"القز" هو الحرير الذي تستخرج خيوطه "خيوط الابريسم" من دودة القز التي تعيش على اشجار التوت بعد ان تمضي اياما تتغذى على اوراقها لتكون في النهاية لعاباً افرزته بعد ان حفر وتشرنق.
والقزاز هو بائع القز او خيوط البريسم التي تستعمل لمختلف الاغراض كنسيج عباءات النساء السوداء من الصوف والحرير كذلك نسج الفوطة وهي قطعة منسوجة من خيوط البريسم والتي تصبح بعد نسجها باللون الاسود لتستعمل من قبل النساء لتغطية الرأس والعنق والصدر، كذلك نسج عباءات الرجال بانواعها المختلفة.
بالات
الحاج خالد محمد القزاز( 71 عاما) يستذكر سوق القزازين في بغداد والذي يعد اقدم الاسواق فيها حيث قال:
لقد طوت الايام هذه السوق فقد كان لأبي محل في الاربعينيات من القرن الماضي بعد ان ترك مدينته الموصل ليسكن في منطقة الميدان القريبة من السوق، فقد كان الحرير وخيوط البريسم مستوردة من الصين على شكل بالات، ثم تباع على القزازين الذين كانوا يمررونها بعدة مراحل ومنها السلق والصبغ والفتل لتصفيتها لمختلف الحاجات والاغراض فقد اختص والدي بتطريز"الجراغد" وهو غطاء نسائي اسود اللون لينتهي بشراشب من خيوط البريسم، واحيانا بخيوط"الفنطازي" ليسترسل على جبين المرأة ليزيدها جمالاً وحسناً
ويمضي الحاج متابعاً:
والفنطازي نوع غير البريسم مستورد من ايطاليا فتفتل رصاتها ثم تصبح جاهزة وهي خيوط ذهبية وفضية من الكلبدون الاصفر والابيض ، يباع بالمثقال وسعره ارخص من سعر البريسم وقد اعتاد القزازون من جميع مدن العراق على المجيء الى بغداد لشراء مختلف مصنوعات البريسم والكلبدون.
كما اشتهر والدي اضافة الى الجرغد في صناعة"العقال العربي"
والذي يصنع من خيوط الماعز الاسود المستخلصة من شعر الماعز ليصبغ بعد ذلك لتظهر شعيراته لتمنحه مظهراً جميلاً.
كذلك صناعة العقال الحلبي والعقال الموصلي والعقال الدرجة الذي يتميز بطول شعيراته وكثافة لمعانها.
ويمضي الحاج مستذكراً تاريخ مهنة القزازة وانحسارها منــذ عقد الستينيات حيث قال:
بدأت بممارسة هذه المهنة منذ نهاية القرن التاسع عشر حيث كان القزازون الاوائل ينتشرون في سوق القزازين وسوق الخصــافين حيث تزان محلاتهم بـ "الصجفات" وهي اشرطة تنسج من خيوط القز.
كما كانت محلاتهم التي لم يبق منها أي اثر ، الان مليئة بالخيوط مثل خيط القز، والغـــزلة من الصوف وخيط الحرير وخيط السرمة وهو الكلبدون وكان غالي الثمن وخيط اللــولة وخيط التخسيف وخيط الخرج الذي يعمل بــديلاً عن الازرار في صنع دشداشة غالية الثمن.
حلي كاذب
وعن العلاقات بين مختلف الطبقات في سوق القزازين قال:
لقد كانت المحبة هي القاسم المشترك بينهما كذلك الاحترام المتبادل بينهم على علاقات جيدة مع غيرهم من المهن التي لها علاقة بمهنة القزازة مثل الفتالين والصباغين.
ويتحسر الحاج خالد متابعاً، هذه المهنة التي كان لها فرسانها في بغداد وفي الموصل لم يعد يتذكرها احد بعد ان امتلأت اسواق بغداد الكبيرة والصغيرة بانواع غريبة من الملابس والاكسسوارات المخصصة للمرأة واغلبها من الحلي الكاذب رخيص الثمن.
كذلك ان بعض هذه الملابس لا تعيش طويلاً بسبب ان صناعتها تجارية وخاصة الملابس المستوردة من الصين وشرق آسيا فقد ذهب بعيداً الحرير الاسطوري وماتت دودة القــز التي كانت تضع لمساتها من النقش والتطريز فوق جبين النساء.
كاظم لازم
منقول