بعض الاحاديث الدالة على إيمانه
"قال المؤلف" هذه الاحاديث الثلاثة تثبت مطلوبنا و هو أن صلب أبي طالب كان طاهرا كما أن صلب عبد الله والد النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان طاهرا، و بالتأمل في الاحاديث تعرف أن الاحاديث المذكورة حديث واحد، و إن كان رواتها مختلفين، و لكن يد التحريف و الخيانة أثرت فيها فغير و بدل و نقص و زاد عليها ما ليس فيها، هذا و المطلب المهم الذي نحن بصدد إثباته هو أن صلب والد النبي صلى الله عليه و آله و سلم و صلب والد علي عليه السلام كانا طاهرين، و لم يكونا طاهرين لو كانا على ما كانت عليه قريش من عبادة الاصنام، فان صلب عابد الاصنام لا يكون طاهرا لانه مشرك، قال تعالى في كتابه الحكيم "إنما المشركون نجس"، و مما يدل على علو مقام أبي طالب عليه السلام علاوة على إيمانه ما يأتي.
"قال المؤلف": و مما يدل على أن أبا طالب عليه السلام كان مؤمنا برسالة ابن أخيه محمد صلى الله عليه و آله عارفا بمقامه الخطبة التي ألقاها عليه السلام عند تزويجه صلى الله عليه و آله بخديجة عليها السلام و قد خرج ذلك أغلب المؤرخين عند ذكرهم ما جرى في تزويجه بأم المؤمنين خديجة عليها السلام.
"منهم" ابن أبي الحديد الشافعي فقد خرج في شرحه لنهج البلاغة "ج 14 ص 70" طبع ثاني، ما هذا نصه: قال: و خطبة النكاح مشهورة خطبها أبو طالب عند نكاح محمد صلى الله عليه و آله خديجة، و هي، قوله: الحمد الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، و زرع إسماعيل، و جعل لنا بلدا حراما، و بيتا محجوجا، و جعلنا الحكام على الناس، ثم إن محمدا ابن عبد الله أخي، من لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح عليه برأ و فضلا و حزما و عقلا، و رأيا، و نبلا و إن كان في المال قل، فانما المال ظل زائل، و عارية مسترجعة، و له في خديجة بنت خويلد رغبة، و لها فيه مثل ذلك، و ما أحببتم من الصداق فعلي، و له و الله بعد نبأ شائع و خطب جليل "ثم قال ابن أبي الحديد" قالوا، أفتراه، يعلم نبأه الشائع و خطبه الجليل "و هو رسالته و بعثته" ثم يعانده و يكذبه، و هو "أي أبو طالب" من أولي الالباب، هذا سائغ في العقول "ثم قال":
قالوا: و قد روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد "عليهما السلام" إن رسول الله صلى الله عليه و آله، قال: إن أصحاب الكهف أسروا الايمان، و أظهروا الكفر، فآتاهم الله أجرهم مرتين، و إن أبا طالب عليه السلام أسر الايمان و أظهر الشرك، فآتاه الله أجره مرتين.
"قال المؤلف" و مما يدل على رفعة مقام أبي طالب عليه السلام ما بينه النبي الاكرم صلى الله علبه و آله و سلم من أحوال عمه أبي طالب المحترم حيث قال: لما سئل عن أحواله و عما سيفعله معه و يجازيه يوم القيامة فقال كما في "كنز العمال ج 6 ص 229" لعلي المتقي الحنفي، و اسنى المطالب "ص 26" طبع ثاني قال صلى الله عليه و آله: إن لابي طالب عندي رحما سابلها بيلالها "من تاربخ ابن عساكر برواية عمرو بن العاص" قوله: بل رحمه أي وصلها، فهل يجوز للنبي صلى الله عليه و آله أن يصل رحمه المشرك مع ما ورد في القرآن من النهي عن صلة الرحم المؤمن، و هل فرق بين الارحام، فكما أن أبا طالب عليه السلام عمه كذلك أبو لهب "عليه اللعنة" عمه، فهل يوجد سبب للفرق بينهما الايمان، لا و رب المؤمنين.