل الاساتذة لالقاء محاضرات في الجامعات او اجراء عمليات جراحية بالنسبة للاطباء.
من جانب اخر، اكد الموسوي حاجة وزارة الهجرة والمهجرين الى زيادة ميزانيتها السنوية، مبينا ان الخطة التنفيذية التي اعدتها الوزارة لانهاء ملف النزوح سقفها الادنى لا يقل عن 300 مليار دينار، ولكن لم تتم المصادقة الا على 200 مليار دينار، وهو ما اضطر الوزارة الى العمل بحدود هذا المبلغ.
ولفت الى ان الوزارة مقبلة على برامج الاندماج التي تشمل توفير فرص العمل والدراسة وتقديم الخدمات للعائلات العائدة الى مناطق سكناها وضمان امنها واستقرارها، ومتابعة اوضاعها لغاية العام 2014، وهو ما يتطلب ميزانية استثنائية، مشيرا الى انه بعد الانتهاء من ذلك ستتوجه الوزارة الى عملها الطبيعي وهو متابعة العراقيين المهاجرين، لاسيما بعد قرار مجلس الوزراء الذي يمكن الوزارة من فتح مكاتب او شعب لها في عدد من الدول.
واختتم حديثه بالقول: ان الوزارة بحاجة ايضا الى اعادة النظر بقانونها بما يمكنها والحكومة العراقية من ادارة ملفات الهجرة بشكل صحيح على وفق سـياسة واضحة وستراتيجية عملية.