كان النبي يحب عمه اباطالب
"قال المؤلف": و قال عز من قائل "إن الذين يؤذون الله و رسوله لعنهم الله في الدنيا و الآخرة وأعد لهم عذابا مهينا" سورة "32" الاحزاب آية "57"، "فنقول": فهل يتصور أذية فوق ما نسبوا إلى أبي طالب عم النبي صلى الله عليه و آله من أنه مات على إيمان، و قد ثبت بأمور عديدة أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان يحب عمه أبا طالب حبا شديدا، و كان صلى الله عليه و آله يقول لعقيل ابن عمه عليه السلام: إني أحبك لامرين، الاول إنك مؤمن و الثاني لحب عمي إياك، و لكثرة حبه له سمى العام الذي توفي فيه عمه بعام الحزن.
"في الاستيعاب ج 2 صفحة 509" و ذخائر العقبى "ص 222" و تاريخ الخميس "ج 1 ص 163" و مجمع الزوائد "ج 9 ص 273" و شرح نهج البلاغة "ج 3 ص 312 طبع أول"، و اللفظ لمحب الدين الطبري الشافعي قال: روي أن النبي صلى الله عليه و آله قال له "أي لعقيل": يا أبا يزيد إني أحبك حبين حبا لقرابتك مني، و حبا لما كنت أعلم من حب عمي إياك "ثم قال": خرجه أبو عمر، و البغوي، فهل يمكن أن نقول إن من نزل عليه قوله تعالى: "لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله و لو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم" سورة المجادلة آية "22" و من نزل عليه قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي و عدوكم أوليآء تلقون إليهم بالمودة و قد كفروا بما جاء من الحق" سورة الممتحنة " آية " 60 " و من نزل عليه قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم و إخوانكم أوليآء إن استحبوا الكفر على الايمان، و من يتولهم منكم فاولئك هم الظالمون" سورة التوبة آية "23" و من نزل عليه قوله تعالى "و لو كانوا يؤمنون بالله و النبي و ما أنزل اليه ما اتخذوهم أوليآء" سورة المائدة آية "81".
و هل يقبل عاقل أن النبي الاكرم صلى الله عليه و آله الذي نزلت عليه هذه الآيات المباركات و كان يأمر الناس بالعمل بها هو نفسه لا يعمل بها و كان عمله على خلافها، فأحب عمه أبا طالب مع ما كان عليه على زعم أعدائه من عدم الايمان بإبن أخيه صلى الله عليه و آله و سلم، و عدم قبول ما جاء به، ما كان ذلك أبدا، بل كان صلى الله عليه و آله و سلم يحبه حبا شديدا حيث أنه عليه السلام كان يؤمن به و يعترف بان ما جاء به حق و صدق، و فيه صلاح الدنيا و الآخرة، و قد صرح عليه السلام بذلك في أقواله نثرا و شعرا، و قد مر عليك ذلك فتأمل في معاملات الرسول الاكرم و معاملات وصيه علي بن أبي طالب مع شيخ الابطح، مع ناصر الرسول و حاميه، مع من لولاه لما انتصر الاسلام و عرفه من عرفه في حياته و بعد مماته، و في ما بينه لامته المرحومة في أحوال عمه أبي طالب عليه السلام.
قال ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة "ج 3 ص 311" طبع أول في "ج 14 ص 67" طبع ثاني: فاما الذين قالوا بإسلام أبي طالب أسندوا ذلك إلى خبر رواه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام و هو أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله: قال لي جبرئيل إن الله مشفعك في ستة، بطن حملتك، آمنة بنت وهب، و صلب أنزلك، عبد الله بن عبد المطلب، و حجر كفلك، أبي طالب، و بيت آواك، عبد المطلب، وأخ كان لك في الجاهلية، و ثدي أرضعتك، حليمة بنت أبي ذؤيب "انتهى باختصار".