أنا لست بشاعرة ولا بناقدة أدبية ؛ لكنني أقولها بكل تواضع أعتبر نفسي متذوقة للشعر .. بين يدي تراتيل مؤجلة للشاعر المتألق د.عصام البرام..؛ التي صدرت عن الحضارة للنشر الطبعة الثانية ..؛ تلمست بأناملي نمنمات حروفه المنمقة فتسلل الى داخلي مزيج من مشاعر الشجن ؛ الشوق والحنين ؛ ألم ؛حب ولوعة ؛ ألم الفراق والوداع وأمل اللقاء ؛ حنين الى الأم الوطن وذكريات الطفولة ؛ شوق لملاقاة حبيبته القابعة بين ثنايا قلبه المفرغ من الهواء ففي قصيدته الجميلة (الأزمنة المجهولة)؛
مفرغ قلبي من الهواء
وامرأتي مثل تفاحة
تتشظى فيها
خطايا الغروب
مفرغ قلبي
وتعوى فيه الكراسي المظلمة
بحثآ ؛عن كراسي الحب...؛
بهذه الصورة المؤلمة يصف الشاعر والألم يعتصر قلبه على حبيبته بغداد .. الحب والعشق الأزلي الذي لم يولد بعد ؛ حبيبته التي ظلت طريقها في حروب دامية ؛ تسربت حبيبته من بين يديه كالرمل من بين الأصابع ..؛في سنوات الحرب تاه الحب في أزقة بغداد العتيقة والمعتقة ؛ وبقيت الذكرى المؤلمة ؛في كل صورة من صوره الشعرية تتجلى بوضوح كرهه الشديد للحرب ؛ لقد أجاد الشاعر في تصوير معاناته وحالة الأغتراب الذي يعيشها وهو في وطنه .. الحرب ؛ الدم ؛ الفاجعة ؛ الخراب والرماد ؛ أوجعتني مفرداته وهذا ما لمسته في قصيدته
( وطنُ وقنديلُ وقربان)؛
مدينة أطرافها النخيل وأشجار من الدم
مدينة .. تسكنها الأشباح والجنون
وأفواه ليس لها رسم من الأحداث
غير اللهو .. بمحراب الوطن
لكنه لا ينسى حبه الأول وأمله في لقاء حبيبته في أزقة بغداد المعفرة برائحة ترابها المميز ؛تفنن الشاعر البرام في أنتقاءه للمفردات الشعرية ومتضاداتها وتناقضاتها .. كتناقضات جغرافيه العراق .. العراق جريح والخنجر المسموم مغروس في الخاصرة ..؛هذا ما نجدة في قصيدة
(زفير الحب)
كل نساء العالم ؛تسكن ؛
في واحة صدري ؛
ألا امرأة ؛يسكنها الحب ؛
ألا عاشقة ؛يسكنها العشق ؛
فتقتله
وأنا رجل ...الا يعرف من دمه!
ألا
صوت زفير الحب
تراتيل مؤجلة تحتوي على ثلاثون نصآ شعريآ؛ حيث يتألق الشاعرعصام البرام بشفافية روحه بأن جسده في القاهرة ؛ روحه ونبض قلبه يخفق لبغداد عيونه ترنوا الى غد عراق أفضل .. فهو دائم الحنين الى ذكرياته في بغداد الأزل ..حبه الأفلاطوني الذي جسّده في قصيدة ( غدآ لكِ ولي)؛
سأقطع السلم الموسيقي الذي وهبني روحك البهية
وأعزف بصمت صوفي؛
بلا غناء ولا تراتيل؛
سوى الغزل الذي يشاطرني تأريخ بغداد
هذا المزج الجميل ؛ والحب العذري لبغداد الذي تسكنه ويجري في عروقه ختم الشاعر الشاعري البرام مجموعته المميزة
قصيده بعنوان (الرسم بالذاكرة )؛
هي الرغبة والشكوى؛
هي.. الليل ودقات قلبه الآسنة قبل الأفول
هي .. أنثاي مثل وجه الشمس ؛تقرأ في صدري زفراتها
وبراءة ضيائها ولغتها التي تلفظ الفجر
قبل فجره .؛
يا له من وصف دقيق لِما يختلج في النفس التواقه للحب الأنساني ؛أنثاه .. واضحة .. دافئة .. ساطعة ؛ كوجه الشمس التي تلفظ ضبابية الفجر ..؛شكرآ لك يا أيها البرام ؛ جعلتني أبرم بغداد بكل أزقتها مع قصائدك الشجية كلماتك تفيض حبآ وحنينآ .. لقد راقصت المفردات البلاغية ما بين أناملك وقلمك الذهبي ..؛كنت رائعآ ومبدعآ في العزف على أوتار قلوبنا المعذبة ؛ المحبة .. والعاشقة للوطن وللذكريات ..؛دمت مبدعآ وعلمآ من أعلام الثقافة العراقية المميزين والحقيقيين ..؛هذه قراءة متواضعة لِما أحسسته من خلال حب ووجع الدكتور عصام البرام الذي لامس وجداني ..؛ أتمنى أكون قد وفقت الى حدٍ ما ويبقى المعنى في قلب الشاعر..؛ وليعذرني الأستاذ البرام أن أخطأت في قراءتي .. ؛
يسرا القيسي