بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين .
العِشْق، هذه الكلمة التي طالما طرقت أسماعنا من قِبَلْ كثير من الشعراء في قصائدهم، وجرت على ألسن بعض خطباء المنبر الحسيني، وحتى بعض العلماء، وطالما قرأناها في الكتب الأسلامية، وهم يُطلقونها على الله وعلى أوليائِه المعصومين عليهم السلام ، تعبيراً عن فرط حبهم لله ولأوليائه، ظناً منهم بأنها تزيدهم قُرباً إلى الله وإلى أوليائه، غير مُلتفتين إلى ما تحمله هذه الكلمة من إشكال، بسبب غياب المعنى الحقيقي لهذه الكلمة عن الأذهان وعدم النظر في روايات المعصومين عليهم السلام التي ورد فيها ذِكْر هذه الكلمة، ثم انتقل هذا الأمر الى عامة الناس الذين دأبوا على اقتفاء أثر العلماء والخطباء والإقتباس منهم ، فأصبحوا يرددون كلمة العشق وما يشتق منها في بيان حبهم للأئمة المعصومين.
وبعد البحث الدقيق في روايات أهل البيت عليهم السلام وجدت أن الأئمة عليهم السلام يذكرون هذه الكلمة في موضع الذم ولايستخدمونها في العلاقة بين العبد وربه ويعبرون عنها بالمرض الذي يصيب العبد ( كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : مَنْ عَشَقَ شَيْئاً أَعْشى بَصَرَهُ، وَأَمْرَضَ قَلْبَهُ، فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَينٍ غَيرِ صَحيحَةٍ، وَيَسْمَعُ بأذُنٍ غَيرِ سميعَةٍ ، قَدْ خَرَقَتِ الشَهَواتِ عَقْلَهُ ، وَأَماتَتِ الدُّنيا قَلْبَهُ) ويذكرونها فقط في العلاقة بين الزوج وزوجته كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها ، وحسن خلقه معها ، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها، ولا غنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال وهُنّ : صيانة نفسها عن كل دنس حتى يطمئن قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب والمكروه، وحياطته ليكون ذلك عاطفا عليها عند زلة تكون منها، وإظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه) .
فذكر العشق بين الزوجين لاإشكال فيه هنا ، أما استخدامها مع الله ومع المعصومين عليهم السلام ففيه اشكال لدخول الشهوة في معناها اللغوي والعرفي كما بيّن العلماء ذلك .
منقول