الغناء
نشر الأخ حيدر بصراوي موضوع (الدليل القاطع ان سماع الاغاني حرام)
فهو مشكور وموفق على نشر مثل هذا البحث.
وأحب ان اضيف له بحث في تحريم الغناء منقول من كتاب (تفسير الأمثل في كتاب الله المنزل) للشيخ ناصر مكارم الشيرازي
قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)
لا شكّ في أنّ الغناء بصورة إجمالية حرام على المشهور بين علماء الشيعة، وتصل هذه الشهرة إلى حدّ الإجماع.
وأكّد كثير من علماء أهل السنّة على هذه الحرمة، وإن كان بعضهم قد استثنوا بعض الاُمور، وربّما لا يُعدّ بعضها إستثناءً في الحقيقة، بل تعتبر خارجة عن موضوع الغناء، أو كما يقال: خارج تخصّصاً.
يقول «القرطبي» في ذيل الآيات مورد البحث في هذا الباب: «وهو الغناء المعتاد عند المشتهرين به، الذي يحرّك النفوس ويبعثها على الهوى والغزل، والمجون الذي يحرّك الساكن ويبعث الكامن، فهذا النوع إذا كان في شعر يُشبّب فيه بذكر النساء ووصف محاسنهن وذكر الخمور والمحرّمات لا يختلف في تحريمه، لأنّه اللهو والغناء المذموم بالإتّفاق، فامّا ما سلم من ذلك فيجوز القليل منه في أوقات الفرح، كالعرس والعيد وعند التنشيط على الأعمال الشاقّة كما كان في حفر الخندق وحدو أنجشة وسلمة بن الأكوع، فامّا ما إبتدعته الصوفية اليوم من الإدمان على سماع الأغاني بالآلات المطربة من الشبابات والطار والمعازف والأوتار فحرام».
إنّ ما ذكره القرطبي وبيّنه كاستثناء، من قبيل الحداء للإبل، أو الأشعار الخاصّة التي كان يقرؤها المسلمون أثناء حفر الخندق، يحتمل قويّاً أنّه لم يكن من الغناء أساساً، فهو شبيه بالأشعار التي يقرؤها جماعة بلحن خاصّ في المسيرات أو مجالس الفرح ومجالس العزاء الدينيّة.
وفي أيدينا أدلّة كثيرة على تحريم الغناء في المصادر الإسلامية، ومن جملتها الآية أعلاه: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) وبعض آيات اُخر من القرآن التي تنطبق ـ على الأقلّ طبق الروايات الواردة في تفسير هذه الآيات ـ على الغناء، أو أنّ الغناء اعتُبر من مصاديقها:
ففي حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير آية: (واجتنبوا قول الزور) قال: «قول الزور الغناء»
وعنه (عليه السلام) في تفسير الآية: (والذين لا يشهدون الزور) قال: «الغناء».
وقد رويت في تفسير هذه الآية روايات عديدة عن الإمام الباقر والصادق والرضا (عليهم السلام) أوضحوا فيها أنّ أحد مصاديق لهو الحديث الموجب للعذاب المهين هو «الغناء».
إضافةً إلى هذا فإنّه تلاحظ في المصادر الإسلامية روايات كثيرة اُخرى ـ عدا ما ورد في تفسير الآيات ـ تبيّن تحريم الغناء بصورة مؤكّدة:
ففي حديث مروي عن جابر بن عبدالله، عن النّبي (صلى الله عليه وآله): «كان إبليس أوّل من تغنّى».
وجاء في حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام): «بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، ولا تجاب فيه الدعوة، ولا يدخله الملك».
وفي حديث آخر عنه (عليه السلام): «الغناء يورث النفاق، ويعقب الفقر».
وفي حديث آخر عن الصادق (عليه السلام): «المغنّية ملعونة، ومن أدّاها ملعون، وآكل كسبها ملعون».
وقد نقلت روايات كثيرة في هذا المجال في كتب أهل السنّة المعروفة أيضاً، ومن جملتها الرواية التي نقلها في (الدرّ المنثور) عن جماعة كثيرة من المحدّثين، عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، أنّه قال: «لا يحلّ تعليم المغنّيات ولا بيعهنّ، وأثمانهنّ حرام».
ونقل نظير هذا المعنى كاتب (التاج) عن الترمذي والإمام أحمد.
ويروي ابن مسعود عن النّبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل».
وبالجملة، فإنّ الرّوايات الواردة في هذا الباب كثيرة جدّاً بحيث تصل إلى حدّ التواتر، ولهذا فإنّ أكثر علماء الإسلام قد أفتوا بالحرمة، علاوةً على علماء الشيعة، الذين يتّفقون بالرأي في هذا الموضوع تقريباً، وقد نقل تحريمه عن أبي حنيفة
أيضاً، وعندما سألوا «أحمد» ـ إمام السنّة المعروف ـ عن الغناء قال: ينبت النفاق.
وقال «مالك» ـ إمام أهل السنّة المعروف ـ مجيباً عن هذا السؤال: يفعله الفسّاق.
وصرّح «الشافعي» بأنّ شهادة أصحاب الغناء غير مقبولة، وهذا بنفسه دليل على فسق هؤلاء.
ونقل عن أصحاب الشافعي أيضاً أنّهم اعتبروا فتوى الشافعي تحريماً، على خلاف ما اعتقده البعض.
والحمد لله رب العالمين.