وملكة جمال الكون ، هي الجمال ، هي الحُسن ، الفتنة والإغراء ، الحنان والعطف والدفء والأمان ، هي
نبع أمان ، نهر حنان يتدفق ويتدفق وهي شلالات تنهمر سعادة ، أمطاراً تهطل حبّاً ووداداً ، هي لذّة الغرام
ونشوة الغرام وسكرة الغرام وإنتشاء عاشق ، هي الحبيبة التي تقول عمري لك وأيامي لك وحياتي بين يديك
هبةً ومنحةً وهديةً لا تريد مقابل ولا تطلب الجزاء ، تريد أن تكون سعيداً مُستبشراً راضياً هنيئاً بحياتك ،
تبكي لأجلك وتفرح لك وتسعد لك وهي كلها لك أنت ولوحدك أنت ، تُحارب العالم بجنودهـ لحمايتك ،
حصنك ودارك ومنزلك وواحتك ،
غيمة حبّ ، سحائب رحمة تُزيّن سماءك ليصفو لك الأفق بها وتصفو الحياة ، سهرت الليال الطوال لرعايتك
وستسهر وتسهر وتُكابد لأجلك حتى آخر ريومٍ من عمرها وهي تقول أنت الأغلى عندي ،
هل عرفتم يا سادة يا كرام من هي ملكة جمال الكون ؟
هي أمّي ،
أمّ كل واحدٍ وواحدةٍ منّا هنا ، هي الأمّ حفظ الله لنا أمّهاتنا ،
قال تعالى ( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير)
وكثيرة هي الآيات الدّالة على عِظم حق الوالدين والأمّ خصوصاً محور طرحي هذا ، ولكن ذكرت الآية هذهـ
لأن بها كلمة وهن ، تشرح شرحا كافياً وافياً الحمل وام تعانيهـ الأمّ في حملها والرضاع حتى الفطام وما يتبعهـ
من تربية ورعاية ،
هي الأمّ تلك التي تراك طفلها المُدلّل الذي تضمّهـ على صدرها ورضيعها الذي ترضعهـ وتراقب تقاسيم
وجهك وتنظر إلى نظرات عينيك وتتأمل بك ولك مستقبلاً زاهر مُشرقاً لك أنت ولوحدك أنت فقط ، وهي لا
تريد منك شيئاً سوى أن تكون سعيداً ،
هي الحبيبة التي تُضحّي ومتسعدة أن تُضحي بعمرها لأجلك دون تفكير ، لو عمرها يساوي لحظة سعادة
لضحّت ولم تسل ،
يا الله ،
هي العاشقة التي تعطي بلا مقابل ، تعشقك وتراك بلا عيوب ، تراك ملكاً تراك أمير الزمان والمكان وتراك
الفارس المغوار ، هي العاشقة التي أضناها السهر ولم تشتكي وألمّ بها الفقد حين تغيب عنها لحظات
فقط وتنسى الأمل حين تراك داخلاً سليماً ،
أمّي وأمّي وأمّي ،
سيدنا رسولنا ونبينا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام بأبّي هو وأمّي والذي ذاق كأس اليُتم صغيراً
كان يُكرم الشيماء أختهـ من الرضاع إكراماً لحليمة السعدية مُرضعتهـ ، وأكرم بني سعدٍ لأجلها ، وكان
يحبً سعداً ابن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف كونهما من بني زهرة خوالهـ ، وبقلبهـ الطاهر مكانة لهما
لأجل ذلك وهي من إيمانها بالإسلام قبلاً ، ولكن هو قلب اليتيم الذي فقد أمّهـ صغيراً وبكى فبكت جبال الأبواء
لبكائهـ ،
أمّك ثمّ أمّك ثمّ أمّك ، قالها عليه الصلاة والسلام مُجيبا سائلا عن أحقّ الناس بحُسن صحبتهـ ،
خاصمت ليلى العامرية مجنونها ذات يوم فأنكرت عليهـ عشقهـ ، وكذلك فعلت عزّة بكُثيّر ،
إلا الأمّ ، لو كان ابنها عاقّا بالغاً أعتى الدرجات تراهـ مُحسنا جميلا بارّاً بها ، تحلم عليهـ وتعطف وترحمهـ
وتريد لهـ الخير ،