الثلاثاء 06 جمادى الأولى 1431هـ - 20 أبريل 2010م
دوافع التمرد لاتزال قائمة والمصالحة هي الحل مقتل "المصري" و"البغدادي" خطوة نحو القضاء على القاعدة في العراق
المالكي يمسك بصورة للبغدادي
بغداد- رويترز
وجه مقتل زعيمي القاعدة في العراق لطمة عنيفة لتمرد الإسلاميين الآخذ في الضعف وعزز مركز رئيس الوزراء نوري المالكي في مسعاه لحشد التأييد اللازم لتشكيل ائتلاف جديد.
وقتل أبو أيوب المصري زعيم تنظيم القاعدة في العراق وأبو عمر البغدادي الذي يعتقد انه رئيس تنظيم دولة العراق الاسلامية المرتبط بالقاعدة في عملية مشتركة لقوات الأمن العراقية والقوات الامريكية يوم الأحد.
وأعلن المالكي الذي يتفاوض مع عدة أحزاب حتى يمكنه الاحتفاظ بمنصبه بعد الانتخابات العامة غير الحاسمة نبأ موتهما بنفسه وسيحاول الاستفادة من هذا التقدم في محاربة القاعدة في العراق. غير أن العامل الحاسم بالنسبة لاستقرار العراق في المستقبل هو نتيجة محادثات الائتلاف وما اذا كانت ستسفر عن تشكيل حكومة قادرة على تخفيف التوتر الطائفي وليس الاستمرار في محاربة فلول التمرد الإسلامي.
وقد يتشكك كثير من العراقيين في حقيقة مقتل المصري والبغدادي فقد تبين في بعض الأحيان خطأ مزاعم الحكومة السابقة أنها قتلت بعض أعضاء القاعدة القياديين أو اعتقلتهم لكن هذه المرة أدلى نائب الرئيس الامريكي جو بايدن بتصريح قال فيه إن "موتهما قد يكون ضربة قاصمة للقاعدة في العراق".
وكان المسؤولون الأمريكيون يميلون إلى لزوم الصمت في المرات التي أدلت فيها الحكومة العراقية بمزاعم خاطئة في الماضي.
أهو مسمار في نعش القاعدة؟
بايدن يعقب على مقتل قائدي القاعدة في العراق
انحسر التمرد الذي تقوده القاعدة على مدة العامين الأخيرين بعد أن انقلب زعماء العشائر السنية على الجماعة المتشددة وتحالفوا مع الجيش الأمريكي، كذلك كان من نتيجة زيادة أعداد القوات الامريكية وتزايد قدرات قوات الأمن العراقية التي تضم الآن زهاء 670 ألف جندي وبات المتمردون الاسلاميون في وضع دفاعي، واقتصرت أنشطة القاعدة إلى حد بعيد على محافظة نينوى في الشمال والامتداد الحضاري لمدينة بغداد.
ولعل حكومة المالكي التي يقودها الشيعة تأمل أن يدق القضاء على المصري الذي يعتقد انه أكبر مخطط استراتيجي للمتشددين المسمار الأخير في نعش التمرد.
وقال المتحدث باسم الجيش الأمريكي في العراق الميجر جنرال ستيف لانزا لتلفزيون رويترز في واشنطن "لا يسعني أن أقول إنهم هزموا تماما لكنني أقول لكم الآن
انهم أضعفوا بشدة من خلال الضغط على تلك الشبكة".
غير أن محللين يقولون إن الجماعة ذات تركيب فضفاض، فهي ليست ذات بنية هرمية تعتمد على تسلسل القيادة من أعلى الى أسفل وإنما تتألف من خلايا مستقلة يعمل كل منها وحده وقد لا يكون لقتل زعمائها أثر مباشر يذكر على العمليات الجاري إعدادها.
وقد يكون من الصعب ايجاد من يحل محل المصري لكنه قد لا يكون ذلك صعبا بالنسبة إلى البغدادي.
وكان ضباط المخابرات الأمريكية يعتقدون منذ أمد طويل أن البغدادي ليس فردا واحدا وانما يعتقدون أن اسم "البغدادي" مجرد لقب أعطي لعدد المقاتلين العراقيين الذين أضفي عليهم وضع قيادي في دولة العراق الإسلامية لتبديد أي تصور أن القاعدة في العراق منظمة يقودها أجانب من حيث الأساس.
ومن المحتمل أن تكون القاعدة مبعث الهام كثير من التمرد السني لكنها ليست الجماعة الوحيدة التي تنفذ هجمات في العراق والقت الحكومة اللوم أيضا في التفجيرات الانتحارية على فلول حزب البعث المحظور قائلة إنهم يعملون مع القاعدة على الرغم من أنهم لا يشاطرونها معتقداتها الإسلامية الإصولية.
ومن المحتمل أيضا أن العنف في العراق ولاسيما خلال فترة الفراغ السياسي التي خلقتها انتخابات غير حاسمة ستنفذه فئات تسعى إلى اضعاف المنافسين أو استغلال الرأي العام وسيستمر أيضا العنف الذي تحركه دوافع سياسية.
المصالحة هي الحل
كان معظم عشرات الالاف من العراقيين الذين قتلوا منذ الغزو الأمريكي في عام 2003 ضحايا القتال الطائفي بين الأقلية السنية الذين كانوا يوما يهيمنون على الساحة
السياسية والأغلبية الشيعية الذين صعدوا إلى السلطة بعد سقوط نظام الدكتاتور صدام حسين.
وخفت حدة الاقتتال الطائفي والأن فإن كثيرا من العنف يتركز حول مفجرين انتحاريين من السنة يستهدفون مباني حكومية وسفارات أجنبية وفنادق . ومع أنهم يقتلون المئات فانهم تحولوا إلى حد كبير عن الأهداف السهلة مثل مساجد الشيعة وأسواقهم في المناطق الشيعية .
غير أن الأسباب وراء الحرب الطائفية لا تزال قائمة فالسنة غاضبون لفقدانهم السلطة وتساورهم شكوك عميقة في الحكومة التي يقودها الشيعة اقتناعا منهم بأنها عازمة
على تهميشهم والانحياز إلى جانب إيران الشيعية.
وقد حصل تحالف متعدد الطوائف يقوده رئيس الوزراء السابق إياد علاوي على أكبر عدد من المقاعد في انتخابات السابع من آذار "مارس" بعد الفوز بتأييد واسع من السنة وهو شيعي علماني يعتقد كثير من السنة أنه على الأقل سيشبه صدام في بعض الأمور بمعارضته الطائفية والتدخل من جانب إيران غير أن التكتل الذي يرأسه نوري
المالكي والجماعة الشيعية الرئيسية في البلاد "التحالف الوطني العراقي" قد ينتهي بهما الأمر بتشكيل اتحاد قد يهمش علاوي وسيغضب ذلك السنة وقد يذكي التمرد من جديد سواء أكانت شخصيات مثل المصري والبغدادي ميتة أم على قيد الحياة.
ومن العقبات الرئيسية في طريق قيام تحالف حكومي يهيمن عليه الشيعة هو رفض رجل الدين المعادي لأمريكا مقتدى الصدر حتى الآن لمساندة المالكي في تولي منصب رئيس الوزراء ثانية.
ولا يوجد سبب واضح للاعتقاد أن مقتل المصري والبغدادي سيغير فكر الصدر الذي تسيطر جماعته على نحو 40 في المئة من المقاعد السبعين للتحالف الوطني العراقي
في البرلمان القادم بل أن المنافسين قد يعتبرون المالكي خطرا أشد.
alarabya